مخلد الشمري
بداية ليس بيدي سوى الاسف العظيم على قراءة وسماع الاخبار المتوالية هذه الايام عن انتحار بعض الشباب الكويتيين في العراق بتفخيخ وتفجير انفسهم - دون معنى - بحجة مقاتلة القوات الاجنبية في العراق، وكأن القوات الاجنبية الصديقة قدمت الى العراق لخلع نظام ملائكي بحاكم اكثر ملائكية رعى شعبه بحب وعطف وحنّ عليه كما تحن اي ام على وليدها، وليس لمساعدة وتحرير شعب العراق للتخلص من ظلم وسطوة حاكم قاتل ومستبد وحقير ومبدد لثروة شعبه على كذابي ومنحطي ومنافقي هذا العالم، وديكتاتور لم يتورع عن الدجل والكذب والتمثيل والمتاجرة الرخيصة الدنيئة المفضوحة بالدين الاسلامي حتى آخر لحظة من حياته، وذلك بحمله المصحف الشريف وتدنيسه بيديه النجستين، وهو الذي لم يعرف شيئا عن الدين طوال حياته.
وليعلم الجميع ان اصدقاء ودعاة السوء من غاسلي وملوثي عقول المراهقين من صغار السن والشباب وحدهم لا غيرهم من يجعلون مراهقا أو شابا يافعا في بداية ومقتبل العمر يوهم عائلته واقاربه واصدقاءه بأنه ذاهب لاداء مناسك العمرة، ونيته وغايته الحقيقية هي الذهاب لبلاد غريبة عنه لتفجير نفسه في عملية انتحارية لا فائدة منها نهائيا، تاركا وراءه عائلة محتاجة له ولعمله ولجهده ولعطفه ولحنانه ولرعايته، مكونة من زوجتين وسبعة اطفال في عمر الورود والزهور اكبرهم في سن التاسعة واصغرهم رضيع لم يتعد من العمر شهرا، ووالدين واشقاء وشقيقات واقارب واصدقاء ومحبين يتألمون ويعانون ويحزنون ويتأثرون لفراقه.
وبغض النظر عن اختلاف وجهات النظر في اعتبار من يفجرون انفسهم في العراق وغير العراق شهداء او منتحرين، ستبقى عائلاتهم وحدها فقط من يتحمل تبعات افعالهم والاحزان والآلام لموتهم، اما هؤلاء الذين يصطادون المراهقين والشباب ويغسلون ادمغتهم ويلوثونها ويملأونها بالافكار الشاذة والخطيرة والمرعبة وبالوعود الكاذبة ليقوموا دون وعي بتنفيذ العمليات الشاذة الانتحارية وسط الابرياء والمسالمين، فلن يتأثروا للحظة واحدة بمقتلهم وبموتهم او بمعاناة اهاليهم، بل وسيستمرون في ممارسة اصطياد مراهقين وشباب آخرين لنستمر نحن في قراءة وسماع الاخبار المتوالية المؤسفة عن تفجير المراهقين والشباب الكويتي لأنفسهم في البلاد الغريبة، في ظل اهمال وتراخ وربما غض النظر عن خطورة افعال الدعاة الثعالب الخطرين الذين وللاسف يظهر كثير منهم هذه الأيام في ثياب الواعظين هنا في الكويت لاصطياد وتجنيد المراهقين والشباب، بل هبَّ كثير منهم هذه الايام على الكويت من خارجها بحجج واهية مثل الدعوة للدين او المشاركة في الانشطة والملتقيات، او للتأكد من «ركاز» وثبات العقيدة في انفس وصدور افراد مجتمع كويتي، ثابتة وراكزة عقيدتهم الاسلامية في انفسهم قبل قرون من معرفتنا ومشاهدتنا لثعالب الدعوة الدينية الذين يهبون على الكويت وكأنها غواتيمالا او كوستاريكا وليست بلدا اسلاميا وسطيا ومعتدلا منذ نشأته.