إن الأشخاص الذين خلقوا للعزة والكرامة وتحقيق النصر لم ولن يكونوا في غير مواطنهم التي خلقوا وتهيأوا لها بكل عزم وإصرار، ولو توانوا في الإنجاز ينازعهم في خلدهم ويقض مضاجعهم فحين آمن الصحابي الجليل خالد بن الوليد أنه خلق للنصر والتمكين ولى نفسه قيادة الجيش في مبادرة منه للعزة والنصرة والتمكين حتى قال فيه من عزله عن القيادة: «عقمت النساء أن يلدن مثل خالد».
ومع هذا خاطب نفسه مستنكرا عليها الراحة قائلا:
«لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ثم هأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء».
فأصحاب الهمم يأنفون من الراحة والدعة ولو كانوا على فراش الموت، ويستحثون همة الجبناء ويستنهضونهم، فأصحاب الهمم اعتادوا العمل والمبادرة والريادة في دوائر القوة يتنفسون الإنجاز خارج دائرة الراحة.
وحتى في التوجيه الرباني للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم على كل أمور الدنيا، قال تعالى: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل).
ومع أنها دعوة للصبر إلا أنهم أولو العزم لا أولو الصبر.
فالعزم هو الإرادة الصلبة القوية وعقد القلب على إمضاء الأمر مع المثابرة والصبر والمصابرة والجلد والتجلد، فمهما تزاحمت الخطوات وتكررت الكبوات وتفاقمت الهفوات.. فالهمة تخبو وتتعثر لكنها في قلوب ذوي العزم لا تموت ولا تنطفئ.
فالراحة والدعة ومشاغل الحياة هي تلك المشقة التي تحاصر السيادة
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
وتظل السيادة محفوفة بالمشقة لا ينالها المثبطون وذوو الهوى مهما انتهت بهم للموت، كما حدث مع المناضل عمر المختار، صاحب مقولة: «نحن لا نستسلم ..ننتصر أو نموت..»
وهو نفسه القائل الموصي: «كن عزيزا وإياك أن تنحني مهما كان الأمر ضروريا فربما لا تأتيك الفرصة كي ترفع رأسك مرة أخرى».
ولأن الفرص تفوت فيجب أن تقتنص ولأنها غير محددة فيجب أن نعمل لها عملا دائبا..
وهنا تردني تساؤلات أوجهها لأصحاب تلك الهمم ممن آمنوا بعلوهم وعزمهم وأنهم خلقوا للعليا..
ماذا قدمت فيما مضى؟! وهل حققت كل أهدافك؟!
وماذا لديك فيما أتى؟ وما خططك؟
وما هو حال همتك الآن؟ وأين ترعى؟!
ثم للنفس وبهمس خافت..
انفض عن نفسك غبار الوقت.. وانهض
قد رشحوك لأمر لو فطنت له..
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
كلمات حدثت بها نفسي.. وكتبتها لي ولك ولكل من يقرأ
لعلها تبلغ في قلوبكم قبسا من نور.. تستضيء به الأمم
@tfkeeer