فيصل الزامل
قالت د.عزة كريم، رئيس المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في مصر «الزواج العرفي أصبح ظاهرة منتشرة بين طلاب وطالبات الجامعة في مصر، الأرقام تقول أن عدد الحالات يصل الى 400 ألف حالة، وهناك 15000 دعوى مرفوعة لإثبات بنوة مواليد زواج عرفي، معظم الشاكيات يحضرن الى المحاكم مصطحبات أطفالهن على أمل إثبات بنوتهم بعد أن تنكر الطالب ـ الزوج ـ ورفض الاعتراف بالبنوة أو مزق ورقة الزواج العرفي»، وتتابع د.عزة «ومما تسبب في انتشار هذه الممارسة الخطرة هو اقتناع الفتيات بمشروعية الزواج العرفي، خاصة بعد أن أفتى بعض علماء الدين بأن هذا الزواج صحيح بمجرد توافر شاهدين وعرض وقبول».
من جانبها، تقول أستاذة علم النفس في جامعة عين شمس د.داليا مؤمن «بعض الطلبة يكتفي بتشغيل جهاز تسجيل كاسيت لتوثيق ما يسمونه زواجا ثم يمارسان الجنس تحت هذه الذريعة، ويقومان بإنهاء الزواج أيضا بشريط آخر بعد الانتهاء من تلك العلاقة السرية، وعندما يدب بينهما الخلاف تبحث الفتاة عن الشريط واذا به قد مسح، وتكتشف أنها تحتفظ بشريط فارغ، بعد فوات الأوان، واذا لجأت الى الشاهدين تجدهما من أصدقائه وأنهم يتبادلون هذا الدور معا لقضاء أوقات سعيدة على حساب الطالبات وأولئك المواليد»، تتابع د.داليا: «من أبرز الأسباب غياب القدوة الحسنة ووجود فراغ ديني وثقافي وسياسي، ما يؤدي الى محاولة الهروب من الضغوط بأي وسيلة، بالاضافة الى الرغبة في مسايرة الظواهر الأجنبية، ومع الأسف بعض شبابنا يختار أسوأ ما لدى الغرب ويمارس التقليد الأعمى بغير تفكير».
من جانبه، قال رئيس جامعة الأزهر الأسبق د.عبدالفتاح الشيخ «جاءت الفتوى بالاباحة للزواج العرفي، اعتقادا ممن قال بها، بأنها ستدفع فسادا أكبر وتحمي الفتيات من نتائج العلاقة غير المشروعة، وقد ثبت أنه قد تم استغلال تلك الفتوى أسوأ استغلال لإشباع الرغبات بغير الالتزام بالحقوق المترتبة على علاقة الزواج المقدسة ما يستدعي الرجوع عنها من قبل الذين قالوا بها من أجل وضع حد لهذه الصور الشاذة التي تفشت في المجتمع» انتهى.
الجانب الأخلاقي واضح وصارخ ولا يحتاج الى تعليق، لكن عبارة «.. وجود فراغ ديني وثقافي وسياسي» تستوقف الباحث في هذه المسألة، فالضجيج السياسي الزائد يوصل العديد من الشباب الى حالة من انعدام الوزن يستبيح معها الشاب التائه أي شيء في غمرة ضياعه الفكري وخوائه الثقافي، بل وضعف إيمانه بأي قيمة اجتماعية أو دينية، هذا الأمر تعاني منه كثير من المجتمعات العربية وليس مصر وحدها، ما يتطلب تسليط ضوء أكبر على التكلفة الاجتماعية على «تشتيت» تركيز الدولة والتقليل المتعمد لهيبتها، وعدم التفرقة بين القضايا الكلية والجزئية، ففي الكلية لا يجوز التشكيك بمتانة الدولة، وأما الجزئية من ممارسات خاطئة وأوجه فساد وانحراف في مرافق الدولة فقل ما شئت، واختم كلامك دائما بأن هذا لا يعني المساس بالمسائل الكلية، انه تفريق حاسم، يحمي المجتمع من أمراض كثيرة في مختلف مفاصله الاجتماعية والادارية والأمنية.
كلمة أخيرة:
عتب عمر ( رضي الله عنه ) على أحد الولاة، وبلغ الأمر الى زوجة عمر فكلمته فيه قائلة: «يا أمير المؤمنين، فيم وجدت عليه؟»، فقال: «يا عدوة الله، فيم أنت وهذا؟»، لم يسمح لأهل بيته بالتأثير على قرارات الحكم.