يسبق أي مشروع ما يسمى بخطة العمل «business plan»، وهذه الخطة هي التنظير الذي بناءً عليه توضع الخطة التنفيذية.
في الحوار، الذي جاء في القرآن في أكثر من سورة، بين رب العالمين جل وعلا وإبليس، أعلن إبليس خطة عمله مع الإنسان التي سيتبعها بعد أن طرده ربه من الجنة، وفيها الخطوط العريضة لسياسة الإغواء.
أما التفاصيل ففي الخطة التنفيذية، فانظر مثلاً عند الأذان: أنت جالس تقرأ وردك من القرآن الكريم وهو أمر فاضل، لكن الصلاة المكتوبة في وقتها أمر أفضل، وفي المصطلح الفقهي يسمى فعلك هذا تقديم الفاضل على المفضول، ودور خطة الشيطان هنا أن يزين لك قراءة القرآن في وقت صلاة الفرض، وأنت تظن أنك على خير أكبر وأنت تفعل، ولكن هذا ليس بصحيح، فالمفضول (الصلاة في وقتها) مقدم على الفاضل (قراءة وردك القرآني)، وعلى ذلك قِس وتخيل كم من المداخل تظنها خيراً فعلتها وتركتَ الأخْيَر؟
لاحظ أن إبليس يخاطب رب العزة بربوبيته، معترفاً بأنه الرب (رب بما أغويتني لأزيننّ لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين)، بينما فرعون قال (فقال أنا ربكم الأعلى) وكأن الخطاب القرآني يبين لنا أن الإنسان إن عصى وتبع غروره وأَمْر نفسه له بالسوء، يتفوق على الشياطين في الكفران والظلم.
تجول في الإعلام وقبله التاريخ وقبلهما تفكر وتدبر قصص القرآن لتعلم أن طغيان الإنسان ينافس كفران الشياطين.
نعم، لإبليس خطة عمل، وإجراءات تنفيذية واضحة، لا يحيد عنها، تبدأ بغوايتك وتنتهي بالتبرؤ منك يوم الحساب: (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم).
فك روحك يا إنسان، حتى الشيطان سيكفر بكفرك وظلمك!
لو ان المسلم يتمسك بخطته ومشروعه مثل إبليس الرجيم، لكانت الأمة اليوم في أوج نهضتها وحضارتها، ولكان إبليس «يلطم» وهو يرى الحشود تخرج من صلاة الفجر متجهة الى أعمالها لخدمة الإسلام، وعمارة الأرض، وتحقيق مهمة الاستخلاف، لا إلى الأسرِّة للنوم والحلم بخلافة راشدة على منهاج النبوة، أماني وأضغاث قوة بسبب الغفلة، عذراً، أعني «الغفوة»!
kholoudalkhames@