مخلد الشمري
بكل سطحية وتفاهة وبما يدل على المستوى الهابط والتعس الذي لابد ان تصل اليه عقول المستبدين، اختصر معمر القذافي مأساة دارفور الرهيبة في ان سببها واصلها صراع على جمل، وان المليون ونصف المليون لاجئ ومشرد من سكان دارفور الذين شردتهم وطردتهم من قراهم وقتلت واغتصبت مئات الآلاف منهم عصابات الجنجويد المدعومة ماديا ومعنويا وقلبا وقالبا من نظام الخرطوم، لا يريدون العودة لقراهم ومنازلهم لأنهم لا يريدون ان يفقدوا الطعام الذي توزعه عليهم مجانا منظمات الاغاثة الدولية!
المأساة العظمى هي ان تلك التصريحات اللامسؤولة واللاانسانية نهق ونعق ونطق بها القذافي في لقاء وحوار له قبل ايام عبر الاقمار الاصطناعية مع اساتذة وطلبة جامعة كامبردج البريطانية الراقية والعريقة والتي يبدو ان مسؤوليها نظموا هذا اللقاء مع القذافي ليتعرف طلبتها - بصورة عملية - على طبيعة المستوى الوقح والهابط للتفكير العربي عامة وتفكير القذافي خاصة.
المصيبة انه وبعد كل تلك التصريحات الوقحة واللامسؤولة واللاانسانية بحق اهالي وضحايا دارفور، يريد القذافي ان تأتي كل الفصائل الدارفورية التي تحارب لاستعادة حقوق وحرية شعبها الى المؤتمر المشبوه الذي دعت ليبيا اليه في مدينة سرت الليبية لتتفاوض مع النظام السوداني الذي يقتل ويشرد اهالي وابناء دارفور ويصادر ممتلكاتهم ويحرق منازلهم وقراهم، بل يعتبر القذافي ان من لا يحضر مؤتمره المشبوه يتحمل المسؤولية عن مشكلة دارفور التي اختصر اسبابها في الصراع حول جمل اي «بعير»!
كان الاجدر ان يحل القذافي مآسي العدد الهائل من المواطنين الليبيين المتناثرين في العالم هربا من قمع وظلم نظامه واجهزة مخابراته، بل كان على المجتمع الدولي الا يقبل اعادة تأهيل القذافي ونظامه صاحب السجل الكبير من الاعمال الاجرامية والارهابية، والذي سعى لامتلاك اسلحة دمار شامل واسلحة نووية وبرنامج نووي تنازل عنه وسلم وثائقه للغرب بمجرد رؤيته مرعوبا شبيهه الديكتاتور صدام يسحب من حفرته مقبوضا عليه قذرا وبائسا وحقيرا وذليلا.