تحدثنا في المقالات السابقة عن الأمراض التي تصيب العين، ونواصل الحديث اليوم عن هذه الأمراض فنتحدث عن مرض «انفصال الشبكية»، وهو مرض خطير يحدث عادة نتيجة تمزق في الشبكية، وهو ما يطلق عليه اسم انفصال الشبكية الذاتي «Rhegmatogenous»، وهناك أنواع أخرى من انفصال الشبكية مثل انفصال الشبكية الشدي «traction» وانفصال الشبكية النضجي «Exudative» وفي معظم حالات انفصال الشبكية تتطلب تدخلا علاجيا طارئا.
وقد يسأل سائل: من هم الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بالانفصال الشبكي، ونستطيع أن نقول إن قصار النظر معرضون بدرجة كبيرة له، ومن أصيب سابقا بالانفصال الشبكي في العين الأخرى، وذوي الأقارب ممن أصيبوا سابقا «أب أو أم أو أخوة»، لذا ينبغي اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لأصحاب تلك الحالات.
أما العلامات التحذيرية لهذا المرض فهي ليست بالضرورة إلا أنه في بعض الأحيان يرى المريض أضواء «برق - فلاش» أو خيالات عنكبوت.
أما عن كيفية تجنب الإصابة بهذا المرض، فنقول إن الأطباء غالبا ما ينصحون بتجنب الرياضات العنيفة، أما علاج هذا المرض فإنه علاج جراحي، وتختلف أنواع الجراحة بحسب الحالة، إلا أن الأسلوب الشائع يكون عن طريق إغلاق ولحام قطع الشبكية بالتبريد مع تثبيت قطعة من «كاوتش» السيلكون على الجدار الخارجي للصلبة في مقابل القطع لضم الشبكية إلى المشيمة حيث تلحم معها في غضون أيام قليلة.
أما إذا تكررت الإصابة أو فشلت الجراحة الأولى فلا بأس من إجراء جراحة أخرى أو تكميلية، حيث إن هذا الأمر وارد في بعض الحالات، وقد يناسب الحالة أسلوب معين ربما يصعب التنبؤ به لدى إجراء الجراحة الأولى، وأحيانا قد نضطر إلى إجراء أكثر من جراحتين.
وأخيرا، فإن الدراسات والأبحاث لا تتوقف مطلقا في هذا التخصص الدقيق، وقد يحمل المستقبل تقدما مذهلا في هذا المجال، ففي كل يوم هناك جديد على هيئة أسلوب جراحي مبتكر ومفهوم حديث لطبيعة وأسباب الانفصال من هذا النوع، أو قد يكون الجديد في الاستعانة بمواد كيماوية تؤدي وظيفة «سنادة» للشبكية لإبقائها في مكانها الطبيعي الذي قد يكون بصفة دائمة أو مؤقتة، وهذه المواد تشمل الغازات الممتدة، والسوائل ذات اللزوجة العالية، والأخرى ذات الكثافة العالية أو التي تجمع كلتا الصفتين، وتوفر هذه المواد ديناميكية حركية يطوعها الجراح، ويستطيع بواسطتها أن يعيد الشبكية إلى مكانها، وقد يستخدم الليزر الداخلي في نهاية العملية للحام الشبكية مع المشيمة بصفة دائمة.