- المطلوب دعم الجيش دون احتيالات وعلى حكومة ربط النزاع القيام بدورها لا الاكتفاء بتقطيع الوقت
بيروت ـ منصور شعبان
قال الوزير السابق فيصل عمر كرامي ان الاخطار التي تواجهها طرابلس الآن، اخطار على لبنان كله.وأضاف في حديث لـ «الأنباء» ان طرابلس مطروحة اليوم على خارطة الأزمة الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط، بسبب موقعها الجغرافي وثقلها السني في التركيبة اللبنانية.
ولاحظ كرامي ان جهات دولية وإقليمية استثمرت خصوصيات هذه المدينة وحملتها ما ليس فيها ومنها، بمساعدة قوى سياسية محلية ووسط تجاهل الدولة التي «جزء منها شريك فيما جرى، ما أفضى إلى إلغاء دور الدولة».
وانتقد وزير الشباب والرياضة في حكومة نجيب ميقاتي، من اعترضوا على دعوته لإعلان حالة الطوارئ في طرابلس، بحجة الحرص على الحريات، وإذا بهم يتحولون الى ما يشبه مجالس الحكم المحلية في المدينة، تحت اسم فعاليات.
وما يلي وقائع الحوار مع فيصل كرامي:
طرابلس الآن محط الأنظار، فهل هي أمام مفترق طرق؟
٭ ربما يراهن كثيرون على أن طرابلس أمام مفترق طرق، وأنا أقول انهم لا يرون المشهد كاملا، فإذا كانت طرابلس امام مفترق طرق فإن كل لبنان سيواجه هذا المفترق.
نحن بلد قائم على توازنات ديموغرافية بالغة الحساسية، بل على معطيات جيو ـ سياسية يشكل اي إخلال بها تعريض الكيان اللبناني الهش لأزمة وجودية. وطرابلس في هذا الإطار هي في صلب معادلة نشوء لبنان الدولة والكيان وتاليا الوطن بشكله الراهن بالشكل الذي نحلم به أيضا دون ان ننجح في تحقيقه، والأخطار التي تواجهها طرابلس هي أخطار على لبنان، كل لبنان.
ما طبيعة هذه الأخطار التي تشير إليها؟ وهل طرابلس متروكة لمواجهة مصيرها وحدها؟
٭ بكل وضوح أقول لك ان طرابلس مطروحة اليوم على خريطة الأزمة الكبرى التي يشهدها الشرق الأوسط بوصفها «منطقة توتر» وبابا الى متغيرات في طبيعة الصراع وفي موازين القوى، والسبب هو الموقع الجغرافي للمدينة أولا، والثقل السني الذي تمتاز به في التركيبة المكونة للبنان.
وما حصل بكل بساطة هو ان جهات دولية وإقليمية استثمرت خصوصيات هذه المدينة وحملتها ما ليس فيها ومنها، وما لا طاقة لها عليه، حتى صدّق كثيرون ممن لا يعرفون ان طرابلس بيئة حاضنة او متعاطفة مع التطرف حتى بظواهره الإرهابية. وطبعا لم يكن ليحصل ذلك لولا وجود قوى سياسية محلية لعبت أدوارا خطيرة في هذا المسار المغاير لوجه المدينة ولتطلعاتها ولطبيعة اتجاهاتها الفكرية والاجتماعية.
لماذا لم تتم مواجهة هذه الهجمة على طرابلس، كما تصفها، خصوصا انها لا تتلاقى مع وجدان ومصالح أهلها؟!
٭ ومن سيواجه؟ الدولة التي لم تأبه وجزء منها شريك فيما جرى ويجري، أم القوى المحلية السياسية الناشئة التي ركبت الموجة ورأت فيها الطريق السهل لتحقيق مصالح سياسية وانتخابية؟
والناس يرزحون تحت ضغط التراجع الاقتصادي الهائل الذي يجعلهم شبه يائسين وغير قادرين على مقاومة الأموال التي تتدفق على المدينة، ليس لتنميتها وإنقاذها، وإنما لتسليحها ودفعها الى خوض حروب مفتعلة ومشبوهة.
حصلت اجتماعات كثيرة انتهت الى بيانات عديدة وساء الحال، من الذي بمقدوره فعل المطلوب لتستقر المدينة ومحافظة الشمال؟
٭ هذه الاجتماعات التي تذكرها هي جزء من المشكلة أصلا، وهي إلغاء عملي لدور الدولة ولدور المؤسسات، لا قيمة ولا صفة لاجتماعات تجري في بيت فلان وعلان او في الفنادق وعلى مآدب الغداء، سوى التأكيد على ان طرابلس هي خارج الدولة اللبنانية.
المضحك ان بعض هؤلاء الذين يجتمعون هم جزء من السلطة في لبنان، والمضحك أكثر ان معظمهم انتقدوا دعوتي القديمة والمكررة والدائمة لإعلان حالة الطوارئ في طرابلس بحجة انهم حريصون على حريات الرأي والتعبير، في حين ان اجتماعاتهم هي أشبه بمجالس حكم محلية تخرق كل القوانين وتمارس ما هو أدهى من حالة الطوارئ التي تبقى في النهاية خطوة تحت سقف القانون وينص عليها الدستور في حالات محددة، دعني أقل لك ان طرابلس وحدها التي نسمع فيها اليوم عن وجود «فعاليات»! لماذا لا توجد «فعاليات» في بيروت مثلا؟
وفي النهاية، المطلوب واحد، الدولة بكل أجهزتها السياسية والعسكرية، وأن يقوم الآخرون سواء كانوا سياسيين او حزبيين او رجال دين او فعاليات بوضع أنفسهم تحت تصرف الدولة.
بناء على ما ذكرتم من ينقذ العاصمة الثانية للبنان؟
٭ الجيش مدعوما بقرار سياسي من السلطة التنفيذية، دون مواربة ودون احتيالات ودون التفافات، ان دعم الجيش والدولة لا يكون بالكلام وإنما بالفعل والممارسة، كما ان وضع الشروط على الجيش والتشكيك فيه هو بحد ذاته مشروع تدميري للمدينة وللجيش ولكل الوطن.
هل تقوم الحكومة بواجبها؟ أم هل تجدون انها عاجزة عن فعل شيء لكنها تحاول؟
٭ قد تستغربون إذا قلت لكم ان الحكومة تقوم بواجبها على أتم وجه تجاه من أوجدوها، إنها حكومة ربط نزاع بين المتصارعين في لبنان والمنطقة، وهي متفوقة في مهمة ربط النزاع.
لا أستطيع أن أحاسب الحكومة الحالية على انها حكومة لبنان التي أفرزتها المصلحة اللبنانية والواقع اللبناني وآمال الشعب اللبناني، إنها للأسف ليست كذلك.
إن عجز هذه الحكومة عن القيام بأدوار تاريخية تناسب المرحلة هو عجز عضو نشأ معها وفيها وبسببها، وبالتالي انها حكومة تقطيع الوقت بانتظار مستجدات الصراع الدائر في المنطقة.
وبصراحة، الحكومة تحاول، لكن ماذا تحاول؟ انها تحاول إرضاء من جاء بها، لا أكثر ولا أقل، الشباب يؤدون المطلوب منهم بشطارة ولن أزيد أكثر من ذلك.