ليس عليك عزيزي القارئ سوى تصفح «الجرايد اليومية» لتستشعر كيف أن مسلسل الأزمات بكل أنواعها أصبح مثل المسلسلات التركية التي لا نهاية لها، فهي تنتقل من أزمة الى أخرى ومن جيل الى آخر، والحقيقة المرة هي أننا «تعودنا على هذا الحال»، إلا أن المؤسسات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على فرق خاصة ذات كفاءة في التعامل مع الأزمات كانت أصلب عودا وأكثر قدرة على المطاوعة والاستمرار من غيرها التي اتبعت أسلوبا مغايرا تمثل في التصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا مع بؤر الصراع والتوتر مما يؤدي الى ضعفها وتفككها.
ولو «دققنا» النظر في تاريخ البشرية لوجدنا ان الأزمات على مر العصور تتوسط المراحل المهمة في حياة الشعوب، فبين كل مرحلة وأخرى ثمة أزمة تحرك الأذهان وتشعل الصراع وتحفز الإبداع وتدفع بنا الى التأقلم والدخول في مرحلة جديدة، كما كان لنمو واتساع المجتمعات ونضوب الموارد المتنوعة وشدة المنافسة السياسية والاقتصادية الكلمة الفصل في تحديد أمد حياة الأزمات إلى حد أصبح تاريخ القرن السابق على سبيل المثال يشكّل سلسلة من أزمات تتخللها مراحل قصيرة من الهدوء المؤقت.
فما تعريف الأزمة؟
كل موقف او حدث يؤدي الى تغيرات جذرية (عادة ما تكون سيئة للأغلبية ما عدا القلة التي تنطبق عليها مقولة «في الأزمات تصنع الثروات»! )، كما أنها قد تكون حدثا او تراكما لمجموعة من الأحداث غير متوقع حدوثها تؤثر في نظام المؤسسة أو جزء منه، ومن الناحية العملية هي عبارة عن انقطاع عن العمل كليا او جزئيا لمدة تطول او تقصر لسبب يؤدي الى تأثر الحال وتحوله.
تتعدد الأسباب المؤدية الى نشوء الأزمات الى درجة أن من المستحيل حصرها.. ولكنها في إطار العمل المؤسسي تنقسم في العموم الى ثلاثة أقسام:
٭ أسباب «بشرية» مثل سوء التقدير والاحترام أو حب السيطرة والمركزية أو تضارب المصالح... إلخ.
٭ أسباب المنظومة الإدارية مثل عدم التخطيط الفعال أو اتخاذ القرارات العشوائية أو ضعف في الرقابة المالية أو عدم وجود نظم فعالة لتحفيز الموظفين... إلخ.
٭ أسباب بيئية مثل تغييرات في التشريعات والقوانين أو حدوث صراعات سياسية أو كوارث طبيعية... إلخ.
ولكن مهما كان سبب الأزمات فهي جميعها تمثل لحظة انتقال من مرحلة الى أخرى يصاحبها نقص شديد في المعلومات وحالة من عدم التأكد، فقد تكون مفتاح التطور والتغيير نحو الأفضل او إنذارا لخطر وبداية للتقهقر والهلاك.
وعليه فلا بد من الحذر عند التعامل مع الأزمات وتجهيز فريق للاستجابة السريعة تتم الاستعانة بهم وتوكيل الأمر لهم في ظروف الطوارئ، وعلينا التنويه إلى أن استحداث مثل هذا الفريق لا يعتمد على تحديد الأشخاص فحسب بل سيتطلب تطوير منظومة كاملة للتعامل مع الأزمات بما في ذلك:
1 ـ دراسة وقياس المخاطر التي تتعرض لها المؤسسة.
2 ـ وضع خطط لتنظيم كيفية الاستجابة مع الأزمات بأنواعها.
3 ـ تدريب جميع الموظفين على كيفية التصرف عند مواجهة الأزمات.
4 ـ تطوير قدرات فريق الاستجابة السريعة بشكل مستمر لضمان فعاليته.
5 ـ التأكد من حفظ نسخ من سجلات المؤسسة والمعلومات الحيوية في أكثر من مكان بشكل آمن.
6 ـ الحرص على الحصول على التغطية التأمينية الملائمة لحجم ونوع العمل.
وذلك اذا ما أردتم أعزائي تفادي مصير التقهقر والهلاك على اقل تقدير.
وفي النهاية...
دعوة من آيديليتي للتحضير للأزمات وتفادي الهلاك.
البريد الإلكتروني: [email protected]
الموقع : www.idealiti.com
follow us on twitter:@idealiti
* زاوية أسبوعية هادفة تقدمها كل اثنين شركة آيديليتي للاستشارات في إطار تشجيعها على إنشاء وتطوير واحتضان ورعاية المشاريع التجارية المجدية واقتناص الفرص أو معالجة القصور في الأسواق.
واقرأ ايضاً:
مقالة سابقة بعنوان: الخوف من الحاجب!
مقالة سابقة بعنوان: أسس التعاقد
مقالة سابقة بعنوان: العقد.. شريعة المتعاقدين
مقالة سابقة بعنوان: روح الفريق
مقالة سابقة بعنوان: حرب الكفاءات!
مقالة سابقة بعنوان: الميزانية التقديرية
مقالة سابقة بعنوان: «التنميط» الإداري
مقالة سابقة بعنوان: التحفيز
مقالة سابقة بعنوان: حكاية محمد المجتهد!
مقالة سابقة بعنوان: المنطق يقول..