يتهيأ المسلمون في مثل هذه الأيام لزيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، والتهيئة تكون على نحوين تهيئة مادية من إعداد لوازم السفر ومتطلبات أداء الفريضة من إحرام وملحقاته وتوفير كافة متطلباته الخاصة من أدوية وأدوات واقية من الشمس وغيرها من المستلزمات التي لا غنى عنها، أما النحو الثاني فهو التهيئة الروحية للقاء ليس بلقاء عادي.
فمن سنلتقي به لا يلتفت إلى نوع الإحرام الذي ألبسه وخامته من أي ماركة اقتنيته فرنسية أم إيطالية ولا ينظر للخياط الذي صنعه هل هو في حولي أم في الفروانية أم في أتيليه راق، ولا يلتفت إلى الحذاء ـ أكرمكم الله ـ الذي انتعله هل اشتريته من دبنهامز أم من سوق المعلم، إنما يلتفت إلى صدق الإيمان وإخلاص النية التي جاهدت نفسك قبل الحج بفترة زمنية وأعلنت توبتك من كل ما يداخل صدرك من الغل والحسد وسائر المعاصي الكبيرة منها والصغيرة.
إن الذي يريد أن يذهب لحج بيت الله عليه أن يعلم أن هذا اللقاء سيكون بينه وبين ربه في قاعة عبارة عن المسجد الحرام فإن أراد أن يكون لقاءه حارا مع الله فعليه أن يعد نفسه لذلك اللقاء قبل إعداده للمستلزمات المادية، وعليه عندما ينزل الميقات ويتجرد من مخيط الثياب ان ينوي أنه خلع ثوب المعصية ولبس ثوب الطاعة أما إن أراد أن يكون حجه قضاء وطر وأداء واجب فعندها يقول له علي بن الحسين عليه السلام «لا حججت ولا طفت ولا سعيت» وهذا ما قاله لحاج رجع من الحج مستأنسا بأداء الحج حين أجرى معه الحوار قائلا: حججت يا شبلي؟ قال: نعم يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنزلت الميقات وتجردت عن مخيط الثياب واغتسلت؟ قال: نعم، قال علي: فحين نزلت الميقات نويت أنك خلعت ثياب المعصية ولبست ثوب الطاعة؟ قال: لا، قال علي: فحين تجردت من مخيط ثيابك نويت أنك تجردت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟ قال: لا، قال علي: فحين اغتسلت نويت أنك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟ قال:لا، قال علي: فما نزلت الميقات ولا تجردت من مخيط الثياب. ثم قال: حين تنظفت وأحرمت وعقدت الحج نويت أنك تنظفت بنور التوبة؟ قال: لا، قال علي: فحين أحرمت نويت أنك حرمت على نفسك كل محرم حرمه الله عز وجل؟ قال: لا.
قال علي: فحين عقدت الحج نويت أنك قد حللت كل عقد لغير الله؟ قال: لا.
قال له علي: ما تنظفت ولا أحرمت ولا عقدت الحج.
إضاءة: غدا الأحد 23 الجاري سيتم توقيع كتابي «أنت مبدع» في جناح رابطة الأدباء ـ معرض الكتاب.
twitter: @fatima_shaaban