الزواج المؤقت أو ما يسمى بزواج المتعة يفترض ان علامات الاستغراب والاستهجان والاستنكار عليه، قد اندثرت وتوارت أمام ما يطرح اليوم من أنواع الزيجات كالمسيار والزواج بنية الطلاق، والمسفار أو السياحي، والفرند، وزواج الانترنت.. ولعل آخرها جهاد النكاح ورضاعة الكبير.
ويبدو ان هناك من يستميت لأجل إشغال الناس في قضايا فقهية مختلف فيها بين المسلمين، مستغلا الجهل بتعددية الثقافة الدينية والمتفشي -للاسف- بين الناس، لاسيما تلك التي على الاغلب تدور في عالم النظرية اكثر من الواقع العملي. ومنها زواج المتعة الذي يمكن تعريفه بأنه الزواج من المرأة الخالية من الموانع الشرعية (كالنسب أو السبب والرضاع أو العدة أو كونها متزوجة) وقد يشترط موافقة الزوجة الدائمة.
وهو كالزواج المعتاد من حيث الإيجاب والقبول بين الطرفين، وموافقة الولي، والمهر، ونسب الابناء وتوارثهم من الأب والأم...الخ (راجع الكتب الفقهية للمراجع الدينية الكرام).
لكن يفترق عن الدائم بأنه لا تجب النفقة على الزوجة في زواج المتعة، كما لا توارث فيه بين الزوجين.
وجميع فقهاء المذاهب الاسلامية يتفقون على ان زواج المتعة كان اصلا محللا وموجودا في عصر الاسلام الاول، وقد جاء عن طريق كثر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم(انظر مثلا ما أورده صحيح مسلم في باب نكاح المتعة من كتاب النكاح في الجزء الاول).
لكن اختلف المسلمون فيه فيما بعد، فمنهم أخذ بنهي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهعن متعة النساء، ومنهم من عارضه في ذلك، مستندا لأدلة نقلية وعقلية من القرآن الكريم (انظر مثلا الآية 24 من سورة النساء) ومن السنة النبوية، وما ورد من أهل بيته المعصومين .
وهو على كل حال - حتى عند من يحلله - انما هي رخصة شرعية، وليس بواجب في أصله، وليس هي دعوة لترويجه.
ومن النادر جدا ان تجد من يزوج ابنته أو أخته بزواج مؤقت أو ان ترضى به امرأة، اللهم الا في حالات اضطرار أو حرجة، ليس لأنه حرام، ولكن قائم في الاعم الأغلب على الحاجة الجنسية فحسب، وهو ما لا ترتضيه النفس العفيفة في الحالات الطبيعية التي تتوق فيه الى حالة من الاستقرار الأسري ودوام العشرة العائلية.
والذي ينعت المؤمنين والمؤمنات بـ «يا أبناء المتعة» يريد الإهانة والسب والتحقير فقد جاء ببهتان وكذب واثم عظيم.
والخطاب والمأذونون شرعا وقانونا بتوثيق الزواج، بالإضافة الى القضاء في دوائر محاكم الاحوال الشخصية لا يتعاملون الا بعقود الزواج المعتاد (الدائم).
وفي ظل هذه الأوضاع الاجتماعية والقانونية، فإنه من يقدم على زواج المتعة في وقتنا الحالي، يتهدد بضياع الحقوق واختلاط الأنساب، ويتعرض الى حرج اجتماعي كبير.
ومشهور الفقهاء يحتاطون بعدم جواز الزواج مطلقا من الزناة المشهورين (العاهرات وبنات الليل) الا بعد التوبة.
والأجدر ان يتفرغ من شغله الطعن في فقه زواج المتعة، الى العمل من أجل محاربة الزنى الذي اتسع نطاقه، وطرح البدائل المحللة، في أجواء عفيفة وموثقة كما هي في صدر الإسلام.
[email protected]