إعداد وترجمة: علي مشكوري
ان محافظة اردبيل التي هي من أروع معالم السياحة في ايران، عبارة عن سلسلة جبال مكسوة بأشجار الغابات الكثيفة الخضراء التي تكاد تغتسل يوميا بماء المطر، وإلا فإنها تكتفي أحيانا بالتيمم بقطرات الندى المنعشة، طبيعة ساحرة الجمال خلابة مدهشة، كل من شاهدها يقف مذهولا أمام عظمة الخالق وجمال صنعه، تلبس في الشتاء ثوبها الأبيض الناصع الذي نسجه لها تساقط الثلوج الكثيفة ليشكل طيلة فصل الشتاء مع باقي ألوان الطبيعة لوحة فنية رائعة السحر والجمال. اما صيفها فربيع، يخال المرء أزهاره المعطرة بقطرات الندى تذرف دموع الفرح لسماع الطيور تغرد عازفة ألحانها البديعة والمنسجمة مع عبق هذه الطبيعة الخلابة التي تسحر الزائر وتمنحه النشوة والنشاط. تقع اردبيل في الشمال الغربي من هضبة ايران وتبلغ مساحتها 18050 كيلومترا مربعا أي انها تشكل 1% من كل مساحة إيران. ويحد هذه المحافظة من الشمال نهر أرس وسهل مغان ومن الشرق سلسلة جبال طالش التي تفصلها عن محافظة جيلان، ومن الجنوب سلسلة جبلية ووديان تمتد الى محافظة زنجان، ومن الغرب محافظة أذربيجان الشرقية، تقع أربعة من أقضية هذه المحافظة على حدود جمهورية اذربيجان حيث يشكل نهرا أرس وبالهارود لمسافة 159 كيلومترا حدودا طبيعية بين البلدين. وتلتقي هذه المحافظة بجمهورية اذربيجان عبر نقطتين حدوديتين هما اصلاندوز وبيله سوار، كما ان لأردبيل حدودا مشتركة مع محافظة اذربيجان الشرقية الايرانية وذلك عبر مدن بارس آباد، مشكين شهر وخلخال. كانت أردبيل حتى عام 1993 تابعة اداريا الى محافظة اذربيجان الا ان ارتفاع عدد نفوسها وتوسعها أدى الى انفصالها لتشكل محافظة تضم 6 أقضية و16 ناحية و6 بلدات و2193 قرية آهلة، وتعتبر اردبيل من المدن الباردة في ايران، حيث تعيش من 5 إلى 8 أشهر شتاء قارصا تصل فيه درجة الحرارة أحيانا الى 20 درجة تحت الصفر لتنعم في بقية الأشهر بطقس معتدل ربيعي منعش وجميل.
المنتجعات والمصايف
منتجع سرعين: يقع هذا المنتجع على بعد 29 كيلومترا الى الغرب من أردبيل على سفح جبل سبلان، حيث توجد في هذه المنطقة عيون مياه معدنية غاية في الأهمية ومنها: غاوميش غلي وساري سو، قهوة سوذي وقره سو وشفا سوئي، كما أنشئت على عيون المياه الساخنة حمامات لغرض الاستشفاء بهذه المياه المعدنية، نذكر منها: حمام عين بئش باجيلار المجهز بقسم خاص بالمساج (فيزيوترابي) وكذلك مجمع سبلان الصحي الخاص بعلاج الأمراض بواسطة الماء، ويعتبر هذا المجمع من أكثر المجمعات العلاجية في ايران والشرق الأوسط تجهيزا ورعاية، كما تم مؤخرا بناء العديد من الفنادق ودور الاستراحة والمقاهي التقليدية والمتاجر لاستقبال السياح والزوار في هذا المنتجع.
منتجع سبلان: يمتاز منتجع سبلان بأنه يضم مناطق طبيعية ساحرة، ففيه العديد من البحيرات الكبيرة والصغيرة، منها بحيرة شورابيل الخاصة بتربية الأسماك، كما يقع على سفوح جبال شاهقة يبلغ ارتفاع أعلى قمة فيها 4811 مترا التي هي ثالث أعلى قمة في ايران، وتنبسط أمامها السهول الخضراء البديعة، وتتفجر فيها عيون مياه قل نظيرها في منطقة الشرق الأوسط، كما تضم مباني أثرية وتاريخية متعددة.
بحيرة نئور: تقع هذه البحيرة على بعد 48 كيلومترا جنوب شرقي اردبيل بالقرب من مدينة خلخال على سفح وادي باغيرو. ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 2500 متر، كما تبلغ مساحتها 210 هكتارات ومتوسط عمقها 5 أمتار. وتعتبر هذه البحيرة واحدة من أجمل البحيرات في ايران. شلال غور غور سبلان: يبلغ ارتفاع هذا الشلال حوالي 12 مترا في حين تبلغ المساحة المحيطة به 200 متر مربع ويقع على سفح وادي جبل سبلان الشهير. ويعتبر هذا الشلال من أجمل المناظر الواقعة في هذه المحافظة. عيون مياه بيله دره: تقع عيون مياه بيله دره المعدنية والباردة على بعد ثلاثة كيلومترات الى الشمال من مصيف سر عين، وتحتوي مياه هذه العيون على مختلف أنواع الأملاح المعدنية المفيدة، وقد وصفها الأطباء لعلاج الأمراض الكلوية والمعوية، كما اكتشف أخيرا بأنها مفيدة لأمراض الكبد والمجاري البولية وحالات التشنج والسمنة. وهناك عيون مياه أخرى مثل عيون مياه بوشلي التي تقع على بعد 45 كيلومترا الى الغرب من مدينة اردبيل، كما ان هناك العديد من الشلالات الأخرى وعيون المياه المعدنية الباردة والساخنة. نذكر منها: شلال وعيون قهوة خانة ذات المياه المعدنية الساخنة، وعيون مياه بشى باجي لار الساخنة وعيون مياه قره سو وساري سو كاوميش غلي وغزال وقهوة خانة همت ويل سويي بيله دره علي وعيون سرعين المعدنية وسردابه ومحمية نئور وبحيرة شورابيل ومصيف كنجكاه ومصيف نوشار ومصيف شور غل وملا أحمد.
مضيق حيران الجبلي: يعتبر هذا المضيق الجبلي الذي يربط بين محافظة اردبيل وجيلان من أجمل المناطق الطبيعية والخلابة في هذه المحافظة الذي يقع على محاذاة غابة فندقلو الغنية بالأعشاب الطبية المفيدة والنادرة التي تستخدم في العلاج الطبيعي. كما تقع على الجانب الآخر من الطريق منطقة التزلج على الحشائش التي تعتبر من المناطق النادرة والخاصة بهذا النوع من الرياضة.
وهناك طريق سياحي آخر يربط بين مدينة أسالم وخلخال الذي يعتبر الأجمل في نوعه ليس فقط في إيران بل في منطقة الشرق الأوسط قاطبة. ان من يسلك هذا الطريق يشاهد على مد البصر أجمل الغابات والوديان والسهول.
المناطق الأثرية والتاريخية
مزار الشيخ صفي الدين أردبيلي: يعتبر هذا المزار جزءا من مقبرة كبيرة تعود الى أسرة شهرياران الصفوية حيث دفن فيها الشاه اسماعيل والشيخ جنيد والسلطان حيدر وغيرهم من المشاهير، وقد زينت قباب هذه المقبرة وجدرانها بالكتابات والترصيع والتذهيب إضافة الى نقوش من الجبصين. كما ضم هذا المجمع التاريخي متحفا وجامعا. وقد تم في عام 2006 اكتشاف الكثير من الآثار في الحفريات التي تمت بالقرب من هذه المقبرة يعتبرها علماء الآثار غاية في الأهمية. وهناك مواقع أثرية وتاريخية أخرى. نذكر منها: منزل سيد هاشم ابراهيمي ومنزل وكيل الرعية ومنزل حاج يوسف آقاصدقي والبيت الحجري الواقع على الجبل ومقبرة أمين الدين جبرائيل وبرج شاطر كنبدي وتل قرة شيروان. هذا بالإضافة الى جامع اردبيل المركزي ومزار السيد الجليل صالح ومقبرة شام اسبيو مقبرة كرجان وكنيسة مريم المقدسة.
كما ان هناك عددا من الحمامات التي صممت على عيون المياه المعدنية منها حمام بير زركر اردبيل وحمام بير عبدالملك وحمام اوج دكان وحمام حاج شيخ وحمام بير وحمام ملا هادي وحمام صفوية.
لا شك في ان السائح سيجد الكثير من المتعة المادية والروحية في ربوع محافظة اردبيل حيث سحر الطبيعة التي تدعو الزائر الى التأمل والتفكر في عظمة الخالق وبديع صنعه ولطيف حكمته جل جلاله: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق...) انها دعوة قرآنية صريحة تدعو الإنسان الى السياحة في الأرض للتعرف على بديع خلق الله والاستفادة من نعمه التي لا تحصى (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).