جعفر محمد
إن المتتبع للساحة السياسية الكويتية يلاحظ حضور الطرح الجامح الغوغائي من مختلف الطبقات المجتمعية، التي نُصر على عدم وجودها، فالصحافة تعج بكتاب زوايا فاعلين ونائمين ديدنهم استخدام المفردات ذات الطابع الاستفزازي بمختلف توجهاتهم، فالقبلي والأكاديمي والطائفي والوزير السابق، والنائب الأسبق والمتخصص والاقتصادي والتاجر ورجل الشارع العادي، كلهم اجتمعوا على طرح ومناقشة المشكلات بغالب متعصب يتسم بالهجوم والشخصانية أحيانا، بل ذهب بعضهم إلى أكثر من ذلك في تطويع بعض المفردات الغربية وإقحامها بين ثنايا مقالاتهم، ونحن هنا نربأ عن ذكر مثل هذه الأمثلة من الكلمات، أما الغريب المستغرب فإنه يتمثل في ردة فعل العاملين في الحقل السياسي، المتعاطين مع الأحداث على الساحة الكويتية، فهم أيضا انجرفوا كالسيل في استخدام عبارات جارحة، ومصطلحات سقيمة، وصفوا فيها خصومهم أو من اختلف معهم بالرأي بأقبح هذه الصفات، فأي مرض هذا الذي استشرى في القلم لينتقل إلى ألسنة السياسيين، وبات يشكل خطرا نلحظه جميعا في أروقة الوزارات والكليات بين أبناء هذا المجتمع، بل الأدهى أن بعض قياديي وزارتي التربية والإعلام دأبوا في الآونة الأخيرة على الترويج لمثل هذه العبارات والمصطلحات بلسانهم، أو بوسائلهم التي يفترض فيها الرقيّ لا الانحطاط، فبعدا لمن ينصاع وراء هؤلاء السفهاء الذين تشهد كتاباتهم وتصريحاتهم وأدبياتهم ألفاظا غير مؤدبة، وللأسف بعضهم يتصدر عقول القراء أو المتابعين والبعض الآخر يربي أجيالا من خلال عمله كأكاديمي. كما انعكس ذلك الحوار انتقل وبصفة الحكر إلى قبة مجلس الأمة على لسان رجال نستثني منهم البعض القليل، فمضابط المجلس، وإن شطب منها ما شطب، تؤكد أننا بحاجة ماسة لدراسة مثل هذه الظاهرة، ووضع الحلول لها حتى نتمكن، ولو بشيء بسيط، من تجاوز هذا المنعطف الخطير، فأدب الحوار وفن النقاش من صميم أخلاقيات ديننا الحنيف، فهل لنا من عودة ووقفة نؤطر فيها ما نريد ونبدأ من جديد. لأننا كشعب كويتي بمختلف انتماءاته لدينا غرور لا مثيل له، بأننا مثقفون وعلينا العين والكل يحسدنا ونفهم ونتفهم كل الأساسيات في الدنيا، والصحيح أننا أسرى لأوهام وأحلام اليقظة، يؤكدها ويدلل عليها انحدار الحوار والتحاور واستخدام عبارات لا تليق بنا نحن أهل الكويت.
كلمة راس
من روائع الإمام علي ( عليه السلام ): من نصّب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومؤدّبهم.