- مصادر لـ «الأنباء» عن بري وجنبلاط: لا تمديد للبرلمان على حساب الميثاق
بيروت ـ عمر حبنجر
الحكومة اللبنانية في حرز حريز، ولا خوف عليها من النكسات السياسية أو التداعيات الأمنية، مادامت تشكل القاسم المشترك الأخير بين مختلف الفئات اللبنانية المتعارضة، ومادام الاتفاق قائما على استبعاد الملفات الخلافية التي يتعذر التفاهم حولها، بشكل أو بآخر.
جميع وزراء الحكومة أكدوا الحرص على سلامة الوضع الحكومي وسط هذا الخضم الإقليمي الهادر.
أما بخصوص رئاسة الجمهورية فقد حدد الرئيس نبيه بري أمس موعد الجولة الخامسة عشرة منها في 29 الجاري، دون أمل بانتخاب رئيس، كما أكدت مصادر نيابية لـ «الأنباء».
لكن مجلس النواب الذي بدأ العد التنازلي لانتهاء ولايته المحددة، مازالت الاتجاهات لتمديد ولايته مرة أخرى، تواجه صعوبات ميثاقية في ظل رفض البطريرك بشارة الراعي التمديد للمجلس قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ورفض العماد ميشال عون التمديد والإصرار على إجراء انتخابات نيابية، ورفض القوات اللبنانية وحزب الكتائب التمديد، تجنبا للمزايدات السياسية من قبل الرافضين الآخر، فضلا عن الحذر من التراخي في انتخاب رئيس الجمهورية.
الفراغ الرئاسي كان أيضا في صلب محادثات د.سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وسامي الجميل منسق حزب الكتائب مع الرئيس سعد الحريري والمسؤولين السعوديين.
وقد عاد جعجع والجميل من الرياض أمس، وتقول القوات اللبنانية إن محادثات جعجع في الرياض كانت إيجابية.
رئيس المجلس نبيه بري الذي لطالما عارض التمديد للمجلس، ربط الموافقة عليه بإضافة فقرة الى اقتراح القانون، في باب الأسباب الموجبة، تؤكد على إجراء الانتخابات فور الانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار قانون الانتخابات النيابية.
وقد أيده النائب وليد جنبلاط، الذي لم يخف خوفه على «لبنان الكبير» في ظل التغيرات في المنطقة. وقال جنبلاط: كلنا مع الرئيس نبيه بري، مشددا على ثقته به لأنه لا يمكن أن يخطو خطوة غير ميثاقية.
وعلمت «الأنباء» أن بري وجنبلاط، تفاهما على عدم جواز التمديد لمجلس النواب بغياب المكونات المسيحية المعارضة، بمعزل عن ضمان تأييد 22 نائبا مسيحيا من غير الحزبيين للتمديد.
وتم الاتفاق بين بري وجنبلاط على دفع الموضوع الى ما بعد الرابع من نوفمبر، حيث ذكرى عاشوراء يوم عطلة رسمية في لبنان، على ان يواصل الرئيس بري اتصالاته مع فريق 8 آذار، في حين سيغادر جنبلاط بيروت اليوم الى لندن لحضور حفل زفاف المحامية اللبنانية الدرزية أمل علم الدين على الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني غدا السبت.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان 100 شخصية عالمية، سياسية وفنية ومالية ستشارك في الحفل، أبرزهم الرئيس الأميركي الأسبق كلينتون وعقيلته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري.
وأوضح جنبلاط في تصريح تطمين له امس ان التمديد لمجلس النواب مشروط بانتخاب رئيس للجمهورية في أقصى سرعة، ما ان ينتخب رئيس، كما فهمت من رئيس مجلس النواب نبيه بري وكما اتفقنا معه، يدعى الى انتخابات نيابية فورا. وهذا أمر طبيعي، معتبرا انه «لا يمكن إجراء انتخابات نيابية في غياب رئيس لأننا سنصل الى الفراغ، تصبح الحكومة الحالية مستقلة. من يجري استشارات تأليف حكومة جديدة؟ رئيس الجمهورية ولا أحد سواه. ربما لهذا السبب ذهب رئيس حزب القوات سمير جعجع وعضو حزب الكتائب سامي الجميل الى السعودية للقاء المسؤولين هناك ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري من اجل ان يكون التمديد للمجلس ميثاقيا». وقال: «يبدو كل يراهن على حسابات خارجية أثبتت ان خطأها وفشلها. هذا راهن على إسقاط النظام بسرعة، وذاك راهن على بقاء النظام وصموده، فوصلنا الى مأزق وحرب استنزاف طويلة».
وفي حديث الى «الأخبار» أشار الى انه «دخلنا على نحو مباشر في الحرب السورية. لم يعد مجديا اتهام فريق للفريق الآخر بأنه لولا التدخل لما أتى الإرهاب الى لبنان. صار كلاما غير مجد وبلا معنى. دخلنا هذه الحرب»، معتبرا ان «اليوم يتضاعف التدخل والتورط في الحرب السورية، بين عرسال وبريتال دخلنا الحرب السورية مجددا، لا ننسى قبل سنة السيارات المفخخة، ثم العناصر الكثيرين الذين كانوا يمرون عبر لبنان بعضهم في السجون، والعناصر اللبنانيين الذين، كما يقال، يذهبون من مرفأ طرابلس الى تركيا ثم يدخلون منها الى سورية للقتال. كل ذلك يوجد قلقا على الأمن والوضع في لبنان وعدم إمكان التوصل الى هدنة».
وأوضح جنبلاط انه لم يراهن على إسقاط النظام السوري، موضحا انه «عندما اجتمعت بقوى 14 آذار قلت لن يسقط النظام بسرعة كما تتصورون، العملية طويلة جدا، بنيت كلامي على معطيات كلام دقيق جدا لحكمت الشهابي، رحمة الله عليه. قال لي عندها ان بشار الأسد سيقود سورية الى حرب أهلية، وربما الى تقسيم، كان ذلك في منتصف مارس 2011، أسبوع بعد انطلاق ثورة درعا. وردا على سؤال حول ما اذا كان بإمكان داعش محو خارطة سايكس ـ بيكو التي عمرها 100 سنة، قال: محاها محاها.. انه ليس مجرد تنظيم، وعلينا في لبنان الإبقاء على «لبنان الكبير الذي أنشأه الجنرال غورو».
وختم جنبلاط بالقول ربما كان على القادة المسيحيين ان يجتمعوا، كما فعل من قبل الحلف الثلاثي عام 1970 واتفق على ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وثمة عقبات اخرى الآن تتمثل في انقطاع الحوار بين الحريري ونصرالله.
وقال جنبلاط انه بسبب غياب رئيس الجمهورية ذهب سمير جعجع وسامي الجميل الى الرياض، من اجل ان يكون التمديد للمجلس ميثاقيا، اي لإقناعهما بدعم التمديد.
في هذا الوقت، حمّل مطران بيروت للموارنة بولس مطر النواب المسؤولية عن التمديد لأنهم في المرة الاولى لم ينتخبوا رئيسا، وهذا إمعان في خرق الدستور، والآن هم يعرفون أن التمديد خطأ، لأن وكالتهم تنتهي بعد 4 سنوات.
والبطريرك لا يقول: أرفض التمديد، إذا كان هناك تمديد بالضرورة. لكن يقول أنتم مسؤولون عما جرى في لبنان وما يجري ويريد حثهم على انتخاب رئيس الجمهورية لا أكثر ولا أقل.
وغادر الراعي بيروت عصر أمس في زيارة رعاوية الى سيدني، عاصمة أستراليا تستمر أسبوعين.
في غضون ذلك، انعقد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس تمام سلام وبحث بالورقة الخاصة بملف اللاجئين السوريين والتي تمنع دخول أي لاجئ سوري بعد اليوم بسبب عدم قدرة لبنان على احتمال المزيد، بالإضافة الى جدول أعمال الجلسة، الذي لم يحمل بنودا كثيرة، إلا أن ثمة ملفين شغلا الجلسة وهما ملف اللاجئين السوريين وملف العسكريين المخطوفين التي تطالب داعش والنصرة بالمقايضة عليهم، بالإضافة الى ملفي الاتصالات والنفط.
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الى أن القرار بعدم استقبال أي لاجئ سوري بعد اليوم سيشكل سياسة بالنسبة للحكومة، فيما أكد وزير الخارجية جبران باسيل أنه لا خلاف حول هذا الملف، أما وزير التربية الياس بوصعب، فأشار الى أن ملف العسكريين لا يحمل أي جديد.
وعن قضية اللاجئين السوريين، قال النائب عبدالمجيد صالح عضو كتلة التنمية والتحرير: لم نعد نستطيع أن نبتلع ريقنا، اللاجئ نضعه بعيوننا، لكن من يأتي ليعمل نصرة وداعش فهذا ما لا نسمح به، لقد شبعنا وكفى لقد بتنا نصفا بنصف مع السوريين.
وبخصوص العسكريين المختطفين، قال وزير العدل أشرف ريفي الذي قام أمس بزيارة خاطفة الى المملكة العربية السعودية وسيعود اليوم الجمعة، إنه مع المقايضة في موضوع العسكريين المخطوفين وضمن الشروط القانونية.
وأوضح لصحيفة «النهار» أنه إذا اقتضى القرار السياسي إجراء المقايضة، فإن القانون واضح، مضيفا أن إطلاق المحكوم يحتاج الى عفو خاص أو عام، أما الموقوف فثمة صلاحيات لبعض السلطات القضائية تمكنها من تطبيق إجراء قانوني لإطلاقه.