مخلد الشمري
كل مقالاتي أكتبها بسعادة ولكن مع ألم كبير، وكل مقالة لها قصة مختلفة وموضوع مختلف، وإن كانت احاسيسي ومشاعري وانفعالاتي هي نفسها، مطبوعة ومنحوتة في كل مقالة، ومغلفة في كل عبارة أجهد طويلا بالتفكير فيها، وموجودة بين كلمات كل جملة أتعب كثيرا بالبحث عنها بين الكلمات لأجدها تتناسب مع ما أعتقنه من مبادئ وآراء وأفكار قبل أن أرتب كل تلك الانفعالات والأفكار والكلمات والجمل والعبارات وأنمقها وأبهرها وأنقحها وأقلبها ثم أخطها على الورق لتصبح المقالة التي تفضلتم أم لم تتفضلوا بقراءتها.
أما الذي ستجدونه غريبا ومثيرا رغم اني لا أجده كذلك، فهو حالة الحزن على فراق المقالة، والتي تنتابني بعد كتابة آخر كلماتها، وتنتاب أيضا قلمي الجاف ابو 50 فلسا غير المستعد او المتهيئ لفراق المقالة، وهي حالة تنتهي بمجرد ارسال المقالة للجريدة بالفاكس لتواجه قدرها امام مسؤول تحرير الصفحة اما بالتهذيب او بالتقصيص او بالتصحيح ومن ثم النشر، وإما بالمنع.
وربما برمي مقالتي - برفق وحنان - في أفضل وأقرب سلة مهملات إن كانت مقالتي العزيزة في كل الأحوال على قلبي - تستحق - فعلا هذا الشرف «الرفيع» بالاستقرار الأبدي في سلة المهملات!
أما أنتم فلا تحسدونا على هذه التعاسة، آسف قصدي الكتابة، وتأكدوا أن أي واحد فيكم بداخله أحاسيس ومشاعر وانفعالات ومبادئ وآراء وأفكار، وما عليكم سوى البحث بجدية وبثقة وبصدق لاكتشافها، وتأكدوا ايضا ان اي شخص منكم يقرأ ويكتب يستطيع الكتابة مثلنا وربما أفضل مئات المرات منا نحن الذين نتميز عنكم فقط بأننا سبقناكم الى هذا المجال وإلى هذا الإدمان الإيجابي والذي يقال انه افضل من إدمان السجائر او اي ادمان مضر آخر، والمشكلة هي فقط في المقدرة على الاستمرار والاستقرار على حب الكتابة حتى الوصول الى هذا الإدمان الإيجابي وبالتالي الانضمام قسرا الى فرقة هواة ومدمني الكتابة، هذه الكتابة التي لن توقفني أو يمنعني احد عن ممارستها سوى فنائي من هذه الحياة التي سأفنى منها يوما ما ولكن ليت ليس قبل 50 عاما من اليوم!
وشخصيا وبصراحة أتمنى اذا خلقت مرة اخرى في هذه الحياة او اي حياة أخرى، ألا أظهر على شكل بشر، وإن ظهرت رغما عني كذلك، فإني أتمنى وقتها ألا أعرف الكتابة ولا القراءة، ولا أفهم بأي شيء يجلب لي الشقاء والحسد رغم انتفاء قيمته!
وأنا حر فيما أتمنى وما أريد أن أكون!