عدنان الشمري
فاجأتنا بعض وسائل الإعلام المحلية بخبر مهم تمثل بزيارة نادرة وفريدة من نوعها ومهمة في نفس الوقت، قام بها السيد مبارك البذالي إلى ديوانية السيد محمد باقر المهري، وزيارة كهذه وفي هذا التوقيت وفي ظل الظروف السياسية الراهنة محليا وعربيا لا يمكن وصفها إلا بأنها لقاء مهم ومنعطف تاريخي للعلاقات بين رجال الدين والسياسة في الكويت.
ويجب على الجميع عدم التقليل من أهمية هذا اللقاء، خصوصا أنه تم بين رجل أثار الجدل محليا من خلال الأنباء التي تتحدث عن علاقته بجماعات متطرفة تقوم بأعمال مسلحة داخل العراق وأفغانستان، ورجل دين شيعي يبرز اسمه كثيرا للحديث والتعليق على قضايا سياسية محلية وخارجية، ويسبب حديثه جدلا وحساسية لدى الكثيرين، كما أن الجو السياسي الحالي المشحون بعد حل مجلس الأمة السابق يحتاج إلى جرعة نشطة لتنقية هذه الأجواء المتوترة.
الشيء المهم الذي يمكن استخلاصه من هذا اللقاء هو وجود حقيقة يغفل عنها الجميع، وهي أن هناك إمكانية للتوافق الشيعي والسلفي على أرضية مشتركة للحوار والتعايش السلمي، وأن هذا التوافق في متناول اليد إن أراده الجميع، وذلك من خلال الرغبة الصادقة في التركيز على الثوابت الوطنية والاتفاق على عدم المساس بالخطوط الحمراء لكل فريق.
لقد شدني كثيرا ما صرح به مبارك البذالي في ديوانية المهري وهو يقول: «إننا جميعا في وطن واحد وننتمي إلى هذه الأرض وليس هناك أدنى تفرقة، ونجسد الوحدة الوطنية بين جميع أفراد الشعب الكويتي وبكافة أطيافه القبلية والطائفية».
كما أن السيد المهري أكد الهدف ذاته عندما قال: «إننا ندعو إلى الوحدة الوطنية وإلى الاخوة الإسلامية وتوحيد الكلمة ووحدة الصف، وأن الكويت للجميع للسنة والشيعة والبدو والحضر». هذا الهدف الذي ينشده العقلاء في كل مكان، وهو ما يدعو إليه كل حريص على الوحدة الوطنية من أجل التركيز على خدمة المجتمع وتنميته، بدلا من الدخول في صراع وجدال عقيم لا يغني ولا يسمن من جوع.
ثم إن الوحدة الوطنية في الكويت وفي كثير من بلدان المسلمين ستنعكس على الجو العام وتؤدي إلى مزيد من الوحدة الإسلامية في جميع أنحاء العالم بالرغم من وجود بعض المنغصات هنا وهناك.
الوحدة الوطنية في الكويت لابد أن تكون هي المنطلق لكثير من الاطروحات الاقتصادية والتنموية لجميع مرشحي الانتخابات المقبلة، يجب أن تمحى بعض الصور السلبية التي رشحت عن بعض الممارسات الخاطئة من قبل البعض.
ويجب أن يعي كل مرشح أن الوحدة الوطنية هي الأساس لأي تنمية منشودة، فلا يمكن لأي مرشح أن يضع برنامجا تنمويا واقتصاديا وبشريا لدائرته أو لأبناء قبيلته أو أبناء طائفته لأن التداخل القبلي الحضري والمذهبي هو واقع يجب أن يتعامل معه الجميع في هذا البلد، ويجب أن يكون التعامل هذا هو الأساس لأي برنامج يهدف من خلاله إلى تقدم ورفعة الكويت وذلك من خلال الممارسة التي تعطي انطباعا وحدويا جميلا باسما، مثل تلك الصور الباسمة التي التقطها مصورو وسائل الإعلام التي غطت تلك الزيارة الجميلة الأخوية التي قام بها مبارك البذالي إلى ديوان السيد المهري.