يستقبل العالم الإسلامي بشغف شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقرآن والقيام، وأيضا شهر الإعلام والتلفزيون، شهر السهرات والتمثيليات، شهر الفوازير والمسابقات، والناس تدعو بحرارة «اللهم بلغنا رمضان» كما كان يفعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
ويعد شهر رمضان لدى التلفزيونات والمنتجين موسما رائجا، ففيه يبيع المنتج الفني أعماله بقيمة سنة، وتحصل القنوات الفضائية على إعلانات تعادل العام كله، لذا.. يدعو المنتجون وأصحاب القنوات «اللهم بلغنا رمضان».
ومما يؤسف له أنه في الخمس والعشرين سنة الأخيرة (أي من بعد التحرير)، اتسمت معظم الأعمال الفنية بمظاهر لا تليق بالمجتمع الكويتي وتاريخه وقيمه، بل فيها إساءة لنا جميعا، حتى أن جميع دول الخليج والعرب يتساءلون.. هل هو هذا فعلا المجتمع الكويتي الذي نعرفه؟!
وكل ذلك يتم رغم أن من يدفع هو جهاز تلفزيون الكويت الحكومي، ومن ينتج هو كويتي، ومن يؤدي العمل هم كويتيون، فلم تفعلون ذلك بمجتمعكم؟!
وحتى أوضح المقصد، سأذكر بعض النماذج:
أولا: الأعمال الدرامية:
1 - معظم الروايات لا تمثل حقيقة المجتمع الكويتي، بقدر ما تشوه سمعته، وهي مؤلفات لا تمثل الواقع، وإن وجدت فهي حالات محدودة مثل أي مجتمع آخر (خيانة، فساد، سرقات.. الخ).
2 - هبوط المستوى اللفظي، وانتشار ألفاظ وإشارات وحركات سخرية بلا حدود.
3 - انخفاض مستوى الحياء فيما يعرض من ملابس، وأحداث، وكلمات، وحركات، وإيماءات.
4 - معظمها قصص حزينة، وأحداث مؤلمة، رغم أن الليبراليون يتهمون المتدينين بأنهم قاتلوا الفرح، فوجدنا الاعلام قاتل له.
5 - بعضها يرسخ عادات سلبية، كالتدخين والشيشة.. رجالا ونساء، وخروج الفتاة مع صديقها، والمجالس المختلطة، وهذه غير موجودة حتى عند الليبراليين، إلا ما ندر.
ثانيا: الأعمال الفنية الحركية (الأوبريت): ولعل أكثر من اشتهر بها داوود والبلام.
1 - الاعتماد في إضحاك الناس على التهكم والسخرية من الآخرين، وبالأخص الجانب الخلقي (أسود، طويل وقصير، سمين ونحيل،..الخ).
2 - استخدام الرقص النسائي بشكل موسع، وملابس فاضحة، دون أي اعتبار لحرمة هذا الشهر الكريم، فضلا عن انحدار الجانب القيمي منها.
ثالثا: المسابقات والفوازير:
أستغرب من أسلوب منح الجوائز والهدايا بلا مقابل، سواء في برنامج ما قبل الإفطار الشهير، الذي ينطلق من مكانه الرائع أذان المغرب، وينتظره كل أهل الكويت، أو من خلال المسابقات الأخرى. ولعل هذه فرصة كبرى لأمرين:
1 - التعريف بالكويت، تاريخا، ومعلومات عامة.
2 - التثقيف والتوعية العامة.
نعم.. ليس من الضرورة أن يجيب المتسابق إجابة صحيحة 100%، ولا حتى 50%، ولكن على المعد تجهيز فائدة علمية، وعلى المذيع أن يطرحها بشكل توعوي، مع الحفاظ على جو السعادة والفرح.
هذه لمحات سريعة حول الإعلام المعتاد في رمضان، وأعتقد أنه مازال في الوقت متسع لأن تضع الوزارة ضوابطها، وتشترط على من تدفع له، أن يلتزم بعمل متميز.