عدنان الشمري
لن أتكلم في هذه المقالة عن أبعاد الخلاف بين السنة والشيعة، ولن أتطرق إلى مظاهر وأشكال الافتراق بين المذهبين.
ما يهمني الحديث عنه هو الخطوات الإيجابية التي تصب في صالح الحوار بين المذاهب الإسلامية والتي حتما ستؤدي في النهاية لصالح الأمة الإسلامية، فهذه الخطوات بدورها هي التي سترسم ملامح وأنماط الوحدة الإسلامية.
فبرغم كل المذابح الطائفية وبرغم أنف كل المتشددين والمتعصبين، نشاهد صورا رائعة من هنا وهناك تجسد معاني الأخوة الإسلامية، ومن رحم الفتنة تجد دائما بصيص أمل يتمثل في دور الحكماء والعقلاء، وتشاهد بوضوح جلي بعد النظر لدى الكثير من علماء الأمة ولدى عديد من القادة والزعماء.
يحاول البعض تشويه تفاؤل الحالمين بأن الوحدة الإسلامية ممكنة وسهلة المنال، ولكن عزاء هؤلاء الحالمين هو الخطوات العملية والمصاديق الرائعة لهذه الوحدة، التي تزيد من تفاؤلهم وتبرهن للجميع على أن الإرهاب والتطرف والتعصب دخيل على دين محمد ( صلى الله عليه وسلم ).
فكم كان منظر المقاومة الإسلامية للعدوان الصهيوني رائعا في جنوب لبنان وفي غزة فلسطين، فدماء الشهداء لم تميز السني من الشيعي، بل جعلت الشارع الإسلامي يتحرك بكل جوارحه داعيا ومباركا لهذه الدماء الطاهرة أينما كانت.
فشاهدنا المسلمين يتبرعون هنا وهناك دونما تمييز وتفرقة، وشاهدنا الحناجر تهتف وهي تدعو الله أن ينصر المقاومة الصادقة في فلسطين ولبنان.
كما شاهدنا ما جرى في العراق من مذابح ترتكب هنا وهناك باسم المذهب وباسم الدين، وشاهدنا الدماء تسيل على نهري دجلة والفرات وسمعنا بالقتل على الهوية.
ولكن ولله الحمد هذه الصورة المريعة تلاشت بفضل فتاوى مراجع الشيعة والسنة في العراق والتي بفضلها أرجعت الشعب العراقي إلى رشده، وأدت إلى وقوف الشعب العراقي صفا واحدا رافضا للعنف والإرهاب.
مؤخرا وفي المملكة العربية السعودية، شاهدنا فتنة وقعت عند أسوار مقبرة البقيع في المدينة المنورة تسبب فيها الفكر المتشدد، ولكن شاهدنا حكمة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإدارته للأزمة بكل هدوء تؤدي إلى وضع حد للاحتقان وتعيد الأمور إلى نصابها، بعد أن أمر بالإفراج عن المعتقلين في تلك الأحداث من الطائفة الشيعية من أبناء المملكة.
أروع المشاهد وأعظمها برأيي والتي صدرت خلال الأيام الماضية، هو تصريح نشرته إحدى الصحف المحلية أدلى به مفتي الديار المصرية د.علي جمعة، هذا التصريح اشتمل على تأكيد د.علي جمعة جواز تعبد المسلم السني على مذهب أهل البيت عليهم السلام.
هذه الصور هي ما تبعث على التفاؤل وهي التي ستجعل الوحدة الإسلامية ممكنة وليست مستحيلة، شاهدنا صلوات مشتركة بين علماء الفريقين، شاهدناها في العراق وفي المملكة العربية السعودية وفي إيران.
هذه الروح وهذه الأعمال حتما لها تأثير إيجابي على هذا الطريق، ولكن المطلوب تنظيم وتكثيف هذه الأنشطة بصورة بحيث تطول أعلى المستويات وأدناها.
اللهم احفظ الإسلام والمسلمين، واجعلهم صفا واحدا لمواجهة الأخطار التي تحدق بهم.