يجب على المؤسسات التربوية تهيئة المناخ المناسب للأبناء لإخراج كوامنهم الدفينة إلى الواقع وعدم فرض القيود على حرية الطفل فالأوامر المتمثلة «لا تفعل لا تقل» عليه أن يعبر عن ذاته بنفسه بغير رقابة وبغير تربص وكأن الكبار يخشون من أن يستحيل الطفل إلى عات أو جبار أو ديكتاتور فيسارعون إلى إلجامه، فكلما أبدى الطفل اعتراضا أو رفض الانصياع إلى ما يراه الكبار فإنه يرمى عندئذ بوابل من التهديد والتأنيب والتوبيخ، فما على الطفل إلا أن يسلم لهم دون أي مقاومة.
والمدرسة عليها أن تمنح الطفل الانطلاق لخياله كيفما يشاء وهذا خليق بأن يبدع الطفل في حاضره ومستقبله وحريته في الانتقاء من بين الخبرات والبدائل، وحري بالتربية أن توفر المناخ المناسب بالأسرة والمدرسة وفرص التحرر النفسي والاكتشاف فلا يكون هم المدرسة هو حشو المعلومات في أذهان التلاميذ، بل همها الأول تحقيق ذوات الأطفال وتمايزهم بعضهم عن بعض فيكون لكل واحد منهم عالمه الخاص به.
ومنحهم فرص التفكير والإبداع والابتكار وعلى المؤسسات التربوية أن تراعي بعدم الإكثار من التدخل في أعمال الأطفال أو تحديد حركتهم أو إرغامهم على الطاعة لمجرد الطاعة ولا يجوز الاستهزاء والسخرية من الأطفال أو إذ لا لهم أو كبتهم أو تخويفهم والسماح لهم بالتعبير عن انفعالاتهم ولا يجوز اغتصاب ممتلكاتهم أو تخريب أدواتهم كذلك لا يجوز الظهور أمام الأطفال بمظهر الضعف والقلق ولا بمظهر الإهمال وعدم الاهتمام بهم ولا يسمح للطفل بأن يحصل على ما يريد بطريق الصراخ ولا يجب محايلته أو تدليله في هذه الحالة، كذلك يجب أن نضبط أنفسنا قدر الإمكان أمام الأطفال ويجب أن يتعود الاباء الانشراح، لاسيما عند عودتهم من العمل، ولا يجوز استثارة الأطفال لتسليه أنفسنا وإثارة غضبهم بمنع امتياز معين عنهم.
ثم التنازل لهم خوفا منهم أو عليهم ولا نناقش سلوك الطفل مع غيره على مسمع منه ولا إثارة الغيرة بين الأطفال ولا نكثر من المقارنات العلنية بينهم.
ويجب أن يكون الطفل مشغولا في وقت فراغه بنشاط ممتع ومفيد كلعب الأنشطة الرياضية والرسم على كل أنواعه والعزف على آلة موسيقية وغيرها من الأنشطة المفيدة، ولابد أن يكون جو المنزل جو عطف وهدوء وتقدير وعدل وثبات في المعاملة وعند تشاجر الاخوة بعضهم ببعض يجدر بالاباء تركهم يحلون مشكلاتهم بأنفسهم وإذا تدخلوا فليكن تدخلا موجها هادئا خاليا من التميز، وعلى الاباء أن يدرسوا تصرفاتهم مع أبنائهم وأن يصلحوا من أنفسهم أولا وإلا تعذر عليهم إصلاح أبنائهم، فالأعمال الصالحة للوالدين تجلب ثناء حسنا للأبناء من الناس والأعمال السيئة تجلب تعييرا وتوبيخا وتأنيبا من الناس وهذه كلها تؤثر على نفسية الأنباء.
قال الله سبحانه وتعالى (يوصيكم الله في أولادكم) من سورة النساء آية رقم (11).
[email protected]