أمينة العلي
قال صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه: «صبرت لعل وعسى ان تهدأ النفوس وترقى مصلحة الوطن فوق كل المصالح إلا أن شيئا من هذا لم يتحقق» وذلك خلال كلمة وجهها سموه بمناسبة حل مجلس الأمة.
فعلا لأننا نمر كمجتمع كويتي بحالة أشبه ما تكون بفقدان الإحساس بالوزن، فلم يسبق ان تعرض المجتمع إطلاقا لهزات متوالية بهذا الحجم وهذا العنف فمنذ التحرير لا توجد حسنة واحدة تسجل لنا إلا نتائج انتخابات مجلس 1992 فقط، أمورنا جميعها تحتاج منا الى مناقشة عميقة وإعادة تقييم وتحليل للأوضاع المختلفة، السؤال الذي دائما أوجهه الى نفسي والى غيري: لماذا فقدنا عنصر الاستقرار وكثرت المشاكل؟ كل شيء أصبح غير طبيعي وغير منطقي، أكيد هناك من يقف خلف زرع المشاكل وتضخيمها وتفعيلها، من هو المستفيد من كل ما يحصل؟ أكيد نحن في حاجة ماسة لنوع من الاستقرار على الأقل لالتقاط الأنفاس حتى هذه اللحظة، لم أعرف الأسباب الحقيقية لاستقالة حكومة وراء حكومة، وضجة التشكيل الحكومي الجديد، فإذا كانت الأسباب التي دعت لرحيل هذه الحكومات عدم انسجامها، أو وجود خلل في أدائها فمنذ متى ونحن نتمتع بحكومة منسجمة انسجاما تاما، إذا كانت من أسباب استقالة حكومة وراء حكومة هو تهديد أعضاء مجلس الأمة الدائم لأعضاء الحكومة بالاستجوابات، فنحن ولله الحمد نتمتع بهذه الخاصية منذ عهود بعيدة بمناسبة ودون مناسبة هناك تهديد، وذلك حسب مقتضيات الحاجة.
أقول ذلك بعدما قرأت الكثير عن مبررات هذا الرحيل الذي أصبح بصمة لكل حكومة جديدة، أقول بصراحة وهذا حسبما قرأته وسمعته ورأيته وحسب الأجواء في الشارع الكويتي، ان أي تشكيل حكومي جديد سيعد له الاستجواب منذ الآن وقبل تشكيل الحكومة الجديدة.
العقل يقول ان افتعال الأزمات قبل ان تقع أو حتى لو وقعت وكثرة التشكيلات الحكومية لن يدفعانا نحو الأمام بل سيعرقلان خطواتنا ومسيرتنا ويوقفانها ويعطلانها وستبقى برامجنا وخططنا في الأدراج ولن ترى النور وستظل رهينة الخوف والتردد وعدم الانسجام مع بعضنا البعض.
الواجب يحتم علينا ان ندفع باتجاه تفهم وجهات نظر بعضنا البعض فمهما اختلفنا لابد لنا ان نعمل من أجل توثيق الروابط والتماسك فيما بيننا حتى لو كانت أفكارنا متباعدة ومتصادمة أحيانا لنفكر بقليل من الهدوء ولنحاول جميعا ان نبحث عن العلة التي تثبت وتنشط وتشجع وتبارك إثارة الفتن وتزعزع الاستقرار في الدولة، لابد لنا ان نلتمس معالم العلة التي لا تنسجم مصالحها إلا بوجود واستمرار الصراع في هذا المجتمع المسالم.
أمام الحكومة الجديدة أجندة مكثفة مليئة بالعمل تتطلب جهدا مضاعفا في إيجاد حلول سريعة لمشكلات الكهرباء والماء وإزالة الدواوين وزيادة الرواتب ومراقبة ارتفاع الأسعار وحل مشكلة البدون وحل مشكلة التعليم والاختلاط في المدارس الخاصة والجامعات، وحل المشاكل الاجتماعية كالقروض والإسكان والعلاج بالخارج وما يستجد من مشاكل.
أتمنى من الله سبحانه وتعالى ان يعرف كل مواطن كويتي ما له وما عليه من واجبات وحقوق وان يختار ممثليه في الانتخابات المقبلة ممن يمثلون طموحاته وتطلعاته لمستقبل أفضل من واقعنا وان تكون الحكومة القادمة والمجلس القادم قويين وعادلين وان تكون مصلحة الكويت على سلم أولوياتنا.