-
الحكم سينشر في الجريدة الرسمية الأحد المقبل 23 الجاري
-
الصوت الواحد قاعدة متبعة في العديد من الدول الديموقراطية
-
يساوي بين جميع المواطنين في حقوقهم الانتخابية
-
لا قداسة ولا استقرار في شؤون تحديد طريقة التصويت عامة وفي الشؤون الانتخابية خاصة
-
لا وجه للقول بأن تحديد الدوائر وطريقة التصويت منوطان بنواب الأمة
-
القوانين الصادرة من المجلس المبطل سارية ونافذة إلى أن يتم إلغاؤها أو يقضى بعدم دستوريتها
مريم بندق ـ سامح عبدالحفيظ ـ مؤمن المصري
رشيد الفعم ـ سلطان العبدان ـ بدر السهيل
قضت المحكمة الدستورية أمس برفض الطعن المقدم في صحة مرسوم الضرورة الخاص بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة ما يعني تحصين «مرسوم الصوت الواحد» بعد ان قبلت الطعن من حيث الشكل.
كما حكمت المحكمة ايضا بعدم دستورية مرسوم الضرورة الخاص بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات مع إبطال عملية الانتخابات التي تمت في الأول من ديسمبر 2012 برمتها في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادة الانتخابات مجددا كأن هذا المرسوم بقانون لم يكن.
وفور صدور الحكم عقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا بعد ظهر أمس في ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء بقصر السيف برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك.
وبعد الاجتماع صرح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون البلدية الشيخ محمد العبدالله بأن هذا الاجتماع يأتي في أعقاب صدور حكم المحكمة الدستورية في شأن الطعون الانتخابية المقدمة من بعض المواطنين.
وقد تدارس مجلس الوزراء التفاصيل المتعلقة بالحكم والاجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن.
وأضاف الشيخ محمد العبدالله انه في هذا الصدد فإن مجلس الوزراء اذ يؤكد احترامه الكامل لجميع الأحكام الصادرة من قضائنا العادل والتزامه الجاد بتنفيذها وفقا للدستور والقانون فإنه يسجل بالتقدير والاعتزاز الجهود الكبيرة التي يقوم بها رجالات القضاء المخلصون بما عرف عنهم من نزاهة وكفاءة وحرص صادق على احقاق الحق والانتصار للدستور والقانون وانه كان ولايزال المرجعية الحاكمة للفصل في كل الاختلافات القانونية والدستورية وأن أحكامه هي دائما عنوان الحقيقة.
وقد أصدر مجلس الوزراء قراره بتكليف الجهات المعنية بمتابعة دراسة حكم المحكمة الدستورية المشار اليه وآثاره لوضع الخطوات العملية اللازمة لتنفيذ مضمونه.
وفي هذا الصدد علمت «الأنباء» ان الحكم سينشر في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) الأحد المقبل 23 الجاري على ان تتم الدعوة الى الانتخابات خلال شهرين أي قبل 23 أغسطس والتاريخ المتوقع منتصف أغسطس بعد إجازة العيد مباشرة.
وقالت مصادر دستورية في تصريحات خاصة لـ «الأنباء» ان حكم المحكمة الدستورية تضمن النقاط التالية:
٭ تحصين مرسوم الصوت الواحد، وقد أكدت المحكمة على ان الضرورة متحققة في المرسوم للحفاظ على الأمن القومي للبلاد.
٭ عدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات لانتفاء شرط الضرورة.
٭ إخضاع المراسيم التي تصدر لرقابة المحكمة الدستورية.
٭ صحة مرسوم حل مجلس 2009 وعدم عودته مرة أخرى.
٭ الدعوة الى انتخابات جديدة وفق مرسوم الصوت الواحد وردا على سؤال حول حكم المحكمة في الطعون، أجابت المصادر: مادامت قد أبطلت الانتخابات برمتها فلا داعي للنظر في الطعون.
وفيما يلي نص حكم المحكمة الدستورية:
حكمت المحكمة الدستورية برفض الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة وبعدم دستورية القانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات.
كما حكمت المحكمة الدستورية بعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم في عملية الانتخابات التي تمت في 1/12/2012، وجاء نص الحكم كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 7 من شهر شعبان 1434هـ الموافق 16 من يونيه 2013م.
برئاسة السيد المستشار يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين محمد جاسم بن ناجي وخالد سالم علي وخالد أحمد الوقيان وابراهيم عبدالرحمن السيف وحضور خالد عبدالرحمن الحاتم أمين سر الجلسة.
صدر الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في سجل المحكمة الدستورية برقم 15 لسنة 2012
طعون خاصة بانتخابات مجلس الامة ديسمبر 2012
المرفوع من:
أسامة منصور صالح الرشيدي
ضد:
1- عسكر عويد عسكر العنزي، 2- سعد علي خالد خنفور الرشيدي، 3- سعود نشمي معلج الحريجي، 4- مبارك بنيه متعب فهد الخرينج، 5- ذكرى عايد عوض بطي الرشيدي، 6- خالد رفاعي محمد الشليمي، 7- محمد ناصر ماطر البراك الرشيدي، 8- مبارك بنيه خلف العرف، 9- مشاري ظاهر معاشي فاضل الحسيني، 10- مبارك صالح حسن علي النجادة، 11- رئيس مجلس الامة بصفته، 12- الأمين العام لمجلس الامة بصفته، 13- وزير العدل والشؤون القانونية بصفته، 14- وزير الداخلية بصفته، 15- رئيس مجلس الوزراء بصفته، 16- رئيس اللجنة الوطنية العليا للانتخابات بصفته.
الوقائع
حيث ان الوقائع ـ حسبما يبين من الاوراق ـ تتحصل في ان الطاعن (اسامة منصور صالح الرشيدي) طعن في انتخابات اعضاء مجلس الامة التي اجريت في الاول من ديسمبر عام 2012 في الدائرة الانتخابية «الرابعة»، وذلك بصحيفة طعن اودعت ادارة كتاب هذه المحكمة في 2012/12/13 حيث قيدت في سجلها برقم 15 لسنة 2016، واعلنت الى المطعون ضدهم، واسس الطاعن طعنه على نحو ما جاء بتلك الصحيفة على سند من ان عملية الانتخاب قد شابت اجراءاتها وقواعدها ومراحلها مخالفات دستورية واخطاء جوهرية وعيوب جسيمة تؤدي الى بطلان الانتخابات في تلك الدائرة وبنى الطاعن نعيه في هذا الصدد على اكثر من وجه حاصلها ما يلي:
اولا: انه قد شاب عملية الانتخاب عوار دستوري في الاجراءات الممهدة لها اذ صدر المرسوم رقم 241 لسنة 2012 بحل مجلس الامة مشوبا بالبطلان لمخالفته الدستور، قولا من الطاعن بان اجراء هذا الحل قد جاء بناء على طلب وزارة صدر بتشكيلها المرسوم رقم 155 لسنة 2012، وانه وان قام الوزراء فيها بموجب المادة 126 من الدستور باداء اليمين الدستورية ـ بالصيغة المنصوص عليها في المادة 91 ـ أمام الامير، الا انهم لم يؤدوا هذه اليمين امام مجلس الامة طبقا للمادة 80 من الدستور التي نصت على اعتبار الوزراء غير المنتخبين بمجلس الامة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم وبالتالي فانه ليس لهذه الوزارة صلاحية ممارسة دورها التشريعي او القيام باي عمل يتصل بعلاقتها بمجلس الامة قبل اداء هذه اليمين، ومن ثم فان اجراء هذا الحل والذي صدر بناء على طلب منها يكون مشوبا بالبطلان ويستوجب عدم الاعتداد به وترتيب اثاره بما يستتبع ذلك بطلان المرسوم رقم 258 لسنة 2012 بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة الذي صدر ابتناء على اجراء هذا الحل الباطل.
ثانيا: ان عملية الانتخاب قد اجريت في ظل مراسيم بقوانين ـ اصدرتها السلطة التنفيذية بارادتها المنفردة في غيبة مجلس الامة بسبب حله ـ جاءت مشوبة بعيب عدم الدستورية لمخالفتها نصوص الدستور، وقد تمثل ذلك في اصدارها للمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة وكذلك اصدار المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بانشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض احكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شان انتخابات اعضاء مجلس الامة، وقد ارتكنت السلطة التنفيذية في اصدار هذين المرسومين على المادة 71 من الدستور في حين ان هذه المادة قد اشترطت حدوث ما يوجب الاسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، ولا يمكن للحكومة ان تدعي حدوث ذلك فيما يخص هذين المرسومين، لان الواقع لا يساعدها على هذا الادعاء، اذ لا يوجد في هذين المرسومين انهما قد صدرا بناء على امر حدث في الدولة يستوجب الاسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، كما ان المادة المذكورة قد اشترطت ايضا الا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، وهذان المرسومان خالفا الدستور الذي نص صراحة على ان جميع السلطات مصدرها الامة «م6» وان نظام الحكم يقوم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور «م50» وان السلطة التشريعية يتولاها الامير ومجلس الامة وفقا للدستور «م51» وان السلطة التنفيذية يتولاها الامير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور «م52» والا يصدر قانون الا اذا اقره مجلس الامة وصدق عليه الامير «م79» وان اصدار هذين المرسومين في فترة تعطيل المجلس النيابي بالحل فيه اهدار لسلطة الامة ولمبدأ فصل السلطات، وجعل السلطة التنفيذية سلطة تشريعية على غير ما تقتضيه صراحة المادة 52 من الدستور، فضلا عن ان السلطة التنفيذية وان رخص لها ـ على سبيل الاستثناء ـ اصدار مراسيم تكون لها قوة القانون وفق المادة 71من الدستور فان مناط استعمالها لهذه الرخصة الاستثنائية ان تقضي بها ضرورة او ظروف استثنائية تتطلب اجراءات تستوجب السرعة في اتخاذها تدور معها وجودا وعدما وهذه الرخصة انما شرعت لمجابهة هذه الحالات والظروف وليس لاتخاذها وسيلة للتعدي على الاختصاص المحجوز للسلطة التشريعية ولا ريب في ان المسائل المتعلقة بتحديد الدوائر الانتخابية والتي تعتبر حجر الزاوية في بناء المجلس النيابي الذي احكم الدستور قواعده، وكذلك تلك المسائل المتعلقة بضبط عملية انتخاب اعضاء مجلس الامة وتنظيم اجراءاتها، انما يجمعها طابع واحد ان تنظيمها يكون بقانون، وتدخل في نطاق التشريع العادي ولا تدخل في نطاق التشريع الاستثنائي، ولا يمكن ان تكون وليدة الضرورة او من خلق الظروف الاستثنائية وما كان حرص الدستور على ان يكون تنظيمها بقانون، الا سدا لذرائع التحكم فيها والانفراد بها، وحتى لا تستقل الحكومة بذلك لتحقيق مصالحها، الامر الذي يستتبع معه القول بانه لا تنطبق على اصدار هذين المرسومين الشروط التي تطلبتها المادة 71 من الدستور من هذه الوجهة ومن وجهة اخرى فانه ما يزيد من تداعيات المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 سالف الذكر انه أجرى تعديلا على نص المادة (الثانية) من القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، متضمنا هذا التعديل، العدول عن نظام الانتخاب الذي أطرد على اتباعه ـ من ذي قبل ـ بطريقة تعدد الأصوات بالنسبة للناخب، الى الأخذ بقاعدة الصوت الواحد: ما يمثل ذلك مساسا بالحقوق المكتسبة لجموع الناخبين ويخل بقواعد العدالة ومبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وبحق التعبير وحرية الرأي التي كفلها الدستور في المواد (7) و(8) و(29) و(36) منه، ويجافي ما يفترضه الدستور من أن عضو مجلس الأمة لا يمثل الدائرة التي انتخبته وإنما يمثل الأمة جمعاء، وان حق الانتخاب وحق الترشيح حقان دستوريان مرتبطان، يتبادلان التأثير فيما بينهما، لا يجوز تقييدهما ونقضهما، اذ جاء تعديل نص هذه المادة منطويا على تكبيل لإرادة الناخب في تكييف اتجاهه وتقييد حقه الأصيل في التعبير عن رأيه، وفي اختياره الحر للمرشحين والزامه بأن يقصر اختياره على مرشح واحد يعطيه صوته دون سواه، بدلا من أربعة أصوات لأكثر من مرشح، في ظل تمثيل كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس بعشرة مرشحين، وهو ما يعني حرمان مرشحين آخرين من أصوات الناخب كان يمكن ان يحصلوا عليها، وتحقق فوزهم في الانتخابات، ويجعل النائب أسيرا لناخبيه، ويحمل النائب على اعتبار نفسه ممثلا لدائرته فقط لا لمجموع الأمة فينهدم بذلك ركن من أركان النظام النيابي، كما ان التعديل الذي جاء به المرسوم بقانون سالف الذكر يفضي الى اعطاء الأقلية تمايزا على حساب الأغلبية ويجعل التمثيل النيابي لا يعبر عن ارادة الأمة ولا يصور حقيقة رأيها.
وانه بالترتيب على ما تقدم جميعه، فإن المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2012 والمرسوم بقانون رقم (31) لسنة 2012 المنوه عنهما آنفا، وإذ صدرا بالمخالفة للدستور فإنه يستوجب القضاء بعدم دستوريتهما لانعكاس أثرهما بحكم اللزوم على شرعية الانتخاب.
ثالثا: ان الطاعن كان مرشحا في الدائرة الانتخابية (الرابعة)، وانه كان من شأن اصدار المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2012 بتعديل المادة (الثانية) من قانون اعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، الذي تم بموجبه تعديل طريقة التصويت في الانتخاب، واصدار المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2012 الذي قضى بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض أحكام قانون الانتخاب بسبب انشاء هذه اللجنة وذلك في وقت قصير، وفي فترة حرجة، وفي ظل عدم توقع صدورهما، لاسيما ان الحكومة قد استبقت اجراء حل مجلس الأمة برفع طعن مباشر أمام هذه المحكمة بطلب الحكم بعدم دستورية المادتين (الأولى) و(الثانية) من القانون رقم (42) سنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، وقضت هذه المحكمة بتاريخ 25/9/2012 برفضه، وهو يعني ان المحكمة لم يتبين لها عيبا في المادة (الثانية) من ذلك القانون من الوجهة الدستورية يقتضي معه الاستجابة الى طلب الحكومة في هذا الشأن، وانه وعلى الرغم من ذلك فقد فوجئ الناخبون والمرشحون بإصدار هذين المرسومين ومن بينهم الطاعن الذي عجز عن اعادة تنظيم حملته الانتخابية على ضوء هذه التعديلات غير المبررة والمخالفة للدستور، التي كان لها تأثيرها السلبي على عملية الانتخاب التي أجريت في الدائرة، فقام يخوض هذه الانتخابات في ظل منافسة غير متكافئة بين المرشحين، وعزوف عدد كبير من الناخبين عن الاشتراك فيها، مما ألحق به ضررا مباشرا تمثل في خسارته لعدد كبير من أصوات ناخبيه، واخفاقه في الفوز في انتخابات تلك الدائرة، وهو ما ظهر جليا من اعلان نتيجتها بتدني نسبة اقبال الناخبين على التصويت فيها، ونسبة الأصوات المحدودة التي حصل عليها كل من أعلن فوزهم بالنسبة الى مجموع أصوات الناخبين المقيدين في الدائرة، والتفاوت الواضح في نسبة الأصوات فيما بين هؤلاء الفائزين، فضلا عن انه قد شابت عملية الانتخاب ـ التي تمت في الدائرة في مراحلها المتعددة سواء في الاقتراع او في احصاء الأصوات او في جمع النتائج او في اعلان نتيجة الانتخاب ـ عيوب وأخطاء جسيمة، كان مرجعها الى احتساب أصوات ناخبيه لصالح مرشحين آخرين، وظهور أخطاء في عملية تجميع الأصوات في جميع اللجان على الرغم من قلة عدد الناخبين في تلك الانتخابات قياسا بالانتخابات البرلمانية السابقة، وتوقف أعمال اللجان الفرعية بغير مبرر دون انجاز مهامها، واضطراب العمل في اللجان بسبب حرص اللجنة الوطنية العليا للانتخابات على سرعة اعلان النتائج ونسبة التصويت في الدائرة، وخلص الطاعن مما تقدم جميعه الى طلب الحكم بإبطال هذا الانتخاب.
وقد نظرت هذه المحكمة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقررت المحكمة بجلسة 1/4/2013 اصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وصرحت للخصوم بتقديم مذكرات خلال اسبوعين، وخلال هذا الأجل أودع الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته التي سبق ان أبداها في دفاعه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
لما كانت المادة (41) من قانون انتخابات أعضاء مجلس الأمة رقم (35) لسنة 1962 تنص على ان «لكل ناخب ان يطلب ابطال الانتخاب الذي حصل في دائرته الانتخابية، ولكل مرشح طلب ذلك في الدائرة التي كان مرشحا فيها..»، وكان المستفاد من هذا النص ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ ان المشرع أتاح لكل ناخب شارك في الانتخاب وقام بالإدلاء بصوته، ولكل مرشح قام بخوض الانتخاب وفاز عليه منافسه ان يطلب ابطال الانتخاب في دائرته الانتخابية، واختص المشرع هذه المحكمة دون غيرها ـ طبقا للمادة (الأولى) من قانون انشائها رقم (14) لسنة 1973 ـ بالفصل في الطعون الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس الأمة او بصحة عضويتهم، وقوام هذه الطعون، الطلبات التي تقدم اليها بإبطال الانتخاب على الوجه المتقدم، وهذه المحكمة انما تفصل في تلك الطلبات بوصفها محكمة موضوع، تقصيا لما يطرحه عليها الطالب من عناصر ووقائع معينة تنصب أساسا على ما ينازع فيه أصلا متعلقا بعملية الانتخاب في دائرته الانتخابية، وما يتصل بهذه العناصر والوقائع من قواعد قانونية واجبة التطبيق متعلقة بها، لتبسط المحكمة ـ وفي اطار اختصاصها المعقود لها في هذا المقام كمحكمة موضوع ـ رقابتها على عملية الانتخاب للتحقق من صحتها، والتثبت من سلامتها، والتأكد من التزام اجراءاتها بالقيود والضوابط الحاكمة، وانزال حكم القانون على واقع ما هو مطروح عليها، وتغليب حكم الدستور على ما سواه من القواعد القانونية، كما تتقصى هذه المحكمة أيضا ما عسى ان يثيره الطالب عرضا من مطاعن دستورية على النصوص التشريعية المتصلة بعملية الانتخاب والتي ينعكس اثرها بحكم اللزوم على واقع ما ينازع فيه الطالب في اطار طعنه الموضوعي بدائرته الانتخابية، وذلك من خلال دفع بعدم الدستورية تقدر هذه المحكمة جديته، فإذا قبلته قضت في المسألة الدستورية بوصفها محكمة دستورية ثم قامت ـ من بعد ـ بإنزال قضائها على موضوع الطلب.
وبالبناء على ذلك، فإنه اذا ثبت للمحكمة من طلب ابطال الانتخاب المطروح عليها في ضوء المطاعن الموجهة الى عملية الانتخاب في الدائرة محل الطعن، انه قد شابها البطلان، او ان اجراء من اجراءاتها كان باطلا، تعين اعمالا للولاية التي اسبغها الدستور والقانون عليها ان تنزل حكم الدستور والقانون على واقع المنازعة المعروضة عليها، فإما ان تقضي بإلغاء العملية الانتخابية في الدائرة اذا ثبت لها ان العيب يوجب اعادة الانتخاب في هذه الدائرة بالكامل، او بالغائها جزئيا اذا وجدت ان العيب قد اعتور احد اجراءاتها بما من شأنه تعديل النتائج المعلنة، وبهذا تقضي ببطلان الانتخاب بالنسبة لمن اعلن فوزه الذي اتصل به الاجراء الباطل او بتعديل النتيجة باعلان من هو احق بالفوز بعضوية المجلس، او ان تقضي بإلغاء العملية الانتخابية برمتها متى ثبت لها انها جاءت معيبة في جملتها وان العيب الذي لحق بإجراءاتها لا يقتصر فحسب على الدائرة محل هذه المنازعة.
ومتى كان ذلك، وكان الثابت ان الطاعن كان مرشحا في الدائرة الانتخابية (الرابعة) في الانتخابات التي تمت في الاول من ديسمبر 2012، وطلب ابطال الانتخاب في تلك الدائرة على سند من انه قد شابت اجراءاتها وقواعدها ومراحلها مخالفات دستورية واخطاء جوهرية وعيوب جسيمة تؤدي الى بطلان الانتخاب في تلك الدائرة، فإن الدفع المبدى من ادارة الفتوى والتشريع بعدم قبول الطعن بمقولة ان الطاعن قد تجاوز بطلبه النطاق المقرر قانونا بالطعن في جميع الدوائر الانتخابية يكون غير صحيح.
وحيث ان الطعن قد استوفى اجراءاته المقررة قانونا.
وحيث ان ادارة الفتوى والتشريع قد ذهبت في دفاعها عن الحكومة الى ان ما اثاره الطاعن في طلبه متعلقا ببطلان المرسوم الصادر بحل مجلس الامة، والمرسوم الصادر بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة، لا تختص هذه المحكمة بنظره، باعتبار ان هذين المرسومين فيما تناولاه، انما يتصل بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، وهي من الاعمال السياسية التي تتأبى بطبيعتها ان تكون محلا للتقاضي، تحقيقا لسيادة الدولة وحفظا لكيانها ورعاية لمصالحها العليا، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب عليها، لأن النظر في تلك الاعمال يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين يخرج زمام تقديرها عن اختصاص القضاء، وهي من الامور التي تنحسر عنها ولاية القضاء باعتبارها من اعمال السيادة.
وحيث ان ما اثارته ادارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن، مردود بأن هذه المحكمة قد سبق لها التأكيد في قضاء سابق على ان الطعون المتعلقة بانتخاب اعضاء مجلس الامة او بصحة عضويتهم لها طبيعتها الخاصة، وان نظر هذه الطعون امامها تحكمه التشريعات المنظمة لاختصاصها، وان الاجراءات المتعلقة بهذه الطعون تنتظمها نصوص خاصة، وان اختصاص هذه المحكمة بالفصل في هذه الطعون هو اختصاص شامل، وقد جاء نص المادة الاولى من قانون انشائها دالا على ذلك، وبما يشمل بسط رقابتها على عملية الانتخاب برمتها التأكد من صحتها او فسادها، ولا خلف في ان الانتخابات انما ترتبط بداهة بالالتزام بضوابطها واجراءاتها، فإن صحت هذه الاجراءات والتزمت ضوابطها مهدت لصحة عملية الانتخاب، وان تسرب اليها الخلل تزعزع الانتخاب من اساسه، وبالتالي فإن الطعن على اجراءات هذه الانتخابات يستغرقه بحكم اللزوم اختصاص هذه المشكلة بنظره لتأثير الفصل فيه بحكم الضرورة على عملية الانتخاب، ولا ريب في ان القيود الاجرائية التي فرضها الدستور على السلطة التنفيذية لا يجوز اسقاطها او تجاوزها او التحلل منها تذرعا بأنها اعمال سياسية، اذ ان هذا القول لا يستقيم في مجال اعمال سلطتها المقيدة طبقا للدستور. لما كان ذلك، وكان ما ذهبت اليه ادارة الفتوى والتشريع لا يلتئم مع طبيعة اختصاص هذه المحكمة للاعتبارات سالفة البيان، فإن ما اثارته في هذا الدفاع يكون في غير موضعه.
وحيث ان الطاعن ينعى بالوجه الاول من طعنه على عملية الانتخاب ان الاجراءات الممهدة لها قد جاءت مشوبة بالبطلان لمخالفتها الدستور، اذ نصت المادة 80 منه على ان يتألف مجلس الامة من 50 عضوا ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقا للاحكام التي يبينها قانون الانتخاب.
ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الامة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم، كما نصت المادة 91 على انه قبل ان يتولى عضو مجلس الامة اعماله في المجلس او لجانه يؤدي امام المجلس في جلسة علنية اليمين الآتية: اقسم بالله العظيم ان اكون مخلصا للوطن وللامير، وان احترم الدستور وقوانين الدولة، واذود عن حريات الشعب ومصالحه، وامواله، واؤدي اعمالي بالامانة والصدق.
كما نصت المادة 126 على انه: قبل ان يتولى رئيس مجلس الوزراء والوزراء صلاحياتهم يؤدون امام الامير اليمين المنصوص عليها في المادة 91 من هذا الدستور.
ومتى كان ذلك، وكان المرسوم رقم 241 لسنة 2012 الصادر بحل مجلس الامة قد جاء بناء على طلب وزارة صدر بتشكيلها المرسوم رقم 155 لسنة 2012، وانه وان قام الوزراء فيها بأداء اليمين الدستورية امام الامير، الا انهم لم يؤدوا هذه اليمين امام مجلس الامة طبقا للمادة 80 من الدستور التي نصت على اعتبار الوزراء غير المنتخبين بمجلس الامة اعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم، وبالتالي فإنه ليس لهذه الوزارة صلاحية ممارسة دورها التشريعي او القيام بأي عمل يتصل بعلاقتها بمجلس الامة قبل اداء هذه اليمين، ومن ثم فإن اجراء هذا الحل والذي صدر بناء على طلب منها يكون مشوبا بالبطلان، ويستوجب عدم الاعتداد به وترتيب آثاره، بما يستتبع ذلك بطلان المرسوم رقم 258 لسنة 2012 بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة الذي صدر ابتناء على اجراء هذا الحل الباطل.
وحيث ان هذا النعي ـ في جملته ـ مردود، ذلك ان المادة 107 من الدستور تنص على ان: للامير ان يحل مجلس الامة بمرسوم تبين فيه اسباب الحل، على انه لا يجوز حل المجلس لذات الاسباب مرة اخرى، واذا حل المجلس وجب اجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجر الانتخابات في تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في اعماله الى ان ينتخب المجلس الجديد.
والمستفاد من هذا النص ـ حسبما اكدته هذه المحكمة في قضاء سابق ـ ان حل مجلس الامة هو حق دستوري مقرر للسلطة التنفيذية، ويعتبر احد السبل لاحكام المعادلة والتوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ومن المعلوم ان الامير يتولى سلطاته بواسطة وزرائه (م 55)، وان المقصود بالحل هو انهاء مدة المجلس انهاء ميتسرا قبل انتهاء الاجل المقرر له، سواء اثر خلاف بين الحكومة (الوزارة) وبين مجلس الامة، او اختل التناسب والانسجام بينهما، او اقتضت له ضرورة، وانه وان كان الدستور لم يقيد استعمال الحكومة لحق الحل بأي قيد زمني، فلها ان تتخير توقيته وتقدير مناسباته الا ان الدستور احاط الحل ـ نظرا لخطورته ـ ببعض القيود والضمانات، فيجب ان يكون حل مجلس الامة بمرسوم تبين فيه اسباب الحل، وهو امر يتطلب معه ان يوقع مرسوم الحل مع الامير، رئيس مجلس الوزراء حتى يتحمل مسؤوليته السياسية عن هذا التصرف، وانه اذا حل المجلس لا يجوز حله لذات الاسباب مرة اخرى، كما انه يجب اجراء انتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، اذ ما دام ان الفرض من الحل هو الاحتكام الى الامة واخذ رأي الناخبين فيه، فلا يصح ارجاء ذلك الى امد بعيد مع استمرار السلطة التنفيذية في التصرف بلا رقيب، وبالتالي وجب دعوة الناخبين الى اجراء انتخابات جديد، والغاية من هذا الحكم هو تأكيد ضرورة اتصال الحياة النيابية.
ومتى كان ذلك، وكان الثابت من المرسوم رقم 241 لسنة 2012 بحل مجلس الامة بتاريخ 7/10/2012، انه قد وردت الاشارة بديباجته الى صدوره استنادا الى المادة 107 من الدستور، والى ان صدوره قد جاء نظرا لتعذر عقد جلسات مجلس الامة لعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقدها، كما جاءت الاشارة الى انه قد صدر بناء على عرض رئيس مجلس الوزراء، وبعد موافقة مجلس الوزراء، مذيلا هذا المرسوم بتوقيع امير البلاد ورئيس مجلس الوزراء،والواضح من هذا المرسوم ان اجراء حل هذا المجلس لم يكن اثر خلاف بين الحكومة (الوزارة) وبين مجلس الامة، او مستندا الى اسباب سابقة انقضى امرها بفوات اوانها وذهاب محلها، وانما جاء ـ حسبما هو ظاهر ـ لضرورة تقتضيه نظرا لتعذر انعقاد جلساته لعدم اكتمال النصاب القانوني.
والحاصل ان هذه المحكمة قد سبق لها ان انقضت بتاريخ 20/62012 في الطعون رقم 5 و29، 6 و30 لسنة 2012 «طعون خاصة بانتخابات مجلس الأمة عام 2012» (بإبطال عملية الانتخابات برمتها التي اجريت بتاريخ 2/2/2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها ان يستعيد المجلس المنحل (المنتخب في عام 2009) «بقوة الدستور ـ سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن، ليكمل المدة المتبقية له اصلا ـ ما لم يطرأ من الامور خلال تلك المدة ما ينقضي معها اعمال الامير صلاحياته المقررة في هذا الشأن»، بيد ان معظم اعضاء هذا المجلس اصروا على عدم اكمال المدة المتبقية له امتثالا لحكم الدستور، بامتناعهم عن حضور جلسات المجلس حتى لا يكتمل النصاب القانوني لعقدها، وبالتالي فلا وجه للاعتراض على تصرف السلطة التنفيذية في استنادها الى نص المادة 107 من الدستور في حل هذا المجلس بناء على ذلك، اذ ليس من بين الدول الديموقراطية دولة تستطيع ان تظل اداتها التشريعية ومجلسها النيابي معطلا لا لسبب، الا لاصرار اعضاء هذا المجلس على عدم حضور جلساته والعزوف عن القيام بمهامهم الدستورية، كما لا وجه ـ من بعد ـ للتحدي ببطلان هذا المرسوم بمقولة عدم اداء الوزراء اليمين الدستورية امام مجلس الامة ـ بما من شأنه ان يغل يد السلطة التنفيذية عن ممارسة الحق المقرر لها في الدستور بإجراء هذا الحل ـ ليس الا للتشبث بظاهر النصوص دون النظر الى جوهرها ومبناها، ولا نكران في ان الوزراء في هذه الوزارة قد قاموا بأداء اليمين الدستورية امام الامير قبل ممارسة صلاحياتهم كأعضاء في السلطة التنفيذية طبقا لما يقضي به الدستور في المادة 126 منه، واذ جاءت دعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة بناء على هذا الحل، فإن النعي على المرسوم رقم 241 لسنة 2012، والمرسوم رقم 258 لسنة 2012 يكون على غير اساس سليم.
وحيث ان الطاعن ينعى بالوجه الثاني من طعنه على عملية الانتخابات انها اجريت في نقل المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة، والمرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض احكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات اعضاء مجلس الامة، التي اصدرتهما السلطة التنفيذية بإرادتها المنفردة في غيبة مجلس الامة بسبب حله، في حين انه لا تنطبق على اصدار هذين المرسومين الشروط التي تطلبتها المادة 71 من الدستور، فضلا عن مخالفتهما لاحكامه، وانعكاس أثرهما بحكم اللزوم على شرعية الانتخاب.
وحيث ان ادارة الفتوى والتشريع قد ذهبت في دفاعها عن الحكومة الى عدم اختصاص هذه المحكمة بنظر المنازعة في شأن المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012، والمرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 المشار اليهما، باعتبار ان هذين المرسومين من التشريعات الاستثنائية، ومن الاعمال السياسية التي تنحسر عنها الرقابة القضائية، فضلا عن ان الامر في مدى قيام حالة الضرورة الملجئة لاصدار هذه التشريعات الاستثنائية، والموجبات التي تقتضيها يعتبر شرطا سياسيا متروكا اصلا لتقدير السلطة التشريعية وفقا لحكم المادة 71 من الدستور، التي ناطت بمجلس الامة وحده دون غيره سلطة اقرارها باستمرار العمل بها او عدم اقرارها ليزول ما كان لها من قوة القانون.
وحيث ان ما ذهبت اليه ادارة الفتوى والتشريع في هذا الشأن يخالف صريح نصوص الدستور والقانون، لاسباب عدة:
أولها: ان الدستور الكويتي الصادر منذ اكثر من خمسين عاما جاء متضمنا النص صراحة في المادة 173 منه على تقرير الرقابة القضائية على دستورية التشريعات، كما ان هذا الدستور وقانون انشاء هذه المحكمة الصادر اعمالا له، قصرا سلطة الفصل في دستورية التشريعات عليها، وناط بها دون سواها ولاية الفصل فيها، صونا للدستور، وحمايته، ومرجعها في مباشرة هذه الولاية الى نصوصه واحكامه.
وثانيها: ان الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة هي بطبيعتها لا تتناول الا التحقق من مدى موافقة التشريع لأحكام الدستور، وهذه الرقابة تنبسط على التشريعات كافة، على اختلاف انواعها، ومراتبها، وايا كانت طبيعتها، سواء اكانت تشريعات صادرة عن السلطة التشريعية اي اصلية، ام تشريعات صادرة عن السلطة التنفيذية وان كانت استثنائية، ام تشريعات فرعية اي لوائح، كما تشمل اي قاعدة تنظيمية عامة تتسم بالعمومية والتجريد وواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه، وبالتالي فلا يسوغ النظر الى التشريع ايا كان موضوعه، او نطاق تطبيقه، او الجهة التي اقرته، او اصدرته على انه عمل سياسي، او يغلب عليه الطابق السياسي، اذ ان من شأن هذا القول ان يفرغ رقابة الدستورية من مضمونها، بل يهدم هذه الرقابة من اساسها.
وثالثها: ان نص المادة الأولى من قانون انشاء هذه المحكمة قد جاء صريحا جهيرا باختصاصها دون غيرها بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية المراسيم بقوانين، وامام النص الصريح تنتفي الحاجة الى التأويل والاستنتاج، فلا اجتهاد مع النص، وهو مما يقطع ان اختصاص هذه المحكمة بنظر المنازعات المتعلقة بهذه التشريعات الاستثنائية لا جدل ولا مماراة فيه.
ورابعها: ان مساهمة السلطة التنفيذية في العمل التشريعي لا تعد من الاعمال السياسية لانها تتعلق بما تباشره من عمل تشريعي على النحو المبين بالدستور، مقيدة في تلك بالامتثال الى نصوصه واحكامه وعدم الخروج عليها، وغني عن البيان ان الدستور وإن أعطى للسلطة التنفيذية ـ بشروط خاصة ـ حق إصدار مراسيم من طبيعة تشريعية طبقا للمادة (71) منه، استثناء من أصل قيام السلطة التشريعية على مهمتها الأصلية في المجال التشريعي، بيد أن هذه السلطة الاستثنائية لا يمكن ممارستها إلا في الحدود التي بينها نص هذه المادة، ومن بين هذه الشروط التي لا غنى عن وجوب الالتزام بها، أن تكون ممارستها لهذه السلطة الاستثنائية فيما بين أدوار انعقاد المجلس النيابي، أو في فترة حله، وأن تكون هذه المراسيم الصادرة عنها من التدابير التي توجب الإسراع في اتخاذها ولا تحتمل التأخير، وألا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، وهذه الشروط باعتبارها من القيود الاجرائية والموضوعية التي فرضها الدستور على ممارسة سلطتها الاستثنائية في هذا النطاق لا يجوز إسقاطها أو تجاوزها تذرعا بأنها أعمال سياسية، إذ لا تستعصي على الفحص والتدقيق من قبل هذه المحكمة لدى ممارسة ولايتها بالفصل في مدى دستورية هذه المراسيم، للاستيثاق من مدى الالتزام في إصدارها بالقيود التي نص عليها الدستور، وأنه لما كان التشريع الاستثنائي هو تشريع مؤقت إذ يبقى رهينا بإرادة المرشح. لذا فقد أوجب نص المادة (71) عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة في أول اجتماع له، وللمجلس أن يبقيها فيقرها، أو لا يقرها فيسقطها، ليزول ما لها من قوة القانون. ورقابة مجلس الأمة على هذه المراسيم وإن كان لها طابع قانوني، إلا أنها في حقيقتها رقابة سياسية، ليس من شأنها أن تحجب بأي حال عن هذه المحكمة اختصاصها ببسط رقابتها الدستورية على هذه المراسيم، ولا صحة في القول إن اقرار المجلس لها من شأنه أن يحصنها من الطعن عليها بعدم الدستورية، ومما يؤكد هذا النظر ويدعمه أن نص المادة (71) قد جاء صريحا في اشتراط ألا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور، ومن البديهي ان القول الفصل في مدى اتفاقها أو تعارضها مع الدستور معقود اصلا لهذه المحكمة ـ دون سواها ـ بما لها من اختصاص بالرقابة على دستورية التشريعات.
وبالترتيب على ذلك، فإنه ليس في شأن اصدار المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2012 والمرسوم بقانون رقم (31) لسنة 2012 أن يكونا بمنأى عن رقابة هذه المحكمة التي تخضع لها التشريعات كافة، ولا يعتبر اصدارهما من الأعمال السياسية على نحو ما ذهبت إليه الفتوى والتشريع، وبالتالي فإن الدفع المبدى منها بعدم اختصاص هذه المحكمة بهذا الشأن يكون ـ من ثم ـ غير قائم على أساس صحيح وواجب الإطراح وحيث إن الطاعن يستهدف بنعيه بالوجه الثاني من طعنه على عملية الانتخاب الدفع بعدم دستورية هذين المرسومين لمخالفتهما نصوص المواد 6 و50 و51 و52 و71 و79 من الدستور.
وحيث إن الاصل في القوانين والتشريعات بصفة عامة أنها تصدر لحوائج الأمة، وخيرها ما كان منها معبرا تعبيرا صادقا عن ارادتها واتجاهاتها، ملبيا لمتطلباتها وأن أدنى الوسائل تحقيقا لذلك أن يعهد إلى الهيئة التشريعية من نواب الأمة وممثليها بسن هذه القوانين، منفردة أو مشتركة مع السلطة التنفيذية، وعلى مثل هذه الاعتبارات وغيرها قام مبدأ فصل السلطات الذي جعل لكل سلطة من سلطات الأمة القيام بما عُهد إليها من مهام وأعمال، على أنه استبان للمشتغلين بأمور الدساتير، أنه قد يعرض للأمة من الظروف والأحداث ما يستوجب إجراء سريعا، وتشريعا عاجلا لا يحتمل التأخير لصالح البلاد قد يسبب «عدم اتخاذه» اضرارا بها، فإن مثل هذه الظروف والأحداث إذا عرضت وجب أن تعطي حكمها، وألا تحول الأصول العامة دون الاستجابة لداعي السرعة والخروج عن مألوف حدود الاختصاصات العادية، وذلك بإسناد مهمة التشريع الى غير السلطة العادية، وقد كانت حجتهم في ذلك ان اتباع القوانين والحرص على التزام احكامها إنما فرضا تحقيقا للمصالح العامة، فإذا بدا ما يؤذي تلك المصالح أو يجلب ضررا عاما وجب ان ينزل سلطان القانون على حكم الضرورة والمصلحة العامة، فكان أن رأى بعضهم إثبات ذلك بنص خاص في الدستور يتناول حكم الضرورة وأثرها بمقتضى القوانين العادية إذا ما دعا لذلك داعي الحاجة الملحة والمصلحة الملجئة، وعلى ذلك ما جرت عليه دساتير متعددة تخص هذا الأمر بالذكر، وإن اختلفت صياغاتها وفي تفاصيلها وإجراءاتها بحسب نظمها المتبعة، والبعض الآخر آثر الإحجام عن إثباته في الدستور تفاديا من سوء استعمال السلطة التنفيذية هذا الحق بالمغالاة فيه والالتجاء دائما إلى الاعتصام بالمصلحة العامة الملحة، على أن أولئك الذين لا تتضمن دساتيرهم نصا صريحا على الترخيص للسلطة التنفيذية بتولي مهمة التشريع كلما دعت الظروف العارضة والمصالح الملحة الى ذلك لم يذهبوا الى حد منع السلطة التنفيذية من مباشرة هذه السلطة بل خولوا لها التصرف فيها تحت مسؤوليتها، حتى إذا واجهت الهيئة التشريعية بعملها، واستبان لهذه الهيئة أن هذه السلطة إنما اتخذت ما اتخذته صيانة لمصلحة عامة أو درءا لخطر عام قررت عدم مسؤوليتها رغم مخالفتها نصوص القانون، وبذلك فقد قبلت الدول الديموقراطية قاطبة بتولي السلطة التنفيذية التشريع في أحوال الظروف العارضة والمصالح الملحة والأخطار المهددة، وعلة هذه الرخصة إنما ترجع الى الطوارئ وهي بطبيعتها عارضة لا سلطان لأحد في تحديد وقت وقوعها، أو تقتضيها الأحداث خلال غيبة المجلس النيابي بحيث يهيئ للأمة في غيبة هذا المجلس أداة تتولى التشريع في الأحوال المستعجلة أو الضرورية التي لا تتحمل الأناة والانتظار.
ولما كان ذلك، وكان النص في المادة 6 من الدستور الكويتي على أن «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور»، كما نصت المادة 50 منه على أنه «يكون نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور. ونصت المادة 51 على أن «السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الامة وفقا للدستور»، ونصت المادة 52 على أن «السلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور»، كما نصت المادة 79 على أنه لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الامة وصدق عليه الأمير». وإذ كان ذلك، وكان الأصل هو اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين، وأن اعطاء السلطة التنفيذية سلطة التشريع في غيبة المجلس النيابي هو استثناء من حكم المادتين 50 و79 سالفتي الذكر، لذا فقد حرص الدستور ألا يجعل هذه الرخصة الاستثنائية طليقة من غير قيد، وإنما وضع لاستعمالها قيودا عديدا، وحدودا لا يجوز تجاوزها، فنص في المادة 71 منه على أنه «إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الامة أو في فترة حله، ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الامة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع له في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من اثارها بوجه آخر».
والمستفاد من ذلك أنه يجب توافر عدة شروط في كل مرسوم تصدره السلطة التنفيذية طبقا لهذه المادة:
الشرط الأول: أن يصدر في الفترة الواقعة بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في خلال فترة حله.
والشرط الثاني: أن يكون من التدابير التي توجب الإسراع في اتخاذها ولا تحتمل التأخير.
والشرط الثالث: ألا يكون مخالفا للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.
أما عن الشرط الأول فهو خاص بالشكل الدستوري، أما الشرطان الاخيران فهما خاصان بموضوعه من الوجهة الدستورية، والبين من هذه المادة انه قد استهل نصها بعبارة «إذا حدث.. ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير» ولم يستخدم النص عبارة «في أحوال الضرورة...» على نحو ما نص عليه الدستور في المادة 69 منه في حالة اعلان الحكم العرفي، وإنما استعملت العبارة الواردة بنص المادة 71 بما ينصرف معناها الى شمول الأحداث والظروف العارضة، وما تقتضيه المصالح الملحة والأخطار المهددة، بما فيها الاحداث المتفاقمة والمستمرة التي تأخذ حكمها، دون قصر فهم المعنى على لزوم ان يجد حادث جديد، كما ان المقصود بعبارة «الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير» هو الاسراع في اتخاذ اجراءات تشريعية لا تحتمل بطئا أو تسويفا، أما عن أمور السرعة فلا شبهة في ان كل الامور التي تعرض بمراسيم انما يقدر فيها وجه السرعة بقدرها، وتوزن بميزانها، ويحكم في كل امر منها بمعيار وقته وظروفه ومحيطه، وما يتطلبه هذا الاجراء من اغراض، اما عن هذه الرخصة الاستثنائية فمنبتها الحاح المصالح والظروف دون غيرها، وأنه من غير المقبول الا تمكن السلطة التنفيذية من استعمال هذه الرخصة ـ في غضون الفترة الواقعة بين ادوار انعقاد المجلس او خلال فترة الحل ـ وتكون مسلوبة من حق سد الذرائع ومداركة الضرورات كما ان هذا المرسوم بمجرد صدوره يكون له قوة القانون، ولكنها مؤقتة، ولأجل ان تصبح دائمة يتحتم عرض المرسوم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما أو في أول اجتماع له في حالة الحل، فإذا لم يعرض عليه سقط، ويؤكد ذلك ما جاء بهذا النص من وجوب عرضه في أول اجتماع للمجلس، وإذا عرض ولم يقره فإنه يسقط أيضا اما في حالة اقراره فتستمر له قوة القانون وتظل له قوة نفاذه، فيضحى في حكم القانون القائم. ولا خشية من خطر في إصدار السلطة التنفيذية لمثل هذه المراسيم، لأن سيطرة مجلس الأمة عليها مضمونة في جميع الأحوال، والسوابق البرلمانية شاهدة على ذلك، كما أن الرقابة القضائية لهذه المحكمة قائمة ومؤكدة على هذه المراسيم للتثبت من مدى الالتزام في إصدارها بنصوص الدستور.
ومؤدى ذلك جميعه انه من حق السلطة التنفيذية ان تصدر مراسيم لها قوة القانون شريطة ان تكون في الحدود المبينة بهذه المادة على النحو السالف ذكره.
وحيث انه فيما يتعلق بما آثاره الطاعن من طعنه بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 فقد اسسه في هذا الخصوص على سند من انه لا تنطبق على اصداره الشروط التي تطلبتها المادة 71 من الدستور، كما انه من وجهة اخرى اجرى هذا المرسوم تعديلا على نص المادة (الثانية) من القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، متضمنا العدول عن طريقة تعدد الأصوات للناخب الى الاخذ بقاعدة الصوت الواحد، ومنطويا هذا التعديل على إخلال بقواعد العدالة وبمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وبحق التعبير وحرية الرأي التي كفلها الدستور في المواد 7 و8 و29 و36 منه، كما انه يجافي ما افترضه الدستور من ان عضو مجلس الأمة لا يمثل الدائرة التي انتخبته وإنما يمثل الامة جمعاء بالمخالفة للمادة 108 التي تنص على ان عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة.
وحيث ان البين من المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 21/10/2012، أنه تضمن النص في المادة الأولى منه على أن «يستبدل بنص المادة الثانية من القانون رقم 42 لسنة 2006 المشار إليه النص التالي» «تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لمرشح واحد في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلا التصويت لأكثر من هذا العدد». كما انطوى نص المادة (الثانية) من ذات المرسوم على العمل به اعتبارا من انتخابات الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الامة.
وقد تناولت المذكرة الايضاحية ـ مقتضيات هذا التعديل ـ متضمنة الاشارة الى انه قد صدر القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة ونص في مادته الثانية على ان «تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس على ان يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لأربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلا التصويت لأكثر من هذا العدد» إلا أنه قد اسفر تطبيق هذا النص ـ ومن خلال الممارسة الفعلية للانتخابات البرلمانية للفصول التشريعية التي اجريت فيها الانتخابات وفقا له ـ عن وجود اوجه قصور في تلك المادة، وظهور سلبيات ونتائج كان من شأنها تهديد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي، الأمر الذي استوجب معه اعادة النظر في هذه المادة لمعالجة هذا القصور، وهذه السلبيات، والحد من آثارها، والارتقاء بالممارسة البرلمانية لبلوغ الغايات الوطنية المنشودة، وأهمها تحقيق المشاركة الفعالة لجميع أبناء الوطن في إدارة شؤون البلاد، والقضاء على نزعات التعصب الفئوي، ومظاهر الاستقطاب الطائفي والقبلي التي تضعف مقومات الوحدة الوطنية وتؤدي الى فرقة المجتمع وتفتيته.
وتخل بتمثيل البرلمان للأمة تمثيلا صحيحا، وأنه تحقيقا للمصلحة الوطنية، فقد اجري تعديل على نص هذه المادة بحيث يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته في الدائرة المقيد بها، لمرشح واحد فقط وأن يعتبر باطلا التصويت لأكثر من هذا العدد، وذلك بما يضمن التمثيل المتوازن لكافة شرائح المجتمع الكويتي وفئاته، ويحد من احتمالات الاحتكار الفئوي والقبلي في الدوائر الانتخابية وأنه تحقيقا لذلك فقد أعد المرسوم بقانون المرافق ليصدر على وجه الاستعجال طبقا لحكم المادة 71 من الدستور، وذلك حتى يمكن العمل به خلال الانتخابات العامة المقرر اجراؤها للفصل التشريعي الرابع عشر.
ولما كان ذلك، وكان الحاصل انه بتاريخ 16/8/2012 ـ وكان مجلس الامة قائما ـ طعنت الحكومة امام هذه المحكمة بعدم دستورية المادتين (الأولى) و(الثانية) من القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة ثم قضت هذه المحكمة بتاريخ 25/9/2012 برفض الطعن، وجاء بمدونات هذا الحكم ان ما ساقته الحكومة من اسباب في طعنها لا يكشف بذاته عن عيب دستوري، وأنه لا شأن لهذه المحكمة في بحث مدى ملاءمة هذه النصوص، ولا ما ظهر فيها من قصور ومثالب من جراء تطبيقها، ولا بالادعاء ان تلك النصوص لم تؤت اكلها وتحقق غايتها، فهذه الامور قد يستدعى معها النظر في تعديلها إذا كانت غير وافية بالمرام، وذلك بالأدلة القانونية المقررة طبقا للدستور، بيد انها لا تصلح ان تكون سببا للطعن عليها بعدم الدستورية لخروج ذلك عن مجال الرقابة القضائية لهذه المحكمة.
الا ان الحكومة ـ وبعد صدور هذا الحكم ـ وازاء اصرار معظم أعضاء مجلس الأمة على عدم حضور جلسات المجلس حتى لا يكتمل النصاب القانوني اللازم لعقدها، صدر المرسوم رقم (241) لسنة 2012 بتاريخ 7/10/2012 بحل مجلس الأمة لهذا السبب، فارتأت الحكومة ـ بعد ان أضحى مجلس الأمة معطلا ـ انه قد بات لزاما عليها ان تسارع الى وضع حد لهذه السلبيات والمظاهر وأوجه القصور في المادة (الثانية)، بإجراء تشريعي يتحتم صدوره بمرسوم يكون له قوة القانون، لمعالجة هذه السلبيات وتلافي عيوب هذا النص ـ حسبما أوردته المذكرة الايضاحية ـ مستندة في ذلك الى المادة (71) من الدستور، ومتى كان ذلك، وكانت الاعتبارات والأهداف التي ذكرتها الحكومة في هذا الصدد يتعين ان تعطى حكمها، وتقدر بقدرها، وان توزن بما يناسب شأنها، لاسيما وانها تعلقت بتهديد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي، وجاء هذا التعديل تحقيقا للمصلحة الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار، وبالتالي فلا مأخذ عليها في هذا الأمر من الوجهة الدستورية، أما ما ذكره الطاعن في خصوص تعييبه على ما تضمنه هذا المرسوم، فهو مردود بما يلي:
أولا: ان قاعدة الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في العديد من الدول الديموقراطية، ومن شأنها أن تتيح للأقلية بأن يكون لها تمثيل في المجلس النيابي، خاصة وان النيابة عن الأمة انما تقوم على قواعد منطقية ترمي الى تمثيل آراء الناخبين على تشعبها في المجلس النيابي بحيث لا تطغى الأغلبية ولا تتلاشى آراء الأقلية حتى يجيء المجلس النيابي مرآة صادقة للرأي العام، كما ان من شأن هذه القاعدة أيضا ان تحقق تحرير المرشح من ضغط ناخبي دائرته وتأثيرهم عليه.
ثانيا: ان ما تضمنه هذا المرسوم من تعديل على نص المادة (الثانية) سالفة الذكر قد ساوى بين جميع المواطنين في حقوقهم الانتخابية، فضلا عن انه فيما يتعلق بأمور ضبط الإجراءات الانتخابية وما يتبعها من تحديد طريقة التصويت فإن عدالتها نسبية ولا سبيل الى بلوغ الكمال فيها.
ثالثا: انه ليس من شأن رفض المحكمة لطعن الحكومة في مدى دستورية المادة (الثانية) من القانون رقم (42) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة من الوجهة الدستوري ان يمنع النظر في تعديلها اذا كانت غير وافية بالمرام وذلك بالأداة القانونية المقررة في الدستور.
رابعا: ان الأخذ بقاعدة الصوت الواحد للناخب والعدول عن نظام كان متبعا من قبل بتعدد الأصوات للناخب، لا يترجم الى حق لا يمس ولا يقبل التعديل، اذ لا قداسة ولا استقرار في شؤون تحديد طريقة التصويت عامة، وفي الشؤون الانتخابية خاصة.
خامسا: أما عن المادة (108) من الدستور التي تنص على ان عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة فإن الغرض من هذا النص هو تمكين العضو من التكلم والمناقشة وابداء الرأي في الشؤون العامة، لا الاقتصار على ما يختص بدائرته الانتخابية، وألا يكون خاضعا في أدائه للدائرة التي انتخبته، وانه لولا ذلك النص لوجب عليه ان يتقيد برأي ناخبيه وان يقصر مهمته على مراعاة مصالحهم دون سواهم، وهذا النص لا يمكن ان يحتمل تفسيرا أكثر من هذا المفاد.
سادسا: لا وجه للقول في هذه الحالة بأن الأمر في تحديد الدوائر الانتخابية وطريقة التصويت في الانتخاب منوط بنواب الأمة بصفتهم التشريعية، وانه لا يجوز للحكومة تعديله بما يوافق مصلحتها، اذ انه في المقابل للنواب مصلحة مفترضة ايضا، لأن مصيرهم ان يرشحوا أنفسهم في الانتخابات في مستقبل الأيام، فكيف يراد من النائب ان يمعن النظر الى مقترح في هذا الأمر بعين المشرع دون عين المرشح، والحاصل ايضا ان هذا التعديل لا يمس حدود الدوائر الانتخابية، وانما كان باستبدال نظام بنظام يتعلق بطريقة التصويت في الانتخاب بما يحقق للأغلبية والأقلية تمثيلا في المجلس النيابي.
ومتى كان ما تقدم، فإن الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2012 بادعاء مخالفته نصوص الدستور، يكون ـ ومن ثم ـ حريا القضاء برفضه.
وحيث انه فيما يتعلق بما أثاره الطاعن من طعنه بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض أحكام القانون رقم (35) لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، فقد أسسه في هذا الخصوص على سند من ان هذا المرسوم قد خالف الدستور، اذ لا تنطبق على اصداره الشروط التي تطلبتها المادة (71) منه.
وحيث ان الواضح من المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2012 المشار اليه انه جاء متضمنا في المادة (1) منه النص على انشاء لجنة تسمى (اللجنة الوطنية العليا للانتخابات) تتولى الإشراف على الانتخابات وتنظيم الحملات الانتخابية بالتنسيق مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالانتخابات، وقد أبان هذا النص طريقة تشكيلها، وتناولت المادة (2) من ذات المرسوم تحديد اختصاصاتها بما يلي:
1 ـ وضع خطة عامة للعملية الانتخابية بجميع مراحلها بالتنسيق مع الجهات المختصة.
2 ـ التحقق من توافر الشروط القانونية في المرشحين واصدار القرارات اللازمة في هذا الشأن.
3 ـ ترشيح رجال القضاء والنيابة العامة بصفة أصلية واحتياطية لرئاسة اللجان الانتخابية الفرعية والأصلية والرئيسية لإدارة العملية الانتخابية.
4 ـ الإعداد والتحضير لإجراءات الانتخابات ومتابعة تجهيز المقار الانتخابية للجان واصدار التعليمات المنظمة في شأنها.
5 ـ الاشراف على سلامة تطبيق اجراءات الانتخابات ومتابعة التحقق من مطابقتها للقانون.
6 ـ التحقق من التزام جميع أطراف العملية الانتخابية بمعايير النزاهة والشفافية والحيادية، وعلى الأخص ما يتعلق بعمليات الاقتراع والفرز واعلان النتائج، وذلك بالتنسيق مع رؤساء اللجان.
7 ـ ابداء الرأي القانوني فيما يعرض على اللجان الانتخابية من مشكلات او معوقات تعترض سير العملية الانتخابية وايجاد الحلول المناسبة لها.
8 ـ تلقي البلاغات والشكاوى من الناخبين والمرشحين وغيرهم فيما يخص العملية الانتخابية وفحصها وإزالة أسبابها، وابلاغ النيابة العامة بالتجاوزات التي تشكل جرائم انتخابية.
9 ـ وضع القواعد المنظمة لمشاركة منظمات المجتمع المدني الكويتية والدولية المعنية بنزاهة وشفافية الانتخابات واتخاذ القرارات بشأنها.
10 ـ متابعة نتائج فرز صناديق الانتخابات أولا بأول بالتنسيق مع رؤساء اللجان الانتخابية الفرعية والأصلية والرئيسية.
11 ـ نشر النتيجة النهائية للانتخابات من واقع النتائج المعلنة من رؤساء اللجان الرئيسية، وعلى ان تقوم اللجنة بإعداد تقرير نهائي عن سير العملية الانتخابية متضمنا الاقتراحات المناسبة لتطويرها، وتقدم نسخة منه الى كل من وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، كما أجازت المادة (3) للجنة تشكيل لجان فرعية لمعاونتها في أداء بعض مهامها، وأجازت المادة 4 لأعضاء اللجنة الحضور في جمعية الانتخاب بجميع اللجان الانتخابية لمتابعة سير العملية الانتخابية وعلى رؤساء اللجان وأعضائها تلقي تعليماتهم من هذه اللجنة وتنفيذ قراراتها، والتزام اجهزة الدولة بمعاونة اللجنة في مباشرة اختصاصاتها وتنفيذ قراراتها وتزويدها بما تطلبه من بيانات ومستندات وناطت المادة (الخامسة) باللجنة إعداد لائحة داخلية لتنظيم اعمالها وأن تكون للجنة موازنة مالية تدرج ضمن ميزانية وزارة العدل.
ونصت المادة 6 من ذات المرسوم على تعديل بعض نصوص القانون رقم 25 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة، حيث تناول هذا التعديل المادة 20 منه بحيث تقدم طلبات الترشيح للانتخابات الى الجهة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه بدلا من تقديمها لمخفر الشرطة وذلك تيسيرا للإجراءات: ونص المادة 21 من ذات القانون على رفع قيمة التأمين الذي يسدده المرشح الى مبلغ خمسمائة دينار بدلا من خمسين دينارا، كما تناول التعديل المادة 25 لتختص اللجنة الوطنية العليا للانتخابات بإعلان نتيجة الفائز بالتزكية في إحدى الدوائر بدلا من وزير الداخلية. ونص الفقرة الثالثة من المادة 35 على توحيد ميعاد بدء فرز الأصوات في جميع اللجان بحيث يتم بعد اعلان ختام عملية الانتخاب في الدائرة بأكملها، ونص المادة 26 على تمكين جميع الحاضرين في لجنة الانتخاب من رؤية أوراق الانتخاب عند الفرز وعرض نسخة من جدول نتائج الفرز لتمكين جميع الحاضرين من الاطلاع عليه، وعلى ذات النهج نص الفقرة الثانية من المادة 36 مكررا، كما تناول التعديل ايضا نص المادة 29 على أن تعد اللجنة الرئيسية صورتين لأصل محضر نتيجة الانتخاب بدلا من صورة واحدة وذلك لتسليم الصورة الأولى الى الأمانة العامة لمجلس الأمة مع صناديق الانتخاب، بينما تسلم الصورة الثانية الى اللجنة الوطنية العليا للانتخابات حتى يتسنى لها نشر النتيجة العامة للانتخابات في جميع الدوائر، وأجاز النص لرئيس اللجنة الرئيسية بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات تعديل اعلان اسماء الأعضاء الفائزين او ترتيب اسمائهم خلال 72 ساعة من إعلان النتيجة اذا كان هذا التعديل مرده الى أخطاء مادية أو حسابية فقط في عملية جمع الأصوات مع إتاحة الفرصة للمرشحين او من ينوب عنهم من وكلائهم او مندوبيهم لحضور الاجتماع الذي يخصص لهذا الغرض.
وقد تضمنت المذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم مقتضيات اصداره بالإشارة الى ان «مصلحة الدولة العليا تستوجب في هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها البلاد، الاسراع في اصدار تشريع يلبي الحاجة الملحة لإنشاء كيان وطني موحد ومستقل.. يتولى الاعداد والاشراف على العمليات الانتخابية بجميع مراحلها وتنظيم الحملات الانتخابية، على نحو يحقق مقاصد المجتمع وأهدافه وما يقتضيه ذلك من ضرورة تعديل بعض أحكام قانون الانتخابات مجلس الأمة تحقيقا لذات الأهداف..».
وحيث إن الدستور رسم للتشريع الاستثنائي ـ وعلى ما سلف بيانه ـ حدودا ضيقة تفرضها طبيعته، وأنه وإن أجاز للسلطة التنفيذية ـ استثناء من الأصل ـ إصدار مراسيم تكون لها قوة القانون وفق المادة 71، إلا أن مناط استعمال هذه الرخصة الاستثنائية إما ان تقتضيها ضرورة ملحة أو كان توقيا لخطر تقدر ضرورة رده، باعتبار ان هذه الرخصة إنما شرعت لهذه الأغراض، وليس لاتخاذها وسيلة لتكون السلطة التنفيذية سلطة تشريعية على غير ما تقتضيه المادة 52 من الدستور، وانه متى كان ذلك وكان الواضح من المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 سالف الذكر، انه ليس في المسائل التي تناولها بالتنظيم سواء فيما يخص بإنشاء هذه اللجنة، أو ما يتعلق بإدخال بعض التعديلات على قانون انتخاب أعضاء مجلس الأمة بمناسبة إنشاء هذه اللجنة، ما يوجب الإسراع في اتخاذ إجراء تشريعيا عاجلا ولا يتحمل الأناة والانتظار، وأنه لا يمكن للحكومة الادعاء بخلاف ذلك، لأن الواقع لا يساعدها على هذا الادعاء، كما أنه لا يمكن تصور ان «مصلحة الدولة العليا» هي التي دعت الى إصداره على نحو ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم، إذ إن المصلحة العليا للبلاد أعظم شأنا وأعلى قدرا من أن تختزل في محض إنشاء لجنة تحقيقا للمزيد من النزاهة والشفافية في الانتخابات، أو في إدخال بعض التعديلات على أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 بسبب إنشاء هذا الكيان، وبأن تقدم طلبات الترشيح للانتخابات الى الجهة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه بدلا من تقديمها لمخفر الشرطة، أو برفع مقدار التأمين الذي يؤديه المرشح من خمسين دينارا الى خمسمائة دينار، أو غير ذلك مما اشتمله هذا المرسوم من تعديلات في اجراءات عملية الانتخاب بدءا من مرحلة الترشيح وانتهاء بإعلان النتائج فيها، والحاصل ان هذا المرسوم انما يمثل ـ في حقيقة الأمر ـ خروجا سافرا على نص المادة 71 وعلى الأغراض التي وضعت من أجلها هذه المادة، وأنه اعلاء لكلمة الدستور والمحافظة على نصوصه وكيانه ونزولا على أحكامه، فقد حق القضاء بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2013 سالف الذكر، ودون أن يغير من ذلك أن يكون مجلس الأمة قد أقره، ذلك أن إقرار المجلس لهذا المرسوم لا يسبغ عليه المشروعية الدستورية ولا يطهره من العوار الذي لحق به على نحو ما كشفت عنه هذه المحكمة آنفا من الوجهة الدستورية، وإذ كان قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية هذا المرسوم، اعتباره كأن لم يكن إعمالا للأثر المترتب على ذلك طبقا للمادة 173 من الدستور، وان مقتضى قضائها في هذا الشأن هو زواله منذ نشأته وتجريده من قوة نفاذه وإزالة الآثار القانونية التي ترتبت عليه، وكانت عملية الانتخاب التي تمت في الأول من ديسمبر عام 2012، وأجريت طبقا للإجراءات المقررة بموجب هذا المرسوم ـ بدءا من اجراءات الترشيح وانتهاء بإعلان النتائج فيها ـ قد شابها البطلان لعدم دستورية المرسوم بقانون التي اجريت على أساسه، وان ارادة الناخبين في هذه الحالة تكون قد وردت على غير محل، فإنه يغدو حريا القضاء بإبطال عملية الانتخاب برمتها في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، مع ما يترتب على ذلك من إثار اخصها اعادة الانتخاب مجددا وكأن المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بما اشتمله من إنشاء هذه اللجنة، وما اجراه من تعديل لنصوص المواد 20 و21 و25 و(35 فقرة ثالثة) و36 و(36 فقرة ثانية) و(39 الفقرتان 3 و4) من قانون انتخاب اعضاء مجلس الأمة لم يكن بما من شأنه إبقاء هذه النصوص على حالها، وكأن ادخال هذه التعديلات عليها لم يكن حتى يتخذ مجلس الامة صاحب الاختصاص الاصيل ما يشاء بشأنها، وغني عن البيان ان احكام هذه المحكمة ملزمة للكافة ولجميع سلطات الدولة طبقا للمادة الأولى من قانون انشائها رقم 14 لسنة 1973 وتكون نافذة من تاريخ صدورها مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 107 من الدستور.
ومن نافلة القول ان القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس الذي قضي بإبطاله ستظل سارية ونافذة الى ان يتم إلغاؤها، أو يقضى بعدم دستوريتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بقبول الطعن شكلا.
ثانيا: برفض الطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 بتعديل القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة.
ثالثا: بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2012 بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات وبتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة.
رابعا: وفي موضوع الطعن بإبطال عملية الانتخاب التي تمت في 1/12/2012 برمتها في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اعادة الانتخاب مجددا كأن هذا المرسوم بقانون لم يكن، وذلك على النحو الموضح بالأسباب.