بيروت - عمر حبنجر - خلدون قواص -أحمد منصور
عمان - عبدالله المشامس
كان التهديد الذي تعرضت له سفارتنا في بيروت الحدث الاهم اول من امس، وذلك اثر تلقيها تهديدا من مجهول بأنها ستتعرض لقصف بصاروخين، الامر الذي دعا القائمين عليها الى اخلائها من الموظفين حرصا على سلامتهم وامنهم.
ويدل حجم الاستنكار الذي لقيه الحادث من جميع الجهات الرسمية والشعبية على مكانة الكويت في قلوب اللبنانيين ومدى الود والتقدير اللذين يكنونهما للكويت على جهودها المخلصة ومساعيها الخيرة ومساعداتها للبنان في كل الازمات التي تعرض لها على امتداد ثلاثة عقود.
وفي هذا الاطار تلقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح اتصالا هاتفيا من رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة اكد خلاله ادانة بلاده واستنكارها الشديد للتهديد الذي تعرضت له السفارة الكويتية في بيروت.
وقال الرئيس السنيورة، خلال المكالمة، ان بلاده حكومة وشعبا تستنكر تهديد السفارة الكويتية، مؤكدا ان ما يمس الكويت وشعبها يمس لبنان وشعبه.
وشدد على ان لبنان حكومة وشعبا يقف الى جانب الكويت في السراء والضراء، وان الاجهزة الامنية الرسمية اللبنانية «لن تسمح ابدا بأي تهديد يوجه الى مبنى السفارة او ديبلوماسييها او الى المواطنين الكويتيين في لبنان».
وطمأن السنيورة وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح بأنه اعطى تعليماته باتخاذ جميع الاجراءات التي من شأنها حماية السفارة والمصالح الكويتية الاخرى.
من جانبه، اشاد الشيخ د.محمد الصباح بمبادرة رئيس الوزراء اللبناني واهتمامه الشخصي بالحدث، معربا عن ارتياحه لسرعة تجاوب الاجهزة الامنية اللبنانية في التصدي لهذا التهديد، واكد الشيخ د.محمد الصباح ثقته باجراءات الحكومة اللبنانية وموقفها تجاه الحدث، مشيرا الى ان العلاقات الكويتية - اللبنانية على المستويين الحكومي والشعبي «اكبر من ان تتأثر بتصرفات فئات او افراد يحاولون دق اسفين في تلك العلاقة المميزة او النيل من التواصل البناء بين البلدين الشقيقين».
ردود الفعل المستنكرة للتهديد غصت السفارة بوفود سياسية واهلية جاءت مستنكرة ومستغربة، كما تلقى القائم بالاعمال طارق الحمد المزيد من الاتصالات وبيانات الشجب والادانة والتي تؤكد ان الكويت كانت وستبقى في حدقة عيون اللبنانيين.
وابرز المستنكرين حضوريا اعضاء الامانة العامة لقوى 14 مارس وتضم: د.فارس سعيد، النائب وائل ابوفاعور، نادر الحريري، ادي ابي اللمع، ميشال مكتف ومروان صقر، حيث التقاهم القائم بالاعمال طارق الحمد بحضور الشيخ دعيج الصباح وبدر مفرح.
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي ان التهديد الذي تلقته سفارة الكويت في بيروت يعود للخلل الامني في البلاد نتيجة الاوضاع السياسية السائدة.
واشار ميقاتي، في تصريحات له امس، الى ان تهديد السفارة الكويتية في بيروت يندرج في خانة الخلل الامني الذي يشهده لبنان، مشددا على ضرورة المسارعة الى معالجة هذا الوضع لتلافي المزيد من التطورات المشابهة.
من جهته، شجب النائب علي عسيران التهديد الذي تعرضت له السفارة الكويتية، مؤكدا استعداد الشعب اللبناني للتصدي لهذا الاسلوب الذي لا يتلاءم مع تقاليده. واجرى عسيران اتصالا بالقائم بأعمال السفارة الكويتية طارق الحمد، مؤكدا تضامنه مع الكويت. ووصف النائب انور الخليل تهديد السفارة الكويتية بالعمل المشبوه، معتبرا ان القصد منه الاساءة الى العلاقات المميزة التي تربط الكويت وشعبها بلبنان وشعبه.
من ناحيته، اعتبر الامين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان فايز شكر ان التهديد الذي تلقته سفارة الكويت محاولة لتهديد الامن والاستقرار في لبنان ولا يخدم الا اعداء لبنان والعرب.
كما استنكر رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي تهديد السفارة الكويتية، مبديا مخاوفه من سيناريو دولي لافراغ لبنان من التمثيل الديبلوماسي، لاسيما الوجود العربي. واعتبر رئيس جبهة العمل الاسلامي الداعية فتحي يكن انه مهما كانت الخلافات السياسية او الخلافات المذهبية والفئوية داخل الكويت فإن ذلك لا يبرر تعرض السفارة الكويتية او الرعايا الكويتيين لأي تهديد او خطر.
ساحة صراع
وقال الرئيس سليم الحص في بيان له توقفنا بأسف أمام الحذر الذي ابدته الشقيقتان العزيزتان المملكة العربية السعودية والكويت حيال زيارة مواطنيهما للبنان في ظل الظروف السائدة في بلدنا، يؤلمنا اي احتراز يتخذ من جانب اشقائنا العرب، وهم الذين الفنانهم يغمرون لبنان بمحبتهم الخالصة، وقد عودونا على التردد على بلدنا وهم يعتبرونه بلدهم الثاني ونحن نعتز بذلك. نرجو ان تكون دواعي الحذر عارضة جدا فلا تستمر طويلا.
وأضاف: ولا حاجة للتأكيد ان لبنان يكن للبلدين العربيين الشقيقين كل محبة واحترام، وهو يدعم كل القضايا التي تهمهما بلا أدنى تردد، ولبنان يعول على دعم البلدين الشقيقين له في محنته، والكل يدرك ان بلدنا بات أشبه بساحة صراع اقليمية دولية مفتوحة، على الرغم من ارادة غالبية الشعب اللبناني، مع العلم ان بين قادة لبنان السياسيين من لم يتردد في الانضواء تحت لواء هذا المعسكر أو ذاك من المتصارعين على أرض هذا البلد.
كما استنكر «التيار الوطني الحر» أمس التهديد الذي تعرضت له سفارتنا في بيروت، معتبرا هذا التهديد «ضمن الحملة المبرمجة لارهاب المواطنين اللبنانيين والعرب والأجانب» في لبنان.
وأصدر «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون بيانا أدان فيه تهديد السفارة الكويتية في وقت سابق اليوم، مطالبا في الوقت نفسه السلطات اللبنانية المختصة بكشف الفاعلين ومعاقبتهم من اجل تفادي تكرار مثل هذا الحادث.
وكان النائب عن «التيار الوطني الحر» ابراهيم كنعان قد قال في تصريح صحافي ان هذا التهديد يهدف الى زعزعة الاستقرار واستهداف العلاقات والروابط بين لبنان والكويت.
من جهة اخرى، أجرى مكتب العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله اتصالا هاتفيا بالقائم بالأعمال الكويتي في بيروت طارق الحمد. استنكر فيه التهديد الأخير الذي طاول السفارة الكويتية، معتبرا ان أمن الكويت - كما أمن الكويت - يهمنا، وهو ما عبرت عنه مواقف سماحة السيد فضل الله منذ احتلال الكويت من قبل النظام العراقي البائد.
تهجمات كلامية
ولاحظ نائب الشوف د.محمد الحجار في تعليقه على التهديد بالقصف الذي استهدف السفارة الكويتية في بيروت، وكأن هناك سياسة هادفة الى ضرب كل يد تمتد بالخير للبنان، وان ما تعرضت له سفارة الكويت بالأمس، ومن قبل سفارة المملكة العربية السعودية من تهديدات ترافقت مع تهجمات كلامية طاولت دور المملكة والكويت جزء من خطة مبرمجة لتعرية لبنان من الدعم العربي تمهيدا لاستفراد به، وبالتالي جره الى محاور ومواقع يرفضها شعبه بقوة واباء. ودعا النائب الحجار اخواننا في سفارتي الكويت والسعودية الى تفهم ظروف لبنان، وان يكونوا على ثقة بأنهم عندما يكونون في لبنان فانما يكونون في بلدهم وبين أهلهم، وصدورنا مفتوحة لهم.
المعكرون معروفون
وشجب عضو كتلة المستقبل النيابية، النائب هاشم علم الدين التهديد الغاشم الذي تلقته سفارة الكويت في لبنان، مؤكدا ان الذين يصطادون في الماء العكر باتوا معروفي الهوية والذين يحاولون تشويه العلاقات الاخوية بين البلدين.
مستغربا هذه الاساليب لترهيب الناس اما باغتيال القيادات السياسية والامنية او التخريب الدائم في احتلال الساحات العامة والتهديدات المفبركة للنيل من الوحدة الوطنية والعلاقات المهمة مع الدول الشقيقة مثل السعودية والكويت ومصر والاردن لما قدموه ويقدمونه الى لبنان.
كما اكد مفتي لبنان الشيخ د.محمد رشيد قباني ان ترهيب البعثات الديبلوماسية العربية والاجنبية في لبنان هو لتفريغ علاقة لبنان مع اخوانه العرب واصدقائه من مقومات علاقاته مع العالم، ولتخريب علاقاته مع محيطه العربي والعالمي بعد ان جرى ويجري افساد العلاقات بين اللبنانيين في الداخل بهدف اسقاط الصيغة اللبنانية الوفاقية التي كرسها اتفاق الطائف.
واشار الى ان التهديد الذي تلقته السفارة الكويتية في لبنان ليس من اخلاق اللبنانيين ولا شيمهم ولا من طبيعة علاقاتهم مع اخوانهم في الكويت ولا في اي بلد عربي آخر، بل هو من ايد ارهابية مخربة تريد ان تفسد على لبنان والعرب امنهم وسلامتهم واستقرارهم، ولن تؤثر على العلاقات الوثيقة التي تربط بين لبنان والكويت والعرب جميعا.
وتوجه المفتي قباني الى الكويتيين اميرا وحكومة وشعبا بمناسبة العيد الوطني للكويت وذكرى تحريرها اللذين تزامنا مع تهديد سفارتهم في لبنان قائلا: لن يرهبنا التهديد والاذى الذي يصدر عن جهات لا تريد الخير لنا جميعا، وسنتغلب معا على الشر الذي يريده الاعداء لنا بعون الله تعالى. ووصف قرار وزارتي الخارجية السعودية والكويتية بنصح وتريث مواطنيهم بالمجيء الى لبنان بالامر المقلق بسبب عدم استقرار امن لبنان.
ورأى المفتي قباني ان السياسة الاخوية والحكيمة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية في علاقاتها مع الاشقاء العرب وخاصة لبنان تغيظ الذين يريدون شرا بالمملكة والعرب ولبنان لان سياسة المملكة العربية السعودية الحكيمة تسقط اهدافهم واطماعهم العدوانية التي تمكنهم من التسلل خلال المنطقة العربية والعبث بأمنها وتضامنها ووحدتها واستقرارها.
واعتبر ان اي تعريض او تشكيك بالمملكة العربية السعودية وسياستها او النيل منها يدين المشككين ولا يضير المملكة في شيء، لانها والحمد لله تنطلق من قيم الاخوة والشهامة العربية الاصيلة التي تحفظ العهد والوفاء لكل اخوانها العرب ودولهم وشعوبهم. واجرى سماحته اتصالا بسفير المملكة العربية السعودية في لبنان عبدالعزيز خوجة والقائم باعمال السفارة الكويتية في لبنان طارق الحمد وابلغهما ادانته واستنكاره للتعرض للمملكة العربية السعودية وللكويت.
الصفحة في ملف ( pdf )