فيصل الزامل
بالرغم من أن دول الخليج هي الأقل تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية، لعدة أسباب، إلا انها ليست بمنأى كامل عن ركود اقتصادي قد يستغرق فترة من الزمن، الأمر الذي يتطلب النظر بجدية في السياسات الاقتصادية التي تتلاءم مع هذه الفترة، على سبيل المثال، في فترة ركود عام 1929 أطلقت الولايات المتحدة أكبر مشروع معماري في تاريخها الحديث وهو سد «هوفر» الذي يعتبر أحد عجائب الدنيا لضخامته، عمل فيه 14000 شخص ومئات الشركات، اليوم يتجه «اوباما» في المسار نفسه لتحفيز الاقتصاد عبر تمويل مشروعات بنية أساسية بـ 175 مليار دولار، ما يوجد فرصا للأعمال تمتد من الأفراد الى المؤسسات في مختلف القطاعات، وتشمل خطته تحسين الرعاية الصحية أيضا من خلال برنامج تأميني يسمح للأفراد والشركات الصغيرة بالاشتراك فيه..الخ.
في الكويت تم إعداد خطة مماثلة موجهة أيضا الى مشاريع البنية الأساسية بتكلفة 35 مليار دينار، تمتد في الفترة من 2009 - 2014 وتستقطب مضاعفا ماليا كبيرا بما توفره من فرص أعمال للمستثمرين من داخل وخارج البلاد، هذا الاستثمار في الاتجاه الصحيح وهو يختلف عن ضخ الأموال في «سوق المال» محليا أو خارجيا، كفانا دروسا، وأيضا كفانا تثبيطا للجهود الصادقة في معمعة «اللائكية» المزمنة التي لا تؤدي الى تأخير التحرك الصحيح فقط، بل تسمح بتسرب الأموال الى مسارات خاطئة غير رشيدة، وهو أمر لم يعد محتملا في ضوء ما يقوم به العالم بأسره لمواجهة السنوات العجاف المقبلة.
العالم يشهد ظاهرة متزايدة لإنهاء خدمات الموظفين، هذا الأمر لا يمكن تفاديه في الكويت ـ اذا تسربت البقية الباقية من فائض سيولة العامين الماضيين ـ الا بتحرك جاد تتحمل فيه الدولة دور القائد المحفز لتوليد الأعمال على أسس الجدوى وما أكثرها، وبنظرة سريعة الى بقية دول الخليج فإننا نجدها قد أخذت المسار نفسه منذ بضع سنين ولهذا استقطبت شركات كويتية وخليجية كثيرة ضمن مخططات الاعمار الطموح التي اعتمد أكثرها على أموال من داخل تلك الدول بنسبة 30% تقريبا تستخدم للبدء في الأعمال الإنشائية والباقي تتنافس لتقديمه شركات الاستثمار عبر تطوير مشاريع طبية وإسكانية وتجارية ذات جدوى اقتصادية.
لقد نجحت شركات كويتية مثل «نور» في التعاقد مع الحكومة الأردنية لإدارة وتشغيل مطار الملكة علياء واستقطبت تمويل مؤسسات تنموية بتكلفة مناسبة ـ منها البنك الإسلامي للتنمية 100 مليون دولار ـ وتعاونت مع شركة دولية متخصصة في ادارة المطارات، ومثل ذلك فعلت شركة «المدار» أيضا في الأردن بتعاقدها على تنفيذ خط سكة حديد من العاصمة عمان الى منطقة الزرقا، مع حق استثمار مواقع عقارية يتوقف فيها القطار كمحلات..الخ، وقل مثل ذلك على ميناء بورت غالب، حيث حولت مجموعة الخرافي صحراء قفراء الى مجمع سكني وسياحي فخم مع إنشاء مطار وميناء..الخ، هذه القدرات الكبيرة لدى الشركات الكويتية نحن بحاجة إليها، بل وجربناها، ففي الوقت الذي تعاني فيه إحدى الدول الخليجية من موضوع الصرف الصحي (تقوم شاحنات بنقل مياه الصرف الى بحيرة يحدها سد ترابي كبير وتحوي كميات ضخمة من المياه غير المعالجة، بما تحويه من أوساخ وتطلق كميات كبيرة من البعوض بل وتهدد أمن المدينة المجاورة في حال ارتفاع منسوب الأمطار وانهيار السد الترابي) في المقابل نجحت الكويت في تنفيذ مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في الصليبية بكفاءة وصار لدينا فائض مياه يستخدم الآن للري في منطقة العبدلي بدلا من صرفه ملوثا الى مياه الجون، هذا المشروع قامت بتنفيذه مجموعة الخرافي.
كلمة أخيرة:
رفضت مديرة جامعة الكويت السابقة د.فايزة الخرافي نتائج مناقصة لتنفيذ مباني كلية الهندسة، فازت فيها مجموعة الخرافي بالمركز الأول، حاولوا إقناعها بأن الموضوع تم بنظام الأظرف المختومة..الخ، فقالت «مادمت هنا، فـ «الخرافي» لن تتمكن من العمل معكم»، (تم تعميم هذا الأمر كتابيا عن شركات الخرافي، وشركات علي ثنيان الغانم).