ضاري المطيري
هل نتصور أن تكون هناك حاجة للأميركان في منطقة الخليج لولا التهديدات المحيطة؟ هل كان من المفترض وجود قواعد أميركية لولا الاحتلال العراقي؟ هل كنا سنحتاج إلى رفع العلم الأميركي بدلا من العلم الكويتي على أسطولنا البحري لولا التهديدات الإيرانية؟ هل لنا أن نتصور كيف سيكون حال الخليج دون وجود عسكري لقوات أجنبية فيه، أظن أن النهش لن ينقطع لا ذات اليمين ولا ذات الشمال، فهذا يتعدى على حدودك المائية وذلك يحتل جزرك القريبة وذاك يتعدى على مجالك الجوي.
الأميركان أينما وجدوا وجدت المشاكل والحروب، فمن كوريا الشمالية والجنوبية إلى أفغانستان مرورا بالعراق ولبنان حتى تصل إلى الصومال، لكن الحسد المحيط بنا من كل جانب والمتربص بنا من كل ناحية يستدعينا للاستعانة بمثلهم ويصدق علينا القول «مكره أخاك لا بطل»، المشكلة أن من يستعين بالأجنبي إنما يستعين به للدفاع عن نفسه من طيش الأعداء والإخوان المحدقين به من كل جانب ولم يستعن به على عدوان أو انتهاك حرمات، أنا لا أريد خلق الأعذار أو إضفاء صبغة الشرعية على وجود الأجانب في المنطقة بقدر ما أريد لفت الانتباه إلى أن بلاءنا منا وفينا، قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
تخيل لو أن الأميركان تركوا الشرق الأوسط وسحبت أميركا، خاصة مع رئيسها الديموقراطي المرتقب، جنودها من العراق ومن المنطقة كلها، لا، بل وتوقفت عن مساندة إسرائيل في عدوانها لرأيت البعض من دول الجوار يتهافتون لتحرير القدس من بوابة الكويت المسكينة ويقمعون العملاء من إخوانهم الكويتيين قتلا ونهبا على حد زعمهم، وأظن أن إسرائيل حينها ستبقى أكثر استقرارا بسبب انشغال العرب ببعضهم البعض سفكا وسرقة.
فقد رأينا في التاريخ القريب كيف ظن البعض أن وحدة العرب تكون بالإعتداء على اليمن وأن تحرير القدس يكون عبر غزو الأراضي الكويتية وأن توحيد المسلمين لا يكون إلا عبر انتهاك حرمة الحرم المكي الشريف وأن إرغام الأعداء إنما يكون في الوقوف مع الغازي الظالم! ولاحول ولا قوة إلا بالله.