ليس كما يقال إن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية على عناصر تنظيم داعش والحركات الدينية المتشددة سواء كانت في العراق أو سورية لا تخدم إلا المصالح الأميركية والدول الأوروبية، بل هي على العكس تحقق أهدافا أساسية وإستراتيجية لخدمة جميع الأطراف بالتساوي، العربية والإقليمية والدولية في الحاضر والمستقبل.
ومن الواضح أن تصاعد ضربات التحالف الدولي ضد عناصر داعش في الأراضي السورية بدأ يدفع باتجاه مفاوضات سياسية غير معلنة في محاولة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011م، فيما يرى المراقبون أن الحل السياسي في سورية بات مستحيلا.
وقد نجحت ضربات التحالف الدولي الجوية في تحديد منطقة العمليات العسكرية لـ«داعش» والحد من تمدد عناصر التنظيم وذلك من خلال الضغط المستمر على أماكن تواجد التنظيم بتوجيه ضربات جوية انتقائية ومكثفة تعمل على منع التنظيم من التقاط أنفاسه.
ومن المؤكد أن ضربات التحالف الدولي زعزعت توازن التنظيم وأفقدته البوصلة في المناطق التي يسيطر عليها أو التي يفكر في التمدد إليها، الأمر الذي أدى إلى افتقار التنظيم إلى عنصر المبادرة عما كان عليه ما قبل تشكل الائتلاف الدولي.
وتبعث ضربات التحالف الدولي الجوية رسالة قوية للقوى الداعمة للنظام القائم في سورية الذي هو أضعف من أن يواجه المجتمع الدولي وأن الضربات التي توجه لتنظيم داعش على الأرض السورية هي تهديد مباشر لقوات الأسد في وقت استفاد النظام السوري إلى درجة كبيرة من ظهور التنظيم الذي أطال من عمر النظام.
ومع استمرار ضربات التحالف الدولي تسعى «داعش» الى تغيير إستراتيجيتها العسكرية بعد أن خسرت بعض عناصرها ومصادرها الحيوية وميزتها القتالية إذ أصبحت «داعش» تلهث من مكان إلى آخر من دون هدف واضح ولم تعد لها القدرة على التقدم أو حتى الاستقرار.
وقد أظهرت الحرب على «داعش» رغبة المجتمع الدولي في القضاء على عناصر الإرهاب وتجفيف منابعه مهما كان الثمن غاليا في وقت أدركت فيه بعض مكونات المجتمع في سورية والعراق مؤخرا كيف زجت «داعش» بهم في نزاعات داخلية وحروب أهلية لا معنى لها وليس لأحد مصلحة فيها.
إن المستهدف في الحرب التي تشنها «داعش» ليس الأنظمة الحاكمة في العالم العربي فحسب بل المجتمع العربي نفسه في سورية والعراق والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول المنطقة.
وقد كان ومازال لموقف الرأي العام العربي المعتدل إلى جانب الموقف الرسمي دور مهم في التصدي للتطرف والإرهاب وقد عزز ذلك وعي المجتمع العربي، الأمر الذي أدى إلى عدم انتشار فكر تنظيم الدولة الإسلامية خارج سورية والعراق إلا في حالات فردية.
وقد ساهمت ضربات التحالف الدولي في تخفيف الضغط السياسي والنفسي والإعلامي عن الأردن والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول سواء كان على الصعيد الداخلي أو الخارجي، الأمر الذي أعاد التوازن والثقة ما بين الموقف الشعبي الايجابي وقدرة الموقف الرسمي في الدول العربية المعتدلة على التصدي الحقيقي لخطر داعش وغيرها من التنظيمات المتشددة.
وفي مواجهة الإرهاب تستضيف الكويت هذا الأسبوع أعمال المؤتمر الدولي لدول التحالف للبحث في الوسائل اللازمة لمواجهة تنظيم «داعش» سياسيا واقتصاديا والتركيز على دور الإعلام في مواجهة التنظيم من خلال نشر التوعية بين فئة الشباب في المجتمع العربي.