شريف حمدي
رغم ما أثير من جدل واسع النطاق حول تعميم بنك الكويت المركزي والذي منح شركات الاستثمار حق الاختيار بين ممارسة النشاط التمويلي او ممارسة الانشطة الاستثمارية في الأوراق المالية، وبالتالي توحيد الجهة الرقابية او ممارسة النشاطين معا ومن ثم الرقابة المزدوجة، إلا ان بعض المراقبين يرون ان هذا الجدل مبالغ فيه وأخذ أكبر من حجمه، وذلك لأن الكثير من شركات الاستثمار كانت تفكر جديا وبعضها خطت بالفعل خطوات في اتجاه التحول الى شركات قابضة للإفلات من قبضة «المركزي» لعدة أسباب، أبرزها عدم القدرة لعدد كبير من هذه الشركات على الوفاء بالمعايير الرقابية الثلاثية التي اقرها «المركزي» في منتصف العام الماضي وهي المتعلقة بالرفع المالي والسيولة السريعة والاقتراض الخارجي، حيث تقدر نسبة الشركات التي لا تتوافق سوى مع معيار واحد فقط بـ 90% من شركات الاستثمار، علما ان هناك شركات لا تتوافق مع أي من المعايير الـ 3، هذا بالإضافة الى عدم استقبال شركات الاستثمار لأموال يمكن استثمارها في البورصة الكويتية من خلال صناديق او محافظ استثمارية نظرا لإيقاف التراخيص الجديدة من قبل هيئة أسواق المال في الوقت الراهن.
وتمحور الجدل طيلة الفترة الماضية حول المهلة التي حددها «المركزي» والتي تقدر بشهر من تاريخ إصدار التعميم الذي وزعه على الشركات الاستثمارية لتحديد موقفها، حيث تعالت الأصوات التي تؤكد ان المهلة غير كافية لاتخاذ قرار بحجم التخلي على نشاطات تمارسها شركات كويتية عبر عقود عدة وتحقق من ورائها إيرادات تتحول في نهاية العام المالي الى أرباح، وفي هذا الإطار أبدت الكثير من الشركات الاستثمارية عدم رضاها عن هذا القرار وتسعى من خلال اتحاد شركات الاستثمار المطالبة بإعادة النظر فيه.
ورغم ان القرار الذي يأتي في إطار اجراءات فك التشابك بين الجهات الرقابية كان ولايزال مثيرا للجدل، إلا ان مصادر استثمارية ذكرت لـ «الأنباء» أنه ينطوي على ايجابيات وسلبيات، مشيرة الى ان أبرز هذه الإيجابيات التي ستتمخض عن فصل النشاط التمويلي على النشاط الاستثماري تتمثل في الآتي:
1_ استيفاء الشركات الاستثمارية لمتطلبات الجهة الرقابية الوحيدة الخاضعة لها وهو ما يسهل على الشركة عملها، ويخلصها من ضغوط رقابية تخص شركات استثمارية اخرى لديها القدرة على ممارسة عدد أكبر من الأنشطة.
2_ تفرغ «المركزي» لرقابة البنوك والشركات الاستثمارية التي ستختار ممارسة النشاط التمويلي، والتي من المتوقع حسب المصادر الاستثمارية ان يكون عددها قليلا نظرا لصعوبة قيام شركات الاستثمار بنشاط تمويلي في ظل عجزها عن توفير السيولة إلا من خلال التخارجات من أنشطة حيوية، وبالكاد تسير بها أمورها الخاصة.
3_ الاعتماد على أعداد أقل من الكوادر البشرية المتميزة المنوط بها توفيق أوضاع الشركة مع متطلبات الجهة الرقابية على الوجه الأكمل بما يضمن تجنب الشركة الوقوع في مخالفات.
4_ إنجاز الميزانيات الدورية في الوقت الذي يتيح للشركات الاستثمارية رفعها للجهة الرقابية، وبالتالي عدم تعرض الشركة لإيقاف أسهمها عن التداول في البورصة، وفقدان ثقة المتداولين بها.
5_زيادة قدرة الشركات الاستثمارية التي ستختار التفرغ للنشاط التمويلي على الحصول على تسهيلات ائتمانية من قبل البنوك على اعتبار انها شركات متخصصة وخاضعة لرقابة صارمة من قبل «المركزي»، وبالتالي ستكون هناك ثقة من البنوك عند منحها التسهيلات الائتمانية لممارسة نشاطها.
بعض السلبيات
وأكدت المصادر ان ابرز السلبيات تتمثل في حرمان الشركات من جزء من أنشطتها التي تمارسها منذ عقود مضت، وهو ما قد ينعكس على حجم الإيرادات في وقت تعتبر شركات الاستثمار في أمس الحاجة لزيادة إيراداتها لا انخفاضها، فضلا عن ان أغلب الشركات ستمضي رغما عنها في اتجاه اختيار النشاط الاستثماري.
وأشارت الى ان هناك بعض الإشكاليات التي قد تظهر لاحقا، وبالتالي يجب على الجهات الرقابية ان تفطن إليها والعمل على تجنبها خلال اجتماعاتها المستمرة في الوقت الراهن لفك التشابك، لافتة الى ان من هذه الإشكاليات موقف الشركات التمويلية المدرجة في البورصة أو التي سيتم إدراجها مستقبلا، فضلا عن الشركات التي يمكن تأسيسها لمزاولة النشاط التمويلي، حيث ان هذه الشركات ستكون خاضعة لـ «المركزي» بحكم طبيعة نشاطها وهو التمويل، وأيضا ستكون خاضعة لـ «الهيئة» على اعتبارها شركة مدرجة في سوق الأوراق المالية، وبالتالي ستكون خاضعة لرقابة مزدوجة.
انواع جديدة من الشركات
وأشارت الى ان المرحلة المقبلة ستشهد 3 أنواع من شركات الاستثمار، وهي شركات تمارس النشاط التمويلي فقط، وشركات تمارس النشاط الاستثماري فقط، وأخرى تمارس النشاطين معا وهي الشركات التي ستخضع للازدواج الرقابي.
ولفتت المصادر الى ان هذا التنوع سيتيح للعملاء خدمات أفضل، غير ان ذلك قد لا يتحقق في الوقت الراهن أو على المنظور القريب، نظرا لأن شركات الاستثمار تعاني من ضعف عام في ممارسة أنشطتها سواء التمويلية أو الاستثمارية نتيجة ضعف أداء سوق الكويت للأوراق المالية، وأيضا لجفاف السيولة المتوافرة لديها نتيجة تشدد البنوك في منح التسهيلات الائتمانية، خاصة ان الشركات التي تمارس النشاط التمويلي تعتمد على البنوك المحلية والخارجية بشكل رئيسي في توفير السيولة التي تمكنها من ممارسة هذا النشاط.