مخلد الشمري
كم يتعب الكاتب الذي يليق به وصف كاتب تعبا كبيرا أثناء كتابته لأي مقالة وبالذات إذا كان كاتبا لا يتملق ولا ينجرف إلى مستوى هابط ولا يسرق جهود وأفكار وتعب الآخرين ولا يستخدم الكتابة للوصول إلى الخبيث وغير الشريف من الأهداف.
وكم هم محظوظون هؤلاء القراء الذين يستمتعون بقراءة مقالات كتاب يعانون الأمرين في سبيل إيجاد فكرة المقالة والبناء عليها بالمعلومات وبالثقافة الشخصية وبالأسلوب الكتابي الشخصي ومن ثم ترتيبها وتنسيقها وكتابتها وإرسالها للجريدة لتعرض المقالة للحكم أمام مقصلة التحرير، فإما أن تذهب هدرا ويصاب من تعب بعضها بالقهر والكمد المؤقت، وإما ان تفلت بأقل الأضرار وتأخذ طريقها للنشر ووصولها على طبق ذهبي ليلتهمها القارئ.
وكم أتعجب عندما أراقب هذا البعض من أشباه الكتاب ـ إن استحقوا حتى هذا الوصف ـ وهم يتبادلون دون رادع ودون أدنى إحساس ودون خجل المهاترات والتلاسن والتلاشط الكتابي فيما بينهم في كتاباتهم، وكأن هذه الممارسات المشينة لها وجود أو حتى حيز صغير أصلا في عالم الكتابة الحقيقية.
وكم أستغرب أن يقوم نفس أشباه الكتاب هؤلاء دون حق وحياء بإعطاء أنفسهم حقا بتصنيف الكتاب حسب أهوائهم رغم أن الآخرين يفوقونهم كثيرا قدرة على الكتابة واحتراما للنفس، فقط لأن الكتاب الآخرين لا يشاركونهم مهاتراتهم الكتابية ويخالفونهم توجههم الفوضوي ولا يمارسون نفس سلوكهم المشبوه والمشين في عدم الخجل والحياء والاستحياء.
إن المشكلة ليست في الكتابة فليس لأحد الحق نهائيا في منع أحد من الكتابة، وإن المعضلة ليست في استخدام الكتابة لتحقيق أهداف ايجابية مستحقة حتى ان كان ضمن تلك الأهداف أهداف إيجابية «شخصية» نبيلة.
إن المشكلة والمعضلة والطامة الكبرى والوسطى والصغرى هي في قيام مدعي الكتابة من عديمي المبدأ والذمة والضمير الكتابي باستغلال الكتابة أخس استغلال واستخدامها كجسر مشبوه لأهدافهم الشخصية الخبيثة والخسيسة، ظاهرة كانت أو خفية، بصورة أساءت كثيرا للكتابة وللكتاب بالكويت حيث اهتزت ثقة القراء بهم، وتلطخت البقية الباقية من الفكرة الذكية التي مازال يحملها القراء المخضرمون عن الكتاب.
وكل ذلك بسبب قلة مستغلة وعفنة ابتليت بها ساحة الصحافة والكتابة بعد أن جعلهم المردود المالي الكبير الفجائي الذي لا يحلمون به، وجعلتهم الشهرة الفجائية الكاذبة التي «تخب» عليهم، يفقدون توازنهم ويصابون بشلل في ممارسة السلوك القويم، هذا غير التكبر والغرور الذي يفيض منهم والذي لن تكون نتائجه سوى غرق في بحر التبعية، واختفاء أبدي لن يتأخر من ساحة كتابة لا مكان فيها للمنافقين والدجالين مهما طال وجود بعضهم بها.
[email protected]