أمينة العلي
هل هناك ما يسمى بالأدب النسائي والأدب الرجالي؟ هذا السؤال وجه لي من خلال بعض الاصدقاء على طاولة العشاء، فقيل ان المرأة الكاتبة لا تستطيع ان ترى العالم وتتفاعل معه الا من خلال منظارها الانثوي، وان معظم ما تكتبه المرأة عن الرجل وعن علاقتها به وعن وضع المرأة في المجتمع وموقف التقاليد والعادات منها، الى آخر هذه المواضيع والتي تهم المرأة، والتي تمليها عليها انوثتها.
ويقولون ايضا ان تسمية الأدب النسائي لا تخرج عن نطاق الواقع والمنطق والمواضيع التي تهم المرأة كوضعها في المجتمع.
قلت لأصدقائي انه لا يوجد ما يسمى بالأدب النسائي والأدب الرجالي، فالأدب والثقافة نوع واحد سواء كتب بقلم امرأة أو قلم رجل، لكن هناك تعسفا ضد المرأة وتعسفا تحمله هذه التسمية على ابداع وفكر المرأة، والذي لا يقل بأي حال من الاحوال عن ابداع وفكر الرجل.. أحب أن أوضح ان تسمية أدب المرأة قصة وهمية اخترعها الرجل ودارت حولها احاديث وأقاويل كثيرة، فالبعض يصّر على ان هناك أدبا للمرأة وأدبا للرجل، ولم يدر في خاطري انني سأخوض في البحث او الحوار في هذا الموضوع، ولم أكن اتصور نفسي أنني سأجد الحماسة لمناقشة هذا السؤال أو هذا التعريف الذي أيده البعض واعترض عليه البعض الآخر.
اعتقد ان الهدف من طرح مثل هذا الامر هو من اجل تفعيل صراعات مصطنعة بين الجنسين في محاولة من البعض لإيهام المرأة بأن الرجل هو العقبة الكبرى في طريق طموحها وتطلعاتها وسعيها لابراز دورها على الصعيد السياسي والاجتماعي والانساني والادبي، وأراد البعض من كل هذا اظهار ان هناك صراعات وحروبا سخيفة بين الجنسين الرجل والمرأة.
اعتقد ان المرأة المثقفة والموهوبة محصنة ضد هذا النوع من الصراع السخيف، نعم هناك ادب نسائي وهذه تسمية واقعية ومنطقية وتتوافق مع نوعية كتابة المرأة وأسلوبها، فالمرأة الكاتبة ترى العالم وتتفاعل معه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وبعض الكاتبات لهن الفخر بأنهن يتعاملن مع الكتابة من خلال ما تمليه عليهن انوثتهن وهذا مفخرة لهن، لذا فان هذه التسمية وهي الادب النسائي لا تخرج عن نطاق الواقع والمنطق، ومن هنا لا اقصد ان أنال من ابداع المرأة ومكانتها، فالمرأة اثبتت انها مبدعة في كل شيء حتى لو كتبت بقلم انثوي وان كان قلمها يحمل الهوية النسائية البحتة.
هناك الكثير من المبدعات العربيات كتابتهن تتميز عن كتابة الرجال وهذا بحد ذاته ميزة لأن كتابة المرأة استجابة تلقائية لطبيعة المرأة، والتي صيغت من خلال نفسية المرأة بخصوصية واضحة.
لذلك فان طريقة حديث وتفكير ورؤية المرأة الاديبة تظل خاصة وانثوية وبعيدة تماما عن العنف والتجريد والحيادية والشمولية التي يتمتع بها الرجل الكاتب.
والمرأة التي تكتب الادب النسائي تعيش الواقع بنجاح عندما تكتب عن علاقتها بالرجل لأنها تحلم بجلسة هادئة قرب شاطئ الغروب، وتحلم كالأطفال بلعبة تنسى من خلالها غدر الزمن وتحلم ببناء قصر السعادة فوق قمم الجبال، احلام وآمال ورؤى في ادب النساء تشكل عندها جزءا اساسيا في نشاط مخيلتها المتداخلة مع ممارسات حياتها اليومية.