ضاري المطيري
عائلة نائمة في ليلها، هادئة في بيتها، آمنة في سربها تفجع، لكن بأي حق؟ زعموا أنه توحيد ولم شمل، وزعموا أنه بداية نصر وبوادر عزة، حكم عسكري وقانون طوارئ وحظر تجوال واقتحامات على أهالي من نساء وأطفال، لكن بأي ذريعة؟ زعموا أنه زيادة لاستتباب الأمن وتعزيز للاستقرار، زعموا بهتانا واختلقوا إفكا، تفريقا للصف العربي وكشفا لأستار البعض حدث وحصل، لكن ما دواعيه وأسبابه؟ زعموا أنه للتخلص من الهيمنة الغربية والانتهاكات الصهيونية، ويا ليتها كانت الحقيقة، لكنا من أول المصطفين خلفها إنما هي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، نعم هذا ما حدث في فجر 2/ 8/1990، قتّل أناس وشُرّد آخرون، نهبت الممتلكات وانتهكت الأستار، شَمَتَ بنا أعداء كما شَمتَ بنا أناس كنا نحسبهم أصحابا وأصدقاء.
لولا الله وحده لما رجعت إلينا ديارنا ولما التأم شملنا بعد شتات، وكان ذلك بأن بانت حنكة حكومة الكويت وعلى رأسها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد والسياسي المخضرم وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والأسرة الحاكمة المباركة حين نجحوا في استقطاب الأمم الغربية والشرقية حول قضيتنا نصرة وتأييدا، وبعد خيانة الجار وخذلان ونكران بعض الصحب والإخوان.
لست متشائما لكن الواقع والمتتبع للردود العربية يرى أنها لم تستفد حقا من هذه الحادثة الاستفادة المرجوة، فلايزال الناعقون خلف القومية العربية كثر، ولايزال المتأملون بخلاص الأمة الإسلامية بأمثال الطاغية صدام وأزلامه موجودين عبر أفكارهم المعششة في رؤسهم.
خاتمة، لا شك في أن لأقدار الله حكما بالغة، ففي المصائب والبلايا يرجع العاصي إلى ربه مستكينا خاضعا منيبا، قال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون - الروم: 41)، ويزداد المحسن إحسانا لما يرى من إجابة ربه له في حال الشدة كما أنه كان يدعوه من قبل في حال الرخاء، وأيضا لما رآه من أثر الصالحات من الخيرات التي عرف بها هذا الشعب الكريم (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)، ومن الحكم التي استفدنا منها الإحساس بمعاناة بعض تلك الشعوب المهجرة، كما عرفنا أهمية مشاركة البلدان التي أصابتها الكوارث واجتاحتها المجاعة، والحمد لله الذي تتم به الصالحات فهو الأول وهو الآخر.