فيصل الزامل
رحل عن دنيانا الفانية بالأمس رجل التواضع ودماثة الخلق الشيخ سالم الصباح، والله نسأل له الرحمة والغفران، ولإخوانه واسرته الكريمة الصبر والاحتساب.
ان الناظر في انماط الحكم في منطقتنا العربية، وما تعانيه شعوب عربية كثيرة لا تنقصها الثروة بقدر فقدانها لنظام حكم تجتمع حوله القلوب وتتكاتف معه السواعد لتحقيق العزة والكرامة للمواطنين، إنه لا مقارنة بين انظمة الحكم في دول الخليج وسائر البلاد في حجم الوشائج والروابط بين الحاكم والرعية، مع رجائنا ان يعم الخير والاستقرار جميع دولنا العربية والاسلامية، ولكن مواجهة هذه الحقيقة امر لازم ومستحق في وقت نسمع من يتساهل في تقييم هذا الانجاز، بل ويشكك فيه بكل وسيلة.
لقد رحل عن دنيانا هذه كل من الملك فهد والشيخ زايد والشيخ عيسى والشيخ جابر رحمة الله عليهم جميعا، واستمرت المسيرة بخطى ثابتة وباستقرار لا تزيده الايام الا رسوخا، وبدلا من تقدير نجاح صيغ الحكم هذه، مقابل الغموض الذي تعاني منه دول كثيرة في المنطقة وممارسات غريبة نراها في اليمن وغيرها، بدلا من التقدير والتقييم السليم لهذا الانجاز، تسمع من البعض حديث «الأماني الرديئة»، الذي بشرونا به قبل اكثر من عشرين عاما، بأن دول الخليج ستتفكك وتختفي، والحمد لله ان رد امانيهم على اعقابها منكسرة، ولم يجرؤ اي منهم في نقل تحليلاته تلك الى بلاد اخرى وقع فيها ما توقعه بالضبط!
نعم، الأسر التي تحكم في الخليج، على تفاوت اسلوب الحكم بينها، إلا انها تنطلق من روح المودة والتراحم، وليس التسلط والانتقام، لهذا اجتهدوا في نشر آثار عوائد النفط في سائر مناطق دولهم، وكانت البداية في الكويت التي لم تحتفظ فيها الاسرة الحاكمة بملكية تلك الثروة، وكانت قرارات نشر خيراتها على الناس فيها تصدر تباعا، لقد كانت منفعة تلك القرارات للطرفين المواطن والدولة التي اشترت اراضي العاصمة والقرى بأسعار لم تكن لتتحقق لها لو تأخر اصدار تلك القرارات عشرين عاما، كما نرى اليوم في آلية صدور القرار ببطء شديد.
يرحمك الله أبا باسل، لقد هيج رحيلك الحزين مشاعر الامتنان لأسرة الخير التي نحبها، ونملك الشجاعة لأن نعبر عن هذا الحب، في اجواء ضعفت فيها الثقة بالنفس والخوف من تهمة اللاسامية، او النفاق الذي يكون في بلاد الرعب والبطش، او في ظروف الرغبات والمصالح، والحمد لله أننا لسنا في هذه ولا تلك، وانما يحفزنا الحديث الصحيح عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): «خير امرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم، وشر أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتسبونهم ويسبونكم» والناس في الكويت ولله الحمد مع اسرة الصباح في الصنف الأول، نجدهم سباقين في التوجع لأوجاع شعبهم، وربما زادوا في الحلم واللين بدافــع ذلك الحب وتلك الرحمة، وما جزاء الاحسان إلا الاحسان.