- ليس صحيحاً ما أشيع عن تهميش دور البرلمان أمام الحكومة فخلال السنتين الماضيتين
- شهد العراق أكثر حالات استضافة واستجواب وقدوم للسلطة التنفيذية ومسؤوليها أمام النواب
- حريصون كل الحرص على السيادة العراقية وعلينا تنبيه أي دول تتجاوزها عبر القنوات الديبلوماسية
- إيران دولة جارة وعلينا بناء علاقات معها وفق المصالح المشتركة
أجرى الحوار: محمد بسام الحسيني
بقوة القضاء عاد د.سليم الجبوري، السياسي الهادئ، الى مقعده في رئاسة مجلس النواب العراقي بعدما نزعت المحكمة الاتحادية الشرعية عن محاولات عزله من قبل مجاميع من الكتل والنواب المدعوين من متظاهرين اقتحموا مبنى البرلمان وطالبوا بتنحيه مع رئيس الوزراء حيدر العبادي.
«الأنباء» التقت د.الجبوري على هامش زيارته الرمضانية لدولة الكويت وحاورته حول آخر التطورات في المشهد العراقي في ظل الهجوم المستمر على تنظيم «داعش» الإرهابي، فأكد ان الحملة على «داعش» مستمرة، ورأى ان الساحة السياسية العراقية طوت صفحة المرحلة الماضية، وتتجه الى التهدئة التي تتراجع معها خيارات التقسيم الجغرافي.. وفيما يلي نص الحوار:
نود في البداية ان تحدثنا عن انطباعاتك بعد اللقاء الذي جمعكم اليوم مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وكبار المسؤولين؟
٭ يدخل اللقاء ضمن إطار التواصل المستمر الذي نحرص عليه في العراق، وتخلله تداول للأوضاع الأمنية والأوضاع السياسية وطبيعة العلاقات الثنائية والحرص الشديد للمضي قدما باتجاه تعزيزها على مختلف الصعد. وقد تحدثت لسموه وللمسؤولين عن التطورات الأمنية على الأرض خلال مواجهتنا مع الإرهاب، فضلا عما شهدته الساحة السياسية مؤخرا من حلحلة لبعض المشاكل التي تابعتموها ووجدت لها طريقا نحو الحل بما هيأ لوضع عام من الاستقرار وطي صفحة الماضي والاشكالات في هذا الإطار.
تقصدون حكم المحكمة الاتحادية الذي صدر لصالحكم وأكد بقاءكم في رئاسة البرلمان.. هل يزيل هذا الحكم تراكمات الفترة الماضية خاصة اننا سمعنا بعض الجهات تدعو الى عودة التظاهر بعد شهر رمضان المبارك.. كيف سيكون المشهد في ظل هذه الدعوات؟
٭ ما شهدته البلاد خلال الشهرين الماضيين كان حالة من الشلل الذي أصاب المؤسسة التشريعية ومعها المؤسسات الأخرى، ونأمل انه انتهى.
طبعا هذا لا يعني عدم سماع الأصوات المعارضة وفق الدستور والقانون أو عدم السماح للمتظاهرين بأن يعبروا عن آرائهم. هذا أمر متاح وأجواؤه موجودة، ولكننا نؤكد بشكل واضح اننا نسعى لحالة من الانسجام، وان تكون هناك جلسات شاملة تنجز وتطرح مواضيع تهم المواطنين وتفيدهم.
كيف ستتعامل شخصيا مع النواب الذين صوتوا على عزلك من منصبك؟ هل انتهى الخلاف معهم؟
٭ لم يكن لدي موقف شخصي منهم سابقا حتى يستمر. هم كانوا يعبرون عن رأيهم في مسألة معينة، وأنا طلبت رأي القضاء وقلت انه سيكون الفيصل بيننا، وهذا ما تم. قالت المحكمة الاتحادية قولها وألزمت الجميع بالتالي باحترام قرارها.
طبعا، هناك بعض الدعاوى ذات البعد الجنائي التي ترتبط ببعض المخالفات والتقصير الذي تم ارتكابه، هذا يأخذ مداه بشكل واضح في السياسات القضائية المعتادة.
ماذا عن علاقتك مع رئيس الوزراء حيدر العبادي.. وهل صحيح ما نسمعه عن وجود طغيان لدور الحكومة على حساب مجلس النواب، وان البرلمان كان مهمشا في الفترة الماضية؟
٭ أولا المجلس لم يكن مهمشا في الفترة الماضية، بل بالعكس خلال السنتين الماضيتين شهد العراق أكثر حالات استضافة واستجواب وقدوم للسلطة التنفيذية الى البرلمان في وقت لم يكن يستطيع فيه البرلمان في السابق ان يأتي بشخصيات على مستوى رتب عسكرية عالية أو وزراء.
السنتان الماضيتان شهدتا ما يزيد على 15 مرة يأتي فيها رئيس الوزراء الى البرلمان للحديث والاستفسار وطرح قضايا عديدة، وهناك جانب كان مغيبا ففعلناه وهو السؤال الى كل المسؤولين في السلطة التنفيذية.
في فهمنا أن قوة البرلمان تأتي من خلال تفعيل دوره الرقابي، وأيضا انجازه التشريعي. بالبعد السياسي العلاقة قائمة على أساس التعاون والانسجام، ولكن ليس على أساس طغيان جهة أو إذعان أخرى، بل تعاملهما وفق ما حدده القانون.
نقرأ في العديد من التحليلات ان الوضع السياسي في العراق اليوم يحكمه توافق أميركي ـ إيراني يسيطر على القرار في البلد ويؤثر في سياسته الخارجية.. كرئيس للسلطة التشريعية هل توافقون على هذا التشخيص للواقع؟
٭ لا يُنكر انه في الفترة التي مضت كان العراق ساحة لأجندات دولية وللتصارع، خصوصا بعد ان استفحل وجود «داعش» في محافظات عدة، وطالبت الحكومة المجتمع الدولي بالمساعدة. لعل هذا الأمر استغل بشكل أو بآخر، وهناك بصمات تؤشر الى ان الحضور الدولي موجود، وفي غالبه بشكل رسمي من خلال تفاهمات مع الحكومة. ولكن ما كنا حريصين عليه وما زلنا هو ضرورة الحفاظ على السيادة العراقية وعدم تجاوزها والتفاهم مع القنوات الرسمية وعلى رأسها الحكومة في مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية.
ما نظرتك للوضع الإيراني في العراق اليوم؟
٭ إيران دولة جارة وعلينا بناء العلاقات معها بالشكل الذي يحافظ على مصالح البلدين المشتركة واستقرارهما.
هل ترى الدور الإيراني إيجابيا أم سلبيا؟
٭ لا يجب النظر دائما للأمور بهذه الصورة.
ببعض الجوانب العراق يحتاج الى وقوف دول الجوار بجانبه، وان تعينه وتساعده في أزمته التي يعيشها، لاسيما في موضوعي النازحين والإرهاب. نحن حريصون على ان نكون ضمن المنظومة العربية واذا حصلت بعض التجاوزات من دول معينة فيجب تنبيهها وفق الأطر الديبلوماسية. لكن بطبيعة الحال الظرف الذي يمر به العراق ظرف استثنائي، ونحن حريصون على ان يملأ الفراغ الموجود بتعاون عربي يمكن من خلاله ان يكون العراق الكاسب الأكبر فيه.
لم يغب يوما الحديث عن تقسيم العراق في ظل ما يعانيه من مشاكل، وتزايد الخلافات مع اقليم كردستان العراق والأوضاع الاقليمية وتحرك الأكراد.. هل أنت متفائل ببقاء البلد موحدا وهل له القدرة على ذلك؟
٭ بصراحة هناك رهان على ان مآل الأوضاع في العراق ربما يكون التقسيم الجغرافي. التوجه العام هو الحفاظ على وحدة العراق وترك المجال للخيارات الأخرى على ان تكون ضمن القانون وضمن الدستور، بمعنى يمكن ان تتوسع صلاحيات المحافظات صوب اللامركزية بموجب قرارات وقوانين أهمها نقل صلاحيات الوزارات الى الحكومات المحلية، ويمكن ان تتحول المحافظة الى اقليم وفق السياقات الطبيعية.
لكن شبح التقسيم تراجع الى حد ما، خصوصا على ضوء التحديات التي واجهناها خلال الفترة القريبة الماضية والتي بدأت تشهد انفراجا وانفتاحا حتى على مستوى العلاقة بين حكومة بغداد وأربيل.
تمثل الموصل قلعة مهمة استخدمها «داعش» وتوجه من خلالها الى مناطق أخرى في العراق، واليوم ندعو كل الطاقات العسكرية لاستثمار زخم الانتصار الذي تحقق في الفلوجة لتحقيق انتصارات أخرى في «الشرقاط» و«الحويجة» و«نينوى» والأيام القادمة ستشهد ذلك، لدينا يقين وإرادة لتحرير مناطقنا.
أهم الجوانب التي تحتاج الى وقفة هو الجانب الإنساني، فهناك أعداد كبيرة من المواطنين ممن ما زالوا رهائن لدى «داعش» ولا بد من أخذ ذلك بالاعتبار في أي عمل عسكري. بالنسبة الى تجربة «الصحوات» في الفترة الماضية فقد شابها نوع من الفشل لأن من تصدى لمواجهة «القاعدة» تُرك والدولة لم توله الاهتمام الكبير، بينما استهدفه الإرهابيون. لذا كان توجهنا بأن تمسك المناطق من خلال السكان المحليين، تقريبا هذا ما حصل بشكل لا بأس به في «الأنبار»، وقبل يومين في الموصل تم تطويع نحو 15 ألف شخص. وشهدت عمليات التحرير أطرافا أخرى غير رسمية وشعبية ومن محافظات متعددة بعنوان الحشد الشعبي ساهمت في عملية التحرير كما شاهدنا في الفلوجة. وقعت بعض الممارسات في مجمل ما حصل سواء في تحرير «الفلوجة» أو «الأنبار» أعتقد يمكن تجاوزها من خلال تحجيم من يريد ان يجهض عنوان النصر أو يحرفه عن مساره لاعتبارات عديدة.
بعض الدول الخليجية تصف «الحشد الشعبي» بالإرهاب.. كيف تتعاملون مع الأمر؟ وهل تتقبلونه؟
٭ انا أميز بين المؤسسة والممارسة. مؤسسة «الحشد الشعبي» موجودة وتابعة للقائد العام للقوات المسلحة. وأي ممارسة يمكن أن تنتج عنها عملية قتل أو تعذيب غير مبرر أو انتهاكات لا إنسانية مدانة من الجميع، والكل يسعى كي لا تحصل، واذا وقعت فلا بد من التحقيق لكشف مرتكبيها ومحاسبتهم.
حضور السفيرين الزواوي وبحر العلوم
حضر اللقاء سفير دولة الكويت في العراق غسان الزواوي، وسفير العراق لدى الكويت د.محمد حسين بحر العلوم،
وأثنى د. الجبوري خلال المقابلة على الدور الكبير للسفارة الكويتية في بغداد بتعزيز العلاقات وتوطيدها. كما عبر السفير بحر العلوم عن تقدير العراق الكبير لدور الكويت وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد «قائد الإنسانية» في دعم اخوانه من المسؤولين العراقيين وشد أزرهم ليتجاوز العراق أزماته.
علاقتنا بالكويت الأكثر تميزاً ولا ننسى دعمها الإنساني والسياسي وإسنادها في مكافحة الإرهاب
قال د. الجبوري ان ما قامت به الكويت من دعم للعراقيين جعلها الأقرب اليهم، خاصة على المستوى الإنساني عبر دعم النازحين والمبادرات الكريمة من صاحب السمو بتخصيص مبالغ لهذه الغاية ومن خلال السفارة الكويتية في العراق.
وأضاف: كل ذلك يعزز الرغبة الجادة في التعاون بين البلدين، وعلاقتنا بالكويت اليوم هي الأكثر تميزا على المستوى العربي.
ولدى العراقيين شعور بأن ما يتم تقديمه من قبل الكويت يأتي ضمن إطار المصلحة المشتركة ولا يرجى منه تحقيق مصلحة على حساب العراقيين.
وفي الوقت ذاته، لا ننسى الإسناد العسكري والرغبة الكويتية الحقيقية بألا يستفحل الإرهاب في بلدنا ووقوفها الى جانبنا على مختلف الصعد، فضلا عن الدعم السياسي والديبلوماسي.