ذهبت يوما إلى المقبرة أدعو لوالدتي وابن عمي وأعمامي وموتى المسلمين، وأنا أقف على قبر ابن عمي عبدالرحمن العتيبي، مر بجانبي شخص ذو لحية بيضاء فدار نقاش بيني وبينه.
قال: أنا في فترة الثمانينيات كنت أشتغل في الإذاعة، كنت أخرج من البيت ولا أرجع إليه إلا في وقت متأخر من الليل، حتى أتى ذلك اليوم الذي رحلت فيه والدتي عن هذه الدنيا، فحزنت حزنا كبيرا على تقصيري معاها واني لم أوفها حقها، فقررت من ذلك الحين التوبة.
مثل هذا الشخص كثيرون ممن يسوف وينشغل عن والديه وأهله وأبنائه وصلة رحمه بحجة انشغاله بالحياة، ولكن لا يدري كل من ينشغل عن بره بوالديه وصلة رحمه تنزع عنه التوفيق والبركة، ومن يصلهم تحل عليه البركة والتوفيق ويرد الله الموت عنه ببره بوالديه.
في الحديث عن عبدالرحمن بن سمرة قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة بالمدينة، فقام علينا فقال: إني رأيت البارحة عجبا.. رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه».
وقال المولى سبحانه وتعالى (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون).
مهما رأيت في هذه الحياة من انشغالات وملذات لا تكن من المقصرين تجاه الله وتجاه والديك وصلة رحمك، فالله هو الذي خلقك لكي تعبده، فإذا أقمت أوامره وابتعدت عن نواهيه رزقك الله من كل خير وبارك لك، وإذا وصلت أهلك وصلك الله.
قال صلى الله عليه وسلم «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله».
وليس الوصل بمفهوم الناس اليوم أن تصلهم إذا وصلوك وتهجرهم إذا قطعوك، فهذا المكافئ الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها»، الوصل أن تصلهم وإن قطعوك، تكرمهم وإن بخلوا عليك، وتحسن إليهم وإن أساءوا إليك، فخير الناس من خيره لوالديه وأهله.
قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، فمن وصلهم وصله الله ومن قطعهم قطعه الله.
فكيف تريد التوفيق والله لا يصلك؟!
فالقطيعة وعدم صلة الرحم من كبائر الذنوب، قال سبحانه: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
هذه نصيحة لي وللجميع: والداك وأهلك صلهم ولا تقطعهم أبدا.
قال النبي عليه الصلاة: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه».
اجعلهم هم الأولى في كل شيء وسيأتي الله لك كل شيء أنت تتمناه وهو خير لك.
[email protected]
Y_Alotaibii@