- مشروع الربط الآلي لفحص العمالة الوافدة بين «الصحة» و«الداخلية» مازال في مراحله الأولى.. ولم نقطع شوطاً طويلاً فيه
- نسعى لتنفيذ سجل مركزي شامل ودقيق للدرن يشمل الحالات المشتبه بها والمخالطين والمرضى ونتائج المختبر
عبدالكريم العبدالله
كشفت رئيس وحدة مكافحة الدرن في ادارة الصحة العامة بوزارة الصحة د.عواطف الشمري عن عدم لياقة 800 وافد صحيا للإقامة في البلاد سنويا بسبب اصابتهم بمرض الدرن، وذلك بعد تشخيصهم بفحص الصدر بالأشعة السينية، علما بان جميع هؤلاء الوافدين قد تم فحصهم في بلدانهم الأصلية سابقا، ومع ذلك تقوم وحدة مكافحة الدرن بإعادة الفحص مرة أخرى لتأكيد النتائج، مبينة أن معظم هذه الحالات تأتي من بلدان آسيوية يتفشى فيها مرض الدرن، حيث لا تلتزم بعض مراكز فحص العمالة الوافدة في الخارج بتطبيق سياسات موحدة متفقة مع توجه ادارة الصحة العامة في منع حالات الدرن الرئوي النشط وغير النشط من دخول البلاد.
وتمنت الشمري في تصريح لـ «الأنباء» على هامش جولة خاصة قامت بها «الأنباء» في مبنى وحدة مكافحة الدرن أن تسهم التقنيات الحديثة في تحديث آلية فحص الوافدين، بحيث يتم الاطلاع على أشعة الوافد وهو في بلده الأصلي، واعتماد السليم منها، وبذلك نتجنب ترحيل الوافد بعد دخوله الى البلاد لعدم لياقته الصحية، مع ما يتضمن ذلك من خسائر مادية ونفسية واجتماعية وتكلفة اقتصادية على الوزارة في حال احتياج الوافد الى العلاج، موضحة أن قراءة الاشعات في بلد آخر ليس بالشيء الجديد، حيث تقوم به عدة دول، وذلك لندرة أطباء الأشعة في بلد ما أو لارتفاع أجورهم.
الربط الآلي
وأكدت د.الشمري ان مشروع الربط الآلي لفحص العمالة الوافدة بين وزارة الداخلية ووزارة الصحة مازال في مراحله الأولية، ولم نقطع شوطا كبيرا فيه باعتبار أن الأولوية في تحديث التقنيات دائما تكون لقطاع المراكز الصحية والمستشفيات، مشيرة في الوقت ذاته الى أن هذا المشروع لو طبق فسيساهم في تحسين نوعية الخدمة المقدمة من قبل وحدة مكافحة الدرن عند تقدم الوافد إلينا لعمل الفحص الطبي للإقامة، حيث يهدف المشروع الى إرسال بيانات الوافد المسجلة لدى ادارة الهجرة إلكترونيا الى وزارة الصحة، ومن ثم يتوجه الوافد بعد ذلك لعمل الفحص الطبي اللازم، وتسجيل النتائج أيضا آليا ليتم إرسالها بعد ذلك الى ادارة الهجرة في الداخلية، لافتة ايضا الى أن هذا يهدف الى ضمان دقة البيانات الديموغرافية المسجلة للوافد لاعتمادها على قاعدة بيانات وزارة الداخلية، وبالتالي سهولة ربطها مستقبلا بالملف الصحي للوافد بعد دخوله الى البلاد إذا تمت معرفة رقمه المدني، وإنشاء ملف صحي له منذ اول يوم دخوله الى البلاد، فضلا عن انه يؤدي الى تقليل الاعتماد على التسجيل اليدوي وبالتالي عدم الحاجة الى إجراءات التسجيل الطويلة والتي تؤدي الى اكتظاظ مراكز فحص العمالة الوافدة والتغلب على مشكلة نقص عدد العاملين في هذه المراكز.
الصحة الإلكترونية
وتابعت الشمري: ان اهمية مشروع الربط الالي تتمثل في توجه الادارة الصحية الحديثة في العالم باعتماد مفهوم الصحة الالكترونية ehealth، إذ تعتبر تقنية المعلومات هي الثورة الثالثة في الطب الحديث بعد ثورة العقاقير في القرن التاسع عشر، وثورة التصوير الاشعاعي في القرن العشرين، وثبت ذلك باستخدام التقنيات الحديثة في تقديم الخدمات الصحية، كما استحدث ايضا مفهوم mhealth وهو استخدام وسائل الاتصال المتنقلة في تقديم الرعاية الصحية لعدة اغراض واهداف، خاصة عند صعوبة تقديم الرعاية الصحية بطريقة مباشرة، حيث يتم تقديمها بطريقة تفاعلية باستخدام وسائل الاتصال.
وكشفت د.الشمري عن الخطط المستقبلية لدى وحدة مكافحة الدرن لحل مشكلة الدرن، بأن التوجه المستقبلي لحل مشكلة الدرن، والتي تتمثل بـ 3 ركائز، الاولى هي المراقبة والترصد لحجم المشكلة، والثانية معالجة ما تم رصده من المشكلة، والاخيرة هي الوقاية من حدوث المشكلة مستقبلا، مشيرة الى الحاجة للعمل على هذه النقاط الثلاثة لمكافحة مرض الدرن أو اي مشكلة صحية اخرى، بحيث تتضح أهمية توفير اساسيات التقنيات الحديثة للمساعدة على ترصد المشكلة ومعالجتها مثل تقنية نظام المعلومات الجغرافي gis وهو نظام توصي به منظمة الصحة العالمية، خاصة في مجال الأمراض المعدية، والذي تم استخدامه على نطاق مؤثر في مدينة لندن في اواخر القرن التاسع عشر عند تفشي مرض الكوليرا، حيث تم التوصل الى مصدر العدوى عن طريق عمل خريطة لأماكن توزيع الماء وبيوت المرضى، ولذلك نحتاج وبشدة الى التقنيات الحديثة في ترصد مصدر العدوى لنستطيع محاربتها.
سجل مركزي
وأكدت د.الشمري على أن الخطط المستقبلية هي عمل سجل درن مركزي شامل ودقيق، والذي يعتبر مطلبا أساسيا ومهما لتطبيق اي مشروع وطني لمكافحة مرض الدرن بحيث يشتمل السجل على اربعة اجزاء» سجل مرضى الدرن بجميع أنواعه ـ سجل المخالطين ـ سجل المشتبه بهم ـ سجل نتائج المختبر، منوهة بأنه في الوقت الراهن لا يمكن عمل هذا السجل لعدم تمكن وحدة مكافحة الدرن من الحصول احيانا على جميع البيانات المتعلقة بمرضى الدرن والمخالطين، وذلك لعلاجهم في أكثر من جهة مما يصعب احيانا التنسيق مع هذه الجهات، علما بأن السجل الوحيد المكتمل لدينا هو سجل المختبر وذلك لوجود مختبر الدرن المركزي في الوحدة.
إدارة للأمراض المعدية
ودعت د.الشمري الى إنشاء ادارة لمكافحة الامراض المعدية على ان يكون تحت مظلتها جميع الأقسام الصحية الوقائية والعلاجية العاملة في الوزارة بما يسهل عملية التنسيق والمتابعة، وذلك لاننا نتعامل مع مرض معد لا يهتم بهيكلة الوزارة او بالدورة المستندية اذا أراد الانتشار، كما يجب أن تضم هذه الادارة قسما خاصا للتصريح الإعلامي والإرشاد الرسمي في حال ظهور مرض جديد، بحيث لا يكون هناك مجال للمعلومات المغلوطة كما حدث في مشكلة كورونا مثلا، ويكون هذا القسم هو المرجع لأي تصريحات او احصائيات تنشر بخصوص المشكلة الصحية مع نظام معلوماتي متطور للإبلاغ عن اي حالة اشتباه بإصابة بمرض معد سواء من شخص يعمل في المجال الطبي او خلافه، وتتبع البلاغ للتحقق من صحته، بالاضافة الى انه يجب أن يكون هناك تعاون مع وزارة الداخلية لتتبع اي مريض انقطع عن العلاج او تهرب منه لان ذلك يدخل في باب الأمن الصحي، فضلا عن عمل البحوث والدراسات عن أسباب انتشار مرض بعينه وكيفية معالجته ومنع انتشاره.
لقطات
تخزين البيانات
اشارت د.الشمري الى أن مشروع الربط الالكتروني لفحص العمالة الوافدة بين الداخلية والصحة في حال تطبيقه سيساهم بسهولة في تخزين البيانات الصحية للوافد وحفظها أرشيفيا وتقليل الاعتماد على المعاملات الورقية والتي يصعب تخزينها لازدياد أعداد المراجعين سنويا، وبالتالي إمكانية العودة إليها سريعا في المستقبل عند الحاجة لذلك، خصوصا عند مغادرة الوافد للبلاد بعد قضاء فترة من الزمن والعودة للعمل مرة أخرى، لذلك نحتاج في بعض الأحيان لمقارنة التغيرات التي طرأت عليه صحيا.
الشعور بالأسى
عبرت د.الشمري عن شعورها بالأسى عند ورود اي بلاغ عن حالة درن جديدة، مبينة أنها تشعر بالإحباط ان لم تفلح الجهود المبذولة في منع وقوع هذه الإصابة، وذلك لان مرض الدرن هو مرض يمكن تجنب الإصابة به ويمكن الشفاء منه بصورة تامة.
الملف الإلكتروني
قالت د.عواطف الشمري: نأمل عند تطبيق الملف الالكتروني الشامل لبيانات المرضى في جميع المستشفيات والمراكز الصحية ان نرى مساهمة بصورة اكبر في تغذية سجل الدرن المركزي من قبل الاطباء المعالجين، علما بوجود فكرة عمل تطبيق لإدخال بلاغات الدرن للهواتف الذكية ولوائح الحاسوب لتشجيع الاطباء على الإبلاغ عن اي حالة درن بسهولة ويسر في آخر اجتماع حضرته بخصوص الدرن في منظمة الصحة العالمية.
الأمراض المزمنة
لفتت د.الشمري الى انه من الملاحظ الآن تركيز الأنظمة الصحية على الأمراض المزمنة كمسبب أولي للوفيات والعجز ولكن لما تسببه هذه الأمراض من نقص في المناعة نجد ان أكثر من يصاب بالأمراض المعدية هم أشخاص لديهم مرض مزمن يؤثر سلبا على المناعة كمرض السكر، لذلك لا يجوز في اعتقادي التركيز على مشكلة صحية دون الاخرى لارتباط المشكلات الصحية ببعضها البعض.