أمينة العلي
دائما أسأل نفسي لماذا الإدارة في القطاع الخاص تحقق أهدافها دائما، ولا تتعرض للنقد في أي جهة كانت، هل السبب هو حجم الجهاز الإداري؟
فهذا الحجم في كثير من البنوك والشركات يفوق مثيله في بعض الوزارات، أم السبب في القيادات الإدارية أم أن الموظف نفسه يشعر بالالتزام تجاه لوائح وقوانين العمل بالشركات والبنوك؟ ولماذا دائما الإدارة في الوزارات تتعرض للنقد أحيانا وللهجوم أحيانا أخرى؟
قلة الإنتاج واللامبالاة وأزمة التفكير الذاتي تسيطر على عقل القيادة الإدارية وعلى عقل الموظف، هذه مميزات الإدارة الحكومية.
فهل الراتب هو السبب في الشركات، حيث أن الرواتب في أغلبها أعلى من رواتب الحكومة، لكن ما يحصل عليه الموظف الحكومي يفوق كل المميزات التي يقدمها القطاع الخاص، للتأكيد على ذلك نذكر عنصرا واحدا يتمتع به الموظف الحكومي في وظيفته، وهو الاستقرار الحياتي والمعيشي، إذن لماذا لا ينتج هذا الموظف؟
الذي دفعني إلى هذا القول هو ما رأيته وسمعته من خلال تجوالي بين وزارات الدولة من أجل إنهاء معاملات خاصة بي، أجبرت على إنهائها بنفسي بعد أن فشل البعض في إنهائها بدلا مني، رأيت من خلال تجوالي أن هناك ظواهر جديدة تنتشر في بعض الوزارات منها ما يكبر وينمو على حساب الإنتاج ووقت العمل وسنستعرض بعضا من هذه الظواهر بقدر ما رأيته بعيني حين ترددت على بعض الوزارات رأيت أن بعض الموظفين يبدأ دوامهم بالإفطار، حيث أن كل موظف يحضر طعامه معه، وما أن يدخل المراجع المسكين الذي ترك عمله وجاء لينهي معاملة معينة حتى يشم رائحة المأكولات، ما يدفعنا للسؤال: هل تحولت مكاتب الوزارة إلى مطاعم؟ من لا يصدق فليذهب في الصباح ليشهد ذلك بنفسه، أليس هذا ممنوعا في الوزارات أين المسؤولون والقياديون من هذه الظاهرة التي تعم بعض وزارات الدولة.
إذا جمعنا وقت العمل المهدور جراء ما يجري في ساعات الدوام الأول من تناول الإفطار على قراءة الصحف وشرب القهوة، لامتد ذلك حتى الساعة العاشرة صباحا، كل هذا على حساب وقت العمل، كما أنك لن تعرف أيها المراجع أين أنت إذا دخلت احد المكاتب في وزارة ما، ولن تعرف انك ليست في قسم العلاقات العامة إلا بعد حين، فتجمع الموظفين في مكاتب زملائهم لتبادل الحديث في كل شيء عادة تتكرر، بل أصبحت شيئا عاديا.
وأنا فقط أعرض الحقيقة ولا أتجنى على أحد، فهناك حفلات الاستقبال والتهاني المنتشرة في أركان وأدوار الوزارات: فلان أو فلانة تمت ترقيته أو عيد ميلاده أو زواجه أو مبروك جالك ولد، فترى الكيك والحلويات تزين الطاولات على شكل بوفيه، والدعوة عامة، ويحضر المهنئون، وصيحات الفرح والابتهاج تملأ الوسط الوظيفي، وكل يوم مناسبة موجودة للاحتفال بها.
من يوقف هذه الظواهر المنتشرة في الوزارات؟
كما أن بعض الموظفين يفرون إلى العمل في موعده المحدد وبعضهم يحضر في الثامنة أو التاسعة صباحا وغيرهم قد لا يحضر بتاتا ولعدة أيام في الوزارات، ناهيك عن الشلل الذي تتجمع حول كبيرها، وكبيرها على علاقة مع رئيس شلة أخرى، وهكذا حلقات، كل موظف يغطي على الآخر وكبيرهم يحميهم، ويغطي عليهم، السؤال هنا: من يمنع هذا السلوك وهذه العادات التي كثر انتشارها بين أوساط المجتمع الوظيفي، بل والموظف يطلب المزيد من الدولة، ولكن أين الإنتاج؟ وكيف يمكن للموظف على مختلف المستويات والدرجات أن ينتج؟
وهل عنده الوقت الكافي ليعمل بإخلاص، علينا أن نسأل أنفسنا لماذا يحدث كل هذا في الإدارة الحكومية ولماذا نجد نظيرتها في القطاع الخاص تتوصل إلى أهدافها بنجاح.