مخلد الشمري
كنّا من المحظوظين جدا بأن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بمثل هذا العمل العظيم والذي يندر مثيله بتحرير وطننا وإنقاذ شعبنا ووجودنا وثروتنا من نظام أعتبر يومها من أقذر وأوحش الأنظمة في العالم، وذلك دون أن يكون يومها لوطننا معها مصالح استراتيجية بالمعنى الصحيح والدقيق لكلمة استراتيجية، لهذا كنّا فعلا من المحظوظين.
واليوم من يضمن في ظل هذا التغير الفجائي الذي يحدث كل فترة في هذا العالم، وبنظرة الولايات المتحدة للأمور، أن تقوم الولايات المتحدة بنفس العمل، مجددا وبنفس الوتيرة والجهد الديبلوماسي والعسكري إن لم نربط مصالحنا وعلاقاتنا معها اليوم ربطا استراتيجيا مباشرا قويا ومتداخلا ومتعددا ومتنوعا بصورة واضحة تجعل كل من يبيت النية بالضرر بمصالح وبمقدرات وطننا يفكر مليار مرة قبل مجرد التفكير في مثل هذا الشيء.
من جانب آخر ليست بالضرورة أن يكون الربح الاقتصادي هو مصلحة الوطن الأولى في كل المرات، فالأمان والاستقرار والوجود من أكثر الأمور ربحا، وبعده تأتي كل الأرباح، ودون الأمان سيكون الوطن عرضة دائمة للابتزاز، هذا إن لم تحدث أشياء تتعدى الابتزاز، بصورة لن يكون وقتها هناك أي قيمة أو نفع أو فائدة بأي حال من الاحوال لكل تلك النقاشات السقيمة والعقيمة والأليمة ولكل هذا الجدل البيزنطي ولكل الاشياء التي اصبحت قدرا وحاجزا لوقف ولتعطيل كل تلك المشاريع الكبرى في الوطن، لا بل اصبحت تئد وتفسد وتعرقل ربط مصالح وطننا الاكثر من ضرورية مع مصالح البلد الذي ارسل نصف مليون من جنوده ووضع كل مقدارته دون بخل ودون حدود لتحرير الكويت دون ان يكون يومها له اي مصالح استراتيجية «عليها القيمة» مع الكويت.
لهذا لتفهم ولتعلم كل الاطراف التي تشارك في هذا الجدل العقيم ان العمل لشراكة استراتيجية «عليها القيمة» وأن التخطيط لإقامة ولتنفيذ ولوجود مشاريع استراتيجية مهمة وكبرى تشبك المصالح على كل الأطر والأصعدة مع البلد العظيم والأقوى في هذا العالم هي فقط من ستكون شبكة الأمان التي ستؤمن ليس فقط امن واستقرار الكويت بل ستؤمن وجود الكويت، ولكن هل تعي وتفهم أطراف هذا الجدل البيزنطي معنى الوجود.
ليفهموا أولا معنى الوجود وقيمة الوجود وليستوعبوا قبلها بأنه لا فائدة لأي شيء في هذه الدنيا إن لم يكن هناك وطن موجود، بعدها ليذهبوا لإكمال جدلهم، هذا ان تجادلوا بعدها أصلا لو فهموا واستوعبوا معنى وقيمة الوجود.