- إعلان الاستفتاء على القرم جرى بصورة مخالفة للقوانين الأوكرانية ولن يتم الاعتراف الرسمي بنتائجه
- عدم إدانة أعمال روسيا بالإجماع من قبل المجتمع الدولي سيحول العدوان إلى ظاهرة عادية في العلاقات بين الدول
- لا نجد أي مبرر للتدخل الروسي ومشكلة اللغة الروسية اصطناعية
- بعد انهيار الاتحاد السوفييتي بدا لنا كأننا خرجنا من «سجن الشعوب»
- أوكرانيا ضد ظهور أي خط جديد لتقسيم الخريطة الأوروبية
- هناك مفاوضات جادة مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات العالمية لتقديم المساعدة المالية لإعادة استقرار الوضع الأوكراني
بيان عاكوم
شدد السفير الاوكراني لدى البلاد فولوديمير تولكاتش على ان «روسيا هي من تدفع ببلاده للتوجه نحو حلف شمال الاطلسي»، مشيرا الى انه تم اجراء «استطلاع للرأي في اوكرانيا بعد تعرضها للازمة مع روسيا تبين خلاله ان اكثر من 70% من سكان اوكرانيا يدعمون الانضمام الى الناتو»، مبينا «ان عدد المؤيدين ازداد مرتين عما كان قبل الاحداث الاخيرة».
وقال تولكاتش خلال لقاء خاص مع «الأنباء»: «انه اذا وجدت اي مخاوف لروسيا ازاء توسعة حلف الناتو فلا يسمح ذلك لها بالدفاع عن مصالحها على حساب انتهاك الاتفاقيات الدولية وتدخلها العسكري في اوكرانيا».
وبين «ان الحكومة الجديدة استأنفت العمل باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وإنشاء منطقة التجارة الحرة»، مشيرا الى انهم «جاهزون لتوقيعها».
وذكر انه «تجري الآن مفاوضات جادة مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي بشأن تقديم المساعدة المالية لإعادة استقرار الوضع الأوكراني وإجراء الإصلاحات اللازمة»، معبرا عن اقتناعه بأن «تنويع الاسواق التجارية لاسيما مصادر الطاقة من اهم واجباتهم في مشوارهم للحصول على الاستقلال المطلق لأوكرانيا»، لافتا الى انه قدم جميع المعلومات للجانب الكويتي فيما يتعلق بأعمال روسيا المخالفة للقانون الدولي، مؤكدا «ان الكويت تشاطرنا قلقنا وحريصة على الالتزام بالقانون الدولي».
وبخصوص الاستفتاء على شبه جزيرة القرم الذي اعلن انه سيتم خلال ايام بخصوص الانضمام الى روسيا، بين تولكاتش انه «تم الاعلان عن الاستفتاء بصورة مخالفة للقوانين الأوكرانية وبالتالي لا يؤدي ذلك إلى الاعتراف الرسمي بنتائجه»، والى تفاصيل اللقاء:
ذكرت سابقا انكم ستجتمعون مع السلطات الكويتية لشرح ما يحدث في بلادكم، فما نتائج لقاءاتكم مع المسؤولين في وزارة الخارجية الكويتية؟ وكيف وجدتم الموقف الكويتي؟
٭ خلال لقائي في وزارة الخارجية الكويتية قدمت جميع المعلومات فيما يتعلق بأعمال روسيا الاتحادية المخالفة للقانون الدولي والهادفة إلى احتلال أراضي جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي.
وسوف يؤدي انتهاك المبادئ الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والوثيقة الختامية لمنظمة الأمن والتعاون في اوروبا عام 1975م إلى تدمير نظام التعايش السلمي بين الشعوب في أوروبا والعالم كله.
وبالتالي فالجانب الكويتي يشاطرنا قلقنا اليوم ونشكره على ذلك الدعم الذي يقدمه لنا.
وكلنا سمعنا ما ذكره النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد عن اهتمام الكويت بكل ما يحدث في بلادنا حاليا وحرصها على الالتزام بالقانون الدولي والسعي لحل سياسي للنزاعات من خلال الحوار والمفاوضات.
وبرأيي، فالشعب الكويتي الذي منذ ايام قليلة احتفل بعيد التحرير من الغزو العراقي الغاشم لن ينسى ذلك الشعور الذي يسببه وجود الجيش الأجنبي في بيته لاسيما بحجج ليس لها مبرر على الاطلاق.
وأشير الى انه من خلال العديد من الاتصالات التي قمت بها مع مواطني الكويت تدل على أنهم يدعمون سلامة الأراضي الإقليمية والاستقلال السياسي لأوكرانيا.
قال الرئيس الروسي انهم يتركون الباب مفتوحا للتدخل العسكري بشكل واسع اذا رأوا الفوضى تنتشر في المناطق الشرقية، فإلى اي مدى تتخوفون من دخول روسيا ليس فقط في القرم وإنما ايضا في المناطق الشرقية؟
٭ أولا: شهدت أوكرانيا على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة اكثر الاحداث دموية في تاريخها الحديث وبالتالي الحكومة الجديدة تحتاج إلى فترة معينة لإعادة النظام في البلد واستئناف عمل أجهزة السلطة كلها على الصعيدين الوطني والمحلي، كما ان أمامنا تحديات جادة للقيام بالإصلاحات المتوقعة المستهدفة لتحديث الاقتصاد ومكافحة الفساد وتحسين المناخ الاستثماري وإنشاء المعايير الأوروبية في المجال القضائي والشرطي وكذلك التحضير للانتخابات الرئاسية المبكرة التي من المزمع إجراؤها في 25 مايو المقبل على أساس شفاف ونزيه.
وللأسف الشديد، بدلا من مد يد العون من قبل روسيا الاتحادية التي نعتبر شعبها شقيقا وصديقا وقريبا للشعب الأوكراني فهي تهدد باستخدام القوة واحتلال الأراضي الأوكرانية وفي الوقت نفسه يعتبر ذلك انتهاكا لمبادئ الأمم المتحدة من قبل العضو الدائم لمجلس الأمن لهذه المنظمة، فهذا أمر غير مقبول تماما، وفي حالة عدم إدانة أعمال روسيا الاتحادية الآن بالإجماع من قبل المجتمع الدولي كله فسوف يتحول العدوان إلى ظاهرة عادية في العلاقات بين الدول.
ولا أظن أن هناك أحدا يريد هذا. ومع ذلك، فالجيش الأوكراني على أتم التأهب وعنده القدرة الكبيرة على مواجهة أي سيناريو حربي موجه ضد أوكرانيا.
ووفقا لمعلومات العمليات على الرغم من أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن عودة قوات بلاده من التدريبات يوجد على الحدود الأوكرانية الشرقية تركيز الوحدات العسكرية الروسية وهذا يثير قلق الحكومة الجديدة.
هناك من يرى ان ردة الفعل الروسية طبيعية ويتساءلون كيف لروسيا ان تسمح بوصول حلف شمال الاطلسي الى حدودها خصوصا بعد الاطاحة بالرئيس يانوكوفيتش المقرب من الروس وبالتالي من شبه المؤكد وصول قيادة موالية للأميركيين والاوروبيين؟
٭ العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات الأميركية شأنهم، والحياة الداخلية السياسية في أوكرانيا شأننا.
وإذا كانت توجد لدى موسكو اي مخاوف إزاء توسعة الناتو فلا يسمح ذلك لها بالدفاع عن مصالحها على حساب انتهاك الاتفاقيات الدولية وتدخلها العسكري في أوكرانيا.
ووفقا للآلية الحالية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي فيجب اتخاذ القرار بهذا الشأن عن طريق الاستفتاء العام، إذن كل مواطن لديه الحق في تحديد موقفه والتأثير على هذا القرار.
ويدل استطلاع الرأي العام في اوكرانيا بعد تعرضها للعدوان الروسي أن أكثر من 70% من سكانها يدعمون انضمام بلادنا إلى الناتو وقد ازداد عدد المؤيدين بمرتين عما كان قبل الأحداث المذكورة. فهكذا روسيا بنفسها تدفع أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
ترجع روسيا تدخلها الى حماية الروس في اوكرانيا الذين يشكلون نسبة كبيرة، ما رأيكم؟
٭ نحن لا نجد اي مبرر حقيقي لأسباب التدخل الروسي في اوكرانيا، وفي الواقع طبيعة مشكلة اللغة الروسية في اوكرانيا اصطناعية على الاطلاق ويصدق ذلك من لا يعرف الحقيقة، فالدستور الاوكراني في مادته العاشرة ينص على التطور الحر واستخدام وحماية اللغة الروسية وغيرها من لغات الأقليات.
أما القانون الأساسي لجمهورية القرم ذات الحكم الذاتي التي تتعرض للعدوان فينص على حرية استخدام ثلاث لغات: أوكرانية وروسية وتتارية وفي الوقت نفسه توجد في مدينة سيمفيروبول مدرسة ثانوية واحدة فقط تدرس باللغة الأوكرانية. ونتمنى أن يكون الوضع اللغوي في روسيا بحق العدد الكبير من الأوكرانيين القاطنين فيها مثلما هو في أوكرانيا بحق الروس.
مع ذلك، فالروس في أوكرانيا لا يمثلون مجموعة منفصلة على هامش الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولكن بالعكس كثيرا منهم وعلى وجه الخصوص الناطقون باللغة الروسية كانوا ولايزالون يعملون على مناصب حكومية بداية من الرئيس أو الوزير إلى المسؤول العادي وهناك الأغلبية من الكتب والجرائد باللغة الروسية والفضاء التلفزيوني لاسيما البرامج الترفيهية المشهورة أيضا يتكلم باللغة الروسية.
فالدستور الأوكراني يحترم ويضمن كل الحقوق والحريات للأقليات القومية والدينية واللغوية ولكن اللغة الأوكرانية هي لغة الدولة الرسمية ويجب أن تستخدم بموجب القوانين السارية المفعول.
كما أود أن أشدد على أن الوضع اللغوي في أوكرانيا كان معروفا منذ زمن عندما اظهرت في وسائل الإعلام الصورة النمطية عن قسمي أوكرانيا حيث الغرب الأوكراني الموالي لأوروبا والشرق الروسي الموالي لروسيا، ولكن لم يطرح أحد مسألة تقييد حرية وحقوق الناطقين بالروسية أو منعهم من استخدام اللغة الروسية أبدا.
سيتم اجراء استفتاء حول وضع شبه جزيرة القرم بعد ايام الى اي مدى انتم متخوفون من فقدان هذه الجزيرة وإعادتها الى روسيا خصوصا أن غالبية قاطني الجزيرة من الروس؟
٭ بالنسبة إلى هذا الاستفتاء تم إعلانه على صورة مخالفة للقوانين الأوكرانية وبالتالي لا يؤدي ذلك إلى الاعتراف الرسمي بنتائجه. وفي الوقت الحالي تم اتخاذ قرارات حول إعلان الاستفتاء وتعيين رئيس مجلس الوزراء لجمهورية القرم ذات الحكم الذاتي بحضور رشاشات الجنود الأجانب والمقصود به أن عملية الاستفتاء لا تجري في المجال القانوني.
فمن الضروري أن نتذكر أن هناك العديد من الأوكرانيين والمجموعة الكبيرة من التتار المسلمين الذين يعبرون عن السكان الأصليين في شبه جزيرة القرم اذ هم حوالي 250 ألف شخص وكانوا يعيشون قبل الروس فيها منذ القرن الثالث عشر باستثناء فترة تسفيرهم الإجباري بعد الحرب العالمية الثانية بموجب أمر ستالين.
لقد كانت هذه المنطقة تقع دائما على ملتقى طرق البلدان والثقافات المختلفة على مدى القرون العديدة، حتى دعيني أشير إلى تأثيرات اليونانية والتركية والالمانية التاريخية عليها وليس صحيحا أن نسميها روسية بسبب وجود العدد الكبير من الروس فيها فقط.
والدليل الواضح على حماية حقوق هذه المنطقة هو إعطاء الصفة الخاصة لها في مطلع استقلال أوكرانيا ـ جمهورية ذات حكم ذاتي وليست بمحافظة كما هو في بلادنا.
ونظرا للإمكانات الطبيعية الخلابة والمعالم الثقافية التاريخية الرائعة اليوم فأمام سكان جمهورية القرم ذات الحكم خياران: إما تضافر الجهود للتحول إلى أحد المراكز السياحية الجذابة في العالم مع الحفاظ على كل حقوقهم الدستورية أو إلى منطقة عدم استقرار سياسي وعسكري.
برأيكم هل التهديدات الأميركية والأوروبية كافية لثني روسيا عن اي تدخل في بلادكم؟ وما الذي تطلبونه منهم للقيام به؟
٭ أهم شيء الآن هو عودة روسيا الاتحادية إلى مراعاة أحكام القانون الدولي - الاتفاقيات المتعددة الأطراف والثنائية، ومنها ميثاق الأمم المتحدة والوثيقة الختامية لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا ومذكرة بشأن الضمانات الأمنية فيما يتعلق بانضمام أوكرانيا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاقية الصداقة والتعاون والشراكة بين أوكرانيا وروسيا الاتحادية.
هل تتوقعون أن تتدخل اميركا وبريطانيا عسكريا لتنفيذ معاهدة بودابست بحماية وحدة اراضي اوكرانيا في حال تفاقمت الأزمة وتدخل الروس عسكريا في القرم والجانب الشرقي لبلادكم؟
٭ عندما نتكلم عن التدخلات العسكرية من الضروري أن نشير إلى أن كلتا الحربين العالمية الأولى (التي نحيي ذكراها المئوية في 2014) والثانية اندلعتا بعد الاستفزازات ولم يتنبأ احد وقتئذ بإمكانية وقوع تلك الأحداث الموجعة اللاحقة. لذلك حماية آليات الأمن الدولي يجب ان تكون في جدول الأعمال اليومي للمجتمع الدولي.
ففي عام 1994 امتنعت اوكرانيا لأول مرة في تاريخ البشرية عن حيازة ثالث أكبر ترسانة سلاح نووي في العالم مقابل الضمانات الامنية لسلامة اراضيها واستقلالها السياسي والاقتصادي من قبل روسيا وبريطانيا وأميركا وبعد ذلك الصين وفرنسا.
هل انتم نادمون الآن على توقيع معاهدة بودابست؟
٭ كان شعور الشعب الأوكراني بصدد كارثة تشيرنوبيل شديدا ومؤلما للغاية في تلك الفترة وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي بدا لنا كأننا خرجنا من «سجن الشعوب».
هل الظروف مواتية الآن لتوجه اوكرانيا نحو الاتحاد الاوروبي كليا، أم على العكس الخطوات الروسية ستجعلكم تحسبون حساب ردة الفعل الأخيرة؟
٭ استأنفت الحكومة الجديدة العمل باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وإنشاء منطقة التجارة الحرة ونحن جاهزون لتوقيعها.
والمهم في هذا السياق أنه في ميدان الاستقلال كان كثير من الشعارات والدعوات إلى مطابقة الحياة الأوكرانية للمعايير الأوروبية في مجال سيادة القانون ونزاهة عمل الشرطة والقضاء والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وهذه سوف يدعمها جميع سكان أوكرانيا لأنه لا أحد ضد ذلك النمط.فأوكرانيا ضد ظهور اي خط جديد لتقسيم الخريطة الأوروبية.
أعلنت مجموعة غاز بروم الروسية أنها ستلغي خفض سعر الغاز معكم بسبب عدم ايفائكم بالتزاماتكم ودفع ديونكم فهل تتوقعون من الاتحاد الأوروبي أن يساعدكم في تأمين الغاز وتسديد الديون؟
٭ الآن تجري مفاوضات جادة مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي بشأن تقديم المساعدة المالية لإعادة استقرار الوضع الأوكراني وإجراء الإصلاحات اللازمة.
أما التغيرات الجديدة في سعر الغاز الروسي فأنا مقتنع بأن تنويع الأسواق التجارية ولاسيما مصادر الطاقة من أهم واجباتنا في مشوارنا للحصول على الاستقلال المطلق لأوكرانيا.
وأشير في هذا الاطار الى انه في ظروف العولمة العالمية فأي تدهور للشروط التجارية يؤثر سلبا على الكيانات الاقتصادية الأخرى، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة التأثير السلبي للعدوان الروسي على أسهم الشركات الروسية في البورصة وانخفاض سعر العملتين الاوكرانية «غريفنيا» والروسية «روبل». والمهم أن تتغلب المصالح الاقتصادية على الطموحات السياسية ونتوصل إلى الأسعار العادلة التي تلبي مصالح جميع شركاء السوق.
32 مليون دولار حجم التبادل التجاري
ذكر السفير الأوكراني أن تعزيز علاقاتهم مع الكويت من اولوياتهم، مشيرا الى انه بعد استقرار الأوضاع في بلاده سيتم متابعة كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها إلى جانب الإسراع في العمل بمشاريع الاتفاقيات التي من المفترض توقيعها في المستقبل في مجالات مختلفة كالزراعة والتكنولوجيا والعلوم وغيرها. وعن حجم التبادل التجاري ذكر تولكاتش انه وصل الى 32 مليون دولار عام 2013 مبديا تطلع بلاده لزيادة الاستثمار الكويتي العام والخاص.