مخلد الشمري
ها أنا أعود للكــــتابة بعد توقف مؤلم «اخــــتياري» وليس «قسريا» لاكثر من شــــهر عن الكــــتابة وهو توقف لاستعادة الانــــفاس والــــقدرة علـــى الكـــتابة التـــي هي مرض قبل ان تـــكون موهـــبة، ولكنه مـــرض غير معد، ومــرض لا يفيد او يقلق او يخيف او يشهر سوى صاحبه، وبالتالي لا يمــــكن ان يصبح شخص ما كاتبا حقيقـــيا، دون ان تظهر عليه اعراض هذا المـــرض الايجــــابي المـــسمى الكتابة بل وفوق ذلك عليه التمني الا تزول او تنتهي او تختفي منه هذه الاعراض.
في اول نوفمبر القادم اكون قد اكملت 5 سنوات من الكتابة شبه اليومية على صفحات محبوبتي «الأنباء» التي لا اتخيل اني سأكتب بغيرها في أي يوم من الايام، ولن اكون منافقا او حتى مبالغا على الاقل ان قلت بأن المصير المحتوم الوحيد لقلمي هو التوقف النهائي عن الكتابة ان شاءت الظروف – لا سمح الله – الا استطيع ان انشر على صفــــحاتها لاي ســــبب من الاســــباب او لاي ظرف من الظروف، فالوفاء والعاطفة والانتماء والاخلاص هي لديّ اهم من اي فرص أو عروض او اسباب اخرى، فما بالك بالجريدة التي قدرتني واحاطتني بالحنان والتقدير اكثر مما استحق.
اني اكتب لاعيش ولاستمر بالعيش في هذه الحياة، ولولا امتلاكي الحد الادنى من القدرة على التحكم بالذات لاصبحت الآن شخصا آخر لا يختلف عن هؤلاء الاشخاص الذين يسيرون بالشوارع ويكلمون انفسهم ويضحكون وحدهم ويمارسون افعالا لاارادية تجعل كل انسان يصادفهم في الطريق يأسى ويعطف على احوالهم.
هأنا اعود للكتابة وليتني ما عدت، ولكني عدت هما وكربا ولاحرق صدور وقلوب هؤلاء الذين يحسدونني على مرضي الذي لا اريد الشفاء منه والمسمى «الكتابة»، الكتابة «الحقيقية» وليست كتلك الكتابة السخيفة التي يمارسها وللاسف الكثيرون الكثيرون في الكويت هذه الايام.