تستكمل "الأنباء" اليوم نشر آخر ملفات الزيارة التي قام بها فريقها إلى الأراضي الليبية للوقوف على آخر التطورات الميدانية وللتعرف على المدى الذي وصلت إليه الأمور هناك. في هذا اللقاء يتحدث نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي عبد الحفيظ غوقة عن تصدي الثوار لأي محاولات لتقسيم بلاده، مشيرا إلى وضع المجلس لخطة واضحة المعالم لمرحلة ما بعد القذافي والعمل على تفادي اي أعمال انتقامية.
كما تروي الناشطة الليبية البارزة المحامية تهاني الشريف تجربتها مع الثورة وهي التي كانت أول ليبية تتقدم إلى الجبهة دعما للثوار. نتعرف على المزيد من خلال اللقاءين التاليين.
غوقة لـ «الأنباء»: وضعنا خطة واضحة لمرحلة ما بعد القذافي وشكّلنا لجاناً لتفادي الأعمال الانتقامية
نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي أكد تصدي الثوار لأي محاولات لتقسيم بلاده
- خسائر اقتصادنا بالمليارات نتيجة للتدمير المنهجي الذي اتبعه القذافي
- فرنسا وبريطانيا اشترطتا دعماً عربياً للتدخل وساهم الموقف الخليجي الواضح من البداية في دفع الجامعة العربية لتبني موقف واضح مما يجري في ليبيا
- لن نحتفل بعد اليوم بالفاتح من سبتمبر وعيدنا الوطني الجديد هو 17 فبراير
بنغازي ـ عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
|
نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبدالحفيظ غوقة (فريال حماد) |
أكد نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا عبدالحفيظ غوقة وجود مسار سياسي واضح ومحدد ستتبعه البلاد حتى تعبر الى مرحلة ما بعد نظام معمر القذافي، وتدخل مرحلة مختلفة بدستور جديد يكفل الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان. وكشف غوقة، في حديثه لوفد «الأنباء»، عن تشكيل لجان مختصة بإعلاء قيم التسامح لتفادي الاعمال الانتقامية بعد رحيل النظام. وفيما يلي نص الحوار:
نبدأ بالحديث عن الدول التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي، اين وصلت الامور مع المجتمع الدولي؟
٭ ان عدد الدول التي تعترف بمجلسنا في تصاعد مستمر، والاهم ان المنظمات الدولية الكبرى وبينها الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية قد اعترفت بالمجلس كمحاور سياسي وهذا امر مهم جدا بالنسبة لنا، ونحن نستقبل كل يوم وفودا صديقة رسمية وشعبية حتى من الدول التي لم تعترف بنا اعترافا كاملا والامور تمضي قدما بمزيد من الثقة الدولية بدورنا ومهمتنا.
ولدينا اعتراف كامل من كثير من الدول بينها ايطاليا وفرنسا وكندا والمانيا وقطر والامارات وفي افريقيا السنغال وناميبيا اعترفتا بنا وليبيريا قامت بطرد بعثة القذافي من اراضيها، واريد ايضا ان اشير الى ان عددا من الدول حضرت للمرة الاولى لقاء مؤتمر مجموعة الاتصال الخاصة بليبيا الذي عقد في ابوظبي.
|
غوقة متحدثا للزميلين نائب رئيس التحرير عدنان الراشد ومدير التحرير محمد الحسيني |
كيف تقيمون موقف دول مجلس التعاون؟
٭ من البداية نزع المجلس الشرعية عن نظام القذافي وشكل ذلك دافعا للجامعة العربية لاتخاذ القرار بحظر الطيران وادانة ممارسات وارتكابات القذافي، دول المجلس هي ثلث العرب داخل الجامعة وكان لقرارها دور مهم في صدور قرار الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، وقد ساعد ذلك بدوره في صدور القرار الدولي 1973 الذي تبنته فرنسا وبريطانيا لانهما كانتا تشترطان موقفا عربيا من الاحداث.
ما خطة عملكم بالنسبة للمسار السياسي الذي ستتبعه ليبيا في المستقبل للعودة الى الاستقرار السياسي؟
٭ خطواتنا واضحة بعد التحرير وقد اعددنا ميثاقا وقسمنا المرحلة الانتقالية الى قسمين، الاول بدءا من 17 فبراير وحتى تحرير كامل الاراضي الليبية وسقوط نظام القذافي، والثاني من التحرير ومن الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد، وقد جهزنا انفسنا لمرحلة ما بعد التحرير حيث سيتم تشكيل حكومة وطنية مؤقتة عقب التحرير بشهر وتعيين لجنة وطنية او جمعية تأسيسية لوضع الدستور خلال 3 اشهر ثم طرحه على الاستفتاء العام ليعطي الليبيون رأيهم فيه، ثم سيصدر المجلس الوطني مجموعة من القوانين السياسية بموجب الدستور وبعد هذه المرحلة ينتهي دوره.
ولقد اوضحنا أنه لن يكون لاي من اعضائه دور في اول انتخابات تشريعية واول حكومة ولا في الرئاسة لكي نؤكد اننا لسنا طامعين في السلطة.
ماذا عن الموقف العسكري بعد نحو 4 اشهر من المواجهة؟
٭ نحن نحقق تقدما مستمرا والامور تضيق على القذافي وكتائبه في طرابلس، ولقد تابعتم كيف ان الزاوية التي تم التنكيل بأهلها وشهدت جرائم مروعة واعتداءات فظيعة من كتائب القذافي عليها قد عادت وانتفضت بوجهه وطردت كل فصائله، الثوار يشددون الطوق وستنتهي الامور لمصلحة الشعب الليبي قريبا.
بالرغم من صعوبة الاتصال بطرابلس نحن على تواصل واطلاع دقيق على ما يجري هناك، العديد تمكنوا من الخروج الى تونس او اتوا الى بنغازي.
هل من اتصال مع الجزائر؟
٭ ان انحياز النظام الجزائري للقذافي هو لانه يجد في هذا النظام شبها له في طابعه القمعي والاستبدادي فيحاولان ان يتساندا حتى لا يقعا، لكن وقوع النظامين آت لا محالة، ونحن متأكدون من ان الشعب الجزائري غير راض عن الموقف المتخاذل لنظامه.
هل أنتم راضون عن نتائج جولاتكم العربية؟
٭ نحن نطمح للمزيد من التشاور والتواصل مع اهلنا العرب وللمزيد من اللقاء الودي معهم، زرنا قطر والكويت والامارات والمغرب وتونس واستقبلنا وفودا من قطر ومصر والامارات ونحن بالنهاية ابناء البيت العربي الواحد ولابد من التشاور.
من الواضح ان قطر لعبت دور رأس الحربة في انقاذ الشعب الليبي؟
٭ نحن فخورون بقطر ودورها، منذ اليوم الاول لثورتنا وجدنا منها دعما لامتناهيا خاصة على المستوى الانساني والمستويات الاخرى، وكذلك الامارات، وقد ابلغنا سفيرهم في البداية عن دعمهم لنا على جميع المستويات، هم اخواننا ويهتمون لامرنا كما نهتم لامرهم، ونحن متأكدون كذلك من ان الكويت تبذل ما بوسعها لمساعدة ليبيا وتتألم لأجلنا، كما نتألم نحن لما يجري في دول أخرى كسورية واليمن.
ماذا عن الموقف التركي ونظرتكم له؟
٭ ساندتنا تركيا في اليوم الاول انسانيا وقدمت مساعدات مهمة وزارنا القنصل التركي وقال لنا نحن جاهزون لما تحتاجونه انسانيا، ثم شهد الموقف التركي تذبذبا عندما طرح موضوع حظر الطيران قبل ان يعود ويتغير حيث انضمت تركيا الى التحالف الدولي في موضوع حظر الطيران، ثم جاء موضوع تسليم الثوار، عارضت تركيا بالبداية ثم عدلت عن رأيها، ثم حاولت الوساطة مع القذافي واستغربنا ذلك لكن بالنهاية اتخذت موقفا واضحا بدعوة القذافي للرحيل واليوم تعمل مع المجتمع الدولي على ذلك ونحن مرتاحــون للموقـف.
هناك هواجس حول احتمالات تقسيم ليبيا، خاصة بعد دعوة سيف الاسلام القذافي لانتخابات باشراف دولي؟
٭ كلام سيف الاسلام القذافي عفى عليه الزمن ولا قيمة له، كما انه لا صفة له للتصريح به، نحن من سيجري الانتخابات وليس نظام والده المنهار.
نعم سعى والده للتقسيم وحاول السيطرة على مصراتة والجبل الغربي، لكي الثوار استعادوا السيطرة على المنطقتين وفوتوا عليه الفرصة، لا تقسيم لليبيا وليس امام القذافي الا الرحيل.
يتخوف مراقبون من احتمال ان تشهد ليبيا اعمالا انتقامية في مرحلة ما بعد سقوط القذافي، كيف ستواجهون هذه الاحتمالية؟
٭ نحن نعمل من الآن لتأمين الاستقرار بعد رحيل القذافي لدينا لجان مختصة باعلاء قيم التسامح عندما تستقر الامور.
من تلوثت يداه بالدماء والسرقة سيحاكم طبقا للقانون وتتوافر له كل الضمانات القانونية، نريد استقرارا، ومؤسسات أمنية وطنية وسليمة.
هل ستحتفلون في الاول من سبتمبر 2011 (الاول من الفاتح)؟
٭ لا عيدنا هو في 17 فبراير يوم الثورة. حتى لو تصادف ذلك مع عيد الفطر. (يضحك)، سنحتفل بعيد الفطر فقط.
كيف تقدر نهاية القذافي؟
٭ المعركة ستحسم لصالحنا، تعرض لضربات قوية دمرت قدرته التدميرية التي كان يريد توجيهها الى شعبه ورغم ذلك ارتكب المجازر، لن نقبل بأقل من محاكمته، اعتقد انه سيستسلم او يقتل لكنه لن ينتحر لانه برأيي جبان، قد يقتل من احد من هم حوله، حتى المقربون منه يتناقصون يوما بعد يوم.
ما تقديركم لخسائر الاقتصاد الليبي؟
٭ لا يمكن حصرها، لكنها بمليارات الدولارات بالتأكيد، واسوأ ما في الامر هو التدمير المنهجي الذي قام به القذافي للبنى التحتية الصناعية والاقتصادية وخاصة النفطية، مصراتة مدينة صناعية تجارية دمرت بالكامل على سبيل المثال وكذلك باقي المناطق الاستراتيجية.
إحدى الناشطات البارزات من بداية ثورة 17 فبراير تحدثت عن تجربتها
المحامية تهاني الشريف لـ «الأنباء»: ثورة ليبيا نجحت بسلاح الدماء
- دخلتُ مصراته عناداً بخطاب سيف الإسلام الذي قال أن أي إغاثة ستدخل مصراته فسنضربها
بنغازي ـ عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
|
المحامية والناشطة تهاني مبارك الشريف |
|
.. ومتأثرة خلال حديثها عن الشهداء |
|
إحدى المسيرات في شوارع بنغازي تدعو للوفاء لدماء الشهداء ومواصلة الثورة |
من الوجوه الشبابية المعروفة في بنغازي و«أخت الرجال بكل معنى الكلمة» كما يسميها شباب بنغازي، المحامية تهاني مبارك الشريف كانت أول امرأة ليبية تتقدم الى الجبهة دعما للثوار، وشابة تكرس وقتها للدفاع عن حقوق الشعب الليبي وشرح قضيته للعالم والدعوة الى التغيير في بلدها الذي يستحق «الأفضل» بما يزخر به من موارد طبيعية وطاقات بشرية. وفد «الأنباء» الى بنغازي التقى المحامية تهاني الشريف التي حدثتنا عن تجربتها:
بداية نود أن تعرفينا بنفسك؟
٭ تهاني سليمان مبارك الشريف، من مدينة بنغازي، محامية.
كيف تصفين تجربتك بشكل خاص وتجربة الشباب الليبي بشكل عام منذ بداية ثورة 17 فبراير الى اليوم، وما العوامل التي جعلت الشباب يندفع بهذه القوة خلف الثورة؟
٭ بالنسبة لي، كان خروجي من اليوم الاول بسبب الظلم الواقع على الشعب الليبي والذي كنت التمسه كمحامية، خاصة في قضايا العقارات وهو المجال الذي أتخصص فيه، كان المُلك ينتزع من صاحبه الى المسؤولين واتباعهم دون وجه حق، وكان هناك مشروع لتغيير وجه بنغازي وكتبت شخصيا مذكرة وجهتها الى مكتب الاتصال اسميتها بـ «شبكة العنكبوت» توضح الفساد بدقة في المدينة، ولم يتم الاكتراث لها رغم اشارتي في المذكرة الى ان ما يحدث في بنغازي سينعكس سلبا بشكل كبير على الدولة.
في يوم 16 فبراير خرجت الى الصلاة واستأذنت من اخوتي وطلبت السماح لانني كنت انوي المشاركة في الدعوة للتظاهر يوم 17 فبراير التي انتشرت على الفيس بوك احتجاجا على نظام الحكم، المبدأ الذي سرت عليه هو ان «أعلى انواع الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» وبصراحة كنت اشعر بانني لن اعود للبيت متوقعة انه سيتم سجني او يتم اغتيالي.
اما بالنسبة الى الشباب الليبي عموما فقد تابع ما جرى في تونس ومصر ووجد ان ما يدعوه للثورة هو اكبر من الظلم الموجود في البلدين الجارين لليبيا، بغياب الحرية والعدالة الاجتماعية والدستور وحقوق الانسان والبنية التحتية وتدني مستوى معيشة المواطن ومستوى الخدمات وضعف القضاء الذي تفشت فيه الرشوة حتى وصلنا الى ان اي صاحب حق ليس امامه الا اخذ حقه بذراعه ودخول السجن.
ماذا جرى في يوم 17 فبراير؟
٭ من يوم 16 فبراير وقبل الموعد المحدد انتفضت جميع مدن ليبيا في وقت واحد تنادي: بالروح بالدم نفديك يا بنغازي لانها كانت المدينة التي شهدت اول احتجاجات وواجهتها كتائب القذافي بمحاولات قمع فورية ادت الى سقوط عدد كبير من الشهداء ورغم ذلك لم يتراجع المواطنون بل واصلوا خروجهم في مختلف الاحياء ما جعل من المستحيل على الكتائب السيطرة على الموقف. واللافت ان المشاركة كانت من جميع الفئات العمرية والشباب كانوا يجوبون الشوارع، الآباء والامهات يحثون ابناءهم على الخروج، النساء يزغردن من النوافذ ويرششن ماء الورد وينثرن الورود على المتظاهرين لتشجيعهم على الاستمرار، وعند دخول المرتزقة واصطدامهم بالشباب، كانت النسوة يرمين عليهم الادوات المنزلية من الشرفات.
استخدمت قوات الأمن انواعا سامة من مسيل الدموع كان يؤدي الى حالات من الشلل لدى المتظاهرين وكان يتم سحبهم الى البيوت لمعالجتهم من قبل الاهالي. الشهداء الذين سقطوا يومي 16 و17 فبراير تم تسليم جثثهم الى اهالي المدينة يوم 18 فبراير (الجمعة) في مستشفى الجلاء، ونقلوا للصلاة على جثامينهم امام محكمة شمال بنغازي المطلة على البحر عند الكورنيش، وهو احد الاماكن الرئيسية للاعتصام والتجمعات الشبابية في المدينة (وهذا المكان تحول حاليا الى ما يشبه ميدان التحرير بمصر بالنسبة لاهالي بنغازي).
خلال الصلاة على الشهداء ارتفعت الهتافات بأن دماءهم لن تذهب هباء، وقام الشباب الغاضبون برمي الحجارة والزجاجات الحارقة على شبابيك مبنى الأمن الداخلي وهو احد مقرات التعذيب الواقع بجانب المحكمة، فاشتعل المبنى الذي كان رجال الأمن قد غادروه، ولاحقا تمت السيطرة عليه وحوله الثوار الى مركز لادارة الازمات. انتقل المحتجون بعدها الى تشييع الجثامين في شارع جمال عبدالناصر الذي يمتد من محكمة بنغازي الى المقبرة ويقع وسطه مباني كتيبة الفضيل بوعمر وهو المركز الأمني الاكبر بالمدينة حيث كانت تحتضن كتائب القذافي. قبل الوصول الى المبنى بمسافة كيلومتر بدأت قوات الأمن والقناصة باطلاق النار عشوائيا على المشيعين وسقط المزيد من الشهداء، لكن المسيرة تواصلت ومرت بالقرب من مديرية الأمن في المدينة حيث تعرضت مجددا لاطلاق النار.
دفن الشهداء وعاد المتظاهرون للاعتصام، وفي اليوم التالي (السبت 19 فبراير) تكرر المشهد، فقرر الثوار انه من الضروري السيطرة على مراكز الأمن بالمدينة خاصة بعدما بلغتهم انباء عن سيطرة عدد من الثوار في مدينتي شمات والبيضا شرقي البلاد على كتيبة «الجارح» (الجارح عم صفية زوجة القذافي).
من كان يقود كتيبة الفضيل بوعمر؟
٭ كان نجل القذافي الساعدي موجودا فيها ومعه رئيس المخابرات عبدالله السنوسي اللذان كانا مكلفين بقمع الاحتجاجات، ومعهم مسؤول الأمن العام عبدالفتاح يونس الذي انشق لاحقا يوم الاحد وانضم للثوار.
تم تهريب الساعدي والسنوسي بعد ان بدا واضحا انه من المستحيل السيطرة على الموقف رغم ارهاب القناصة واطلاق النار المستمر الذي لم يوقف الاحتجاجات وتلقى الشباب الرصاص بصدورهم.
مع تزايد عدد الشهداء الذي بلغ المئات قرر الشباب اقتحام مجمع الكتيبة، وصنع بعضهم بينهم ابناء عائلة الخشمي متفجرات محلية الصنع لاستخدامها في فتح بوابة المجمع، وتم الاتفاق على ان يكون حامل المتفجرات في الخلف وان تسبقه مجموعة من الشباب كدروع له للوصول الى البوابة، لم تنجح المحاولة وازداد عدد الشهداء.
ثم فكر الثوار بالاتيان بعده بجرافات واقتحام مبنى الكتيبة من جميع الجهات، لكن القناصة واجهوهم رغم ان واحدة تمكنت من اسقاط السور في احدى الجهات الجانبية ولكن قتل سائقها، الذي كان اخر اخوان له قد استشهدا قبل يوم واحد.
استمرت المحاولات بعدها وتمكن رجل يدعى المهدي زيو (52 عاما) تأثر بسقوط الشباب خاصة ان اعمار بعضهم تتراوح بين 14 و15 عاما، فقرر ان يجد حلا، فركب سيارته واضعا فيها اسطوانتي غاز وبعض المتفجرات واقتحم بها بوابة الكتيبة مفجرا اياها.
في هذه اللحظة وصل امداد للمدينة من ثوار المنطقة الشرقية مع انشقاق قوات الصاعقة وانضمامها للثوار الذين نجحوا في دخول الكتيبة وبسقوطها بدا واضحا ان سلطة القذافي قد انهارت بالمدينة.
وتلا ذلك سقوط مديرية الأمن والسيطرة عليها من قبل الثوار ايضا.
كيف تمت ادارة الأمور بعد سيطرة الثوار على بنغازي ومدن الشرق؟
٭ في البداية تم تشكيل مجالس محلية اهلية في جميع المناطق وتم ربطها ببعض، واتفق الجميع على تشكيل مجلس وطني انتقالي يتولى مهام ادارة الدولة في المرحلة الانتقالية بعد الوصول الى مرحلة اللاعودة مع نظام القذافي، وتم التوافق على ان يترأس المجلس مصطفى عبدالجليل الذي كان من اول الشخصيات التي اعلنت انشقاقها عن القذافي وهو معروف بمسيرته كوزير عدل وقاض سابق.
ونحن كمحامين شكلنا «ادارة ازمات» تبنت تشكيل المجلس للقيام بأعمال الاغاثة والاعلام وغيرها من المهام الضرورية.
عرفنا انك كنت اول امرأة ليبية توجهت الى الخطوط الامامية للجبهة في كل من اجدابيا ومصراتة، حديثنا عن تجربتك هذه؟
٭ بالنسبة لاجدابيا، كان ذلك في يوم 9/4، ووردتنا معلومات بأن كتائب القذافي سيطرت مجددا على مدينة اجدابيا التي كان الثوار قد سيطروا عليها سابقا فكان اهلها بحاجة الى دعم اضافي من بنغازي ومدن الشرق، ذهبت الى هناك ودخلت المدينة وتابعت تحرك الثوار لاستعادتها. وفي 13/4 دخلت مصراتة عنادا بخطاب سيف الاسلام القذافي الذي قال ان اي اغاثة ستدخل مصراتة سنضربها، وفي الجولتين كان هناك ترحيب كبير بوجودي من الثوار على الجبهة في اجواء معنوية رائعة.
ما أكثر القصص مأساوية التي تابعتها شخصيا في هذه التجربة؟
٭ اذكر بحزن كبير مقتل 23 مواطنا في مصراتة في لحظة واحدة خلال تواجدهم امام احد افران الخبز، كان ذلك اثناء وجودي في المدينة ولا تغيب عن ذاكرتي تلك الصور المأساوية التي شاهدتها بالمستشفى بعد نقل اشلاء الجثث اليها. (تبكي).
ما أهم نتائج الثورة برأيك؟
٭ اتحاد الشعب الليبي، وخلق شبكة اجتماعية بين الشباب الذين اصبحوا يتواصلون كل يوم، وفي نفس الوقت اكتشفنا امورا غريبة منها مثلا ان بعض الليبيين لا يعرفون ان هناك مواطنين ليبيين آخرين يعيشون في جبل نفوسة ويتكلمون لغة اخرى هي الامازيغية.
هل انتم على اتصال بشباب الثورة في مصر وتونس؟
٭ نعم، هناك علاقات قوية، توجهت مع وفد شبابي الى مصر والتقينا امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى في نهاية فبراير ووجه الامين العام فريق الجامعة بتلقي جميع المعلومات والتسجيلات وعمليات التوثيق التي قمنا بها عن احداث الثورة، وقدمنا للجامعة 5 مطالب: وقف نزيف الدماء، الموافقة على الحظر الجوي، تجميد اموال القذافي وعائلته، الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي والاعتراف بعلم الاستقلال.
كلمتك الاخيرة الى شباب ليبيا؟
٭ ادعوهم الى عدم الصمت لاحقا والصمود حاليا لحين تجاوز الازمة بالكامل وتحرير الارض والانسان في ليبيا من عهد الطاغية القذافي.
واقرأ ايضاً:
أوكامبو: لن نطلب من «الناتو» تنفيذ مذكرات التوقيف لأن الثوار تعهدوا بإلقاء القبض على القذافي
زيـارة إلى ليبيا.. في زمن انهيار الجدار
غرائب القذافي بلسان الليبيين: رمى عملات في البحر لتذكره الأجيال.. ألغى اللغات الأجنبية والعملة وفرض سنوات «شد الأحزمة».. وغير اسم المشروبات الغازية وأمر بتسمية الرياضيين بأرقامهم والمسؤولين بألقابهم في وسائل الإعلام بدلاً من استخدام الأسماء
الحاج محمد نجل المجاهد عمر المختار لـ «الأنباء»: أنتمي إلى «قبيلة ليبيا» وعهد الملكية كان أفضل من الجماهيرية
كتيبة شهداء 17 فبراير.. من رمز للخوف إلى منبع للثوار
اللواء يونس لـ"الأنباء" : حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ما فعله القذافي بحق الشعب الليبي