مخلد الشمري
تصادف هذه الأيام ذكرى الاحتفالات بميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم ( عليه السلام ) وسيخرج علينا كالعادة غلاة المتطرفين وتلاميذهم بدعواتهم الموسمية التي لا معنى لها والتي يحرمون فيها تهنئة اخواننا المسيحيين بأعيادهم وهي تهنئة لا تكلف مالا ولا سلطانا ولا مشقة، بل هي تهنئة لا تتعدى كلمتين هما «ميلاد مجيد» بالعربية وmerry christmas بالإنجليزية ولن تزيد على 5 كلمات إن أضفنا اليها عبارة التهنئة بالسنة الجديدة «happy new year».
وليتحفنا هؤلاء المتطرفون البعيدون عن التسامح كبعد منطقة الوفرة عن منطقة العبدلي بصمتهم فلن ينفعهم «التحجج» الدائم بآيات وبأحاديث لم يستوعبوا ولم يفهموا تفسيراتها ومعانيها الحقيقية بالشكل الصحيح، ويستخدموها فقط لاضفاء شرعية وهمية لعدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم، ولإضفاء صدقية لن تنفع على نعوتهم العنصرية التي ينعتون بها غير المسلمين كالكفار والملحدين والمشركين مع انهم بشر لا يختلفون عن المسلمين سوى انهم ولدوا لعائلات ولشعوب تعتنق أديانا ومعتقدات أخرى.
من ناحية اخرى يعلم الجميع ان هناك الكثير من المسلمين يجاورون جنبا الى جنب ولسنوات أو لعقود طويلة وفي نفس أماكن السكن أو العمل جيرانا وزملاء لهم من غير المسلمين، فكيف يكون من الذوق ومن الأخلاق والعقلانية ألا يتبادل المسلمون التهاني مع زملائهم غير المسلمين بالمناسبات الدينية وغير الدينية وهم يصبحون ويمسون بوجوههم طوال كل تلك السنين، خاصة ان غير المسلمين هم من يبادرون في أغلب الأحوال بتهنئة المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم.
لقد حوى القرآن الكريم على سورة كاملة لقصة ميلاد المسيح ( عليه السلام ) ووالدته السيدة مريم العذراء عليها السلام، فكيف وبسهولة تطالبنا حفنة من المتطرفين وعديمي المشاعر وفاقدي التسامح ألا نهنئ بميلاد المسيح بل ويحرمون علينا ذلك بكل بساطة مع ان رأسمال تلك التهنئة هي 5 كلمات في أقصى الأحوال ولكنها 5 كلمات لا يستطيع ان ينطقها سوى من تحمل نفسه صفة هي من أفضل وأرق وأجمل الصفات وهي «التسامح» والتي على كل من لا يتحلى بها أن يسكت أو يصمت على الأقل في هذه الأيام، فلن يلتفت اليهم أحد.