مخلد الشمري
كانت الاميركية مارتا في عام 1967 طبيبة شابة لا يتعدى عمرها 25 عاما عندما «تركت» نعيم ورغد ورفاهية الحياة والمعيشة في وطنها الولايات المتحدة الاميركية و«فضلت» التطوع للعمل مجانا في مركز للعلاج اقامته احدى المنظمات الانسانية الاميركية في قرية نائية في اليمن تسمى قرية جَبْلة، لخدمة وعلاج اهاليها واهالي القرى المجاورة لها، بعد ان «نسيت» ما تسمى بالجمعيات الخيرية الاسلامية - التي تجمــــع الامــــوال باســـم فقــــراء ومساكين المسلمين - هذه القرية وما جاورها من قرى كثيرة اهملت آنذاك وترك اهالي تلـــك القــــرى وسكانهـــا فريسة للجـــوع وللجهـــل وللمرض وللأوبئة التـــي فتكــــت بأجسادهــــم واجســاد اطفالهـــم.
وخلال 33 عاما من العمل التطوعي الانساني المستمر في تلك المنطقة وخدمة وعلاج اهاليها احب واحترم الناس الدكتورة الانسانة الطيبة مارتا، وزميلها بنفس العمل التطوعي د.وليام واحبوا واحترموا كذلك كل المتطوعين الاجانب في المركز الطبي، لما اظهروه من حب وعطف وعناية واهتمام ومساعدة لكل من احتاج العلاج والرعاية والمساعدة الاجتماعيـــة والانسانيــة.
حتى جاء اليوم الحزين الاسود في عام 2000 عندما اقتحم المركز الصحي متطرف حقير جاهل ذو قلب اسود يدعى عايد كامل واطلق بداخله النار بدم بارد فقتل د.مارتا ود.وليام والمدير الاداري لمركز العلاج امام المرضى الفقراء الذين كانوا يملأون قاعة الانتظار وغرف العلاج.
المضحك المبكي والمقزز في الوقت نفسه ان هذا الارهابي المتطرف والمجرم الحقير الذي اعدم لاحقا عايد كامل اشاد كثيرا امام القضاء بأخلاق وخصال د.مارتا ود.وليام وزملائهما العاملين بالمركز، بل وتمنى ان يكون كل المسلمين بمثل طيبة واخلاق وخصال د.مارتا وزملائها، الا انه برر - كذبا - قتله للدكتورة مارتا بأنها وزملاءها يدعون ويبشرون بالدين المسيحي، مع انه وخلال 33 عاما من عمل د.مارتا في المركز «لم يعلن» شخص واحد عن انه «غيّر» دينه الى المسيحية او الى أي دين آخر.
ندعو بالرحمة للدكتورة الانسانة الطيبة - مارتا - وزملائها الطيبين والذين اوصوا بدفنهم في ساحة المركز الطبي في قرية جَبْلة التي امضوا زهرة اعمارهم وشبابهم في خدمة وعلاج اهاليها، الا انهم لم يسلموا من متطرفيها!