بكل بساطة كان مفكرنا الراحل د.احمد البغدادي قامة انسانية وفكرية وعلمية رائعة وعظيمة، لم نحسن تقديرها والاستفادة منها، وما عليكم سوى الرجوع فقط الى مؤلفاته ومقالاته التي ما لبث يغرزها كأوتاد نقدية حادة حتى اللحظة التي داهمه فيها المرض اللعين خلسة وجعلنا نحن قراءه ومحبيه نفتقده كمفكر نادر رحل في أوج عطائه.
وبالرغم من ان د.احمد البغدادي لم يكن محظوظا بالتواجد والعيش وسط مجتمع تنبذ وتكره وتمقت اغلبيته الساحقة الاشخاص المتنورين، فإنه كان محظوظا بأن وميض فكره المميز والنيّر كان اكثر بروزا ووضوحا وسط هذا التكاثر غير المفهوم وغير المنطقي وغير الطبيعي للمتخلفين وللجهلة وللظلامين في هذا المجتمع.
بعد كل مقال جديد انعم بقراءته بعد ان يخطه د.احمد البغدادي وينشره بزاويته اوتاد، كنت اخجل من نفسي بعد ان اكتشف سذاجتي وضحالتي وانا الشخص الذي احاول دوما تطوير فكري وتثقيف نفسي وتهذيبها وملأها بالقيم وبالمبادئ الانسانية الخيّرة والنبيلة، فمقالاته تلفت انظارنا الى ما لا يخطر ببال اغلبنا الساحق خاصة في ظل تواجدنا المؤسف في منطقة اقليمية مليئة بعوامل وادوات السذاجة والتعصب والجهل والتخلّف والتي تحاصرنا من كل صوب واتجاه.
كانت هناك مقولة شهيرة تتداول في جامعة الكويت وهي ان من يرد علما حقيقيا فليأخذ مادة السياسة عن د.احمد البغدادي، اما من يرد فقط الدرجة فليسجل عند غيره، وهذه مقولة تؤكد عظم ضميره واخلاصه في التدريس الجامعي، عمله الذي امضى فيه سنوات طويلة.
فنم يا مفكرنا الراحل قرير العين مرتاح القلب والضمير وقبل ذلك مرتاحا من هؤلاء التعساء والجهلة والمتخلفين الذين لطالما حاولوا بقصد ايذاءك بشتى الطرق فقط لانك بحثت وفكرت بحرية ودعوت الى تقدير الشخص حسب علمه وعمله المفيد للانسانية وليس حسب معتقده او طائفته او عرقه.
[email protected]