جميعنا يسمع عن الأمراض المزمنة وربما بعضنا يعاني من تلك الأمراض كداء السكر او الضغط والقلب وغيرها من أمراض العصر التي يصاب بها الإنسان لأسباب وراثية وجينية او نتيجة سلوكيات خاطئة في عملية تناول الأطعمة المختلفة وعدم الاهتمام بمدى أضرارها وخطرها على الصحة، مما يجعل المرض ملازما له طوال حياته، وهذا لا شك انه يتشابه مع الصفة السيئة والمذمومة وهي البخل الذي يكتسبه الشخص بالوراثة أو يتعلمه ويقلده ويتعود عليه ويبقى لصيقا له إلى ما لا نهاية.
فالبخل ذكر في القرآن الكريم بعدة آيات وذكر في أحاديث السنة النبوية وجميعها يذم هذه الصفة ويتعوذ منها، إضافة إلى الكثير من القصص العالمية وقصص تراث الشعوب التي تطرقت الى حياة البخلاء وما يصاحبها من أحداث وغرائب وطرائف مضحكة مبكية، مما يعني ان البخل عرف على مر العصور والأزمان، لو عكسنا هذا الأمر على حاضرنا وواقعنا الذي نعيشه فسنجد الآلاف من هذه العينات تتواجد بيننا بأصناف مختلفة لا فرق فيها بين غني أو فقير، موظف او مسؤول، رجل او امرأة، ودرجاتها متفاوتة فهناك من هو بخيل بالمال وبالصرف وهناك من هو بخيل في كل شيء.
والمشكلة ان هذه الصفة عادة ما تشترك بصفات أخرى كالجبن واللؤم والحسد، والعياذ بالله، اليوم المحاكم تعج بآلاف القضايا بين الأزواج بسبب البخل و«تقصير» الزوج على أبنائه وتركهم يعيشون أحوالا مزرية. لو نظرنا لبعض الأقارب والمعارف والجيران فسنجد العديد منهم يحمل هذه الصفة على الرغم من انه يتمتع بوظيفة جيدة وبراتب كبير وبأرصدة ضخمة في البنوك إلا أن المرض تمكن منه وجعله يضيق على نفسه وعلى أهله وعلى كل من هو حوله.
إن الأمراض الجسدية والعضوية التي تطرقنا لها في البداية ربما يجد لها الأطباء العلاج ومعظمنا يتعايش معها ويتخطاها ويصبح كالشخص السليم لأنه أخذ الدواء المناسب وتغلب على هذا المرض لكن المصيبة في الشخص البخيل الشحيح المتشنج المكروه عند نفسه وعند أهله وعند الآخرين بسبب طباعه المخزية وتصرفاته المؤذية، فهل لهذا المرض علاج؟! أعتقد لا يوجد علاج له لأن الطبع يغلب على التطبع وسيبقى صاحبه مكروها ومذموما في الدنيا والآخرة، كفانا الله وإياكم شر الأمراض وأبعد عنا هذه الصفات السيئة والمصابين بها.
[email protected]