كثيرون من الذين يتباكون هذه الأيام على الديموقراطية وعلى «الدستور» هم أقل و«أبعد» الناس عن التقيد بالسلوك الديموقراطي واحترام بنود الدستور، وإلا كيف يتماشى الإيمان بالديموقراطية والفخر بدستورها مع «الواسطة» التي لا يمر يوم واحد دون أن يستخدموها، ومع عدم احترامهم للرأي الآخر، ومع تعصبهم ـ الأعمى ـ لقبائلهم أو لعائلاتهم أو لطوائفهم، ودعوا عنكم بعيدا أيها القراء كل ما يكتبه هؤلاء عن بعدهم بالكلام فقط عن تلك الأشياء التي لا تتماشى مع الديموقراطية ودستورها.
«يخترق» أغلب الناس في الكويت أهم مبدأ تقوم عليه الديموقراطية ألا وهو مبدأ العدالة الاجتماعية ويطعنونه ويغتالونه يوميا بسكاكين وخناجر الواسطة البغيضة وبالمحسوبية، ومع ذلك لا مانع لدى هؤلاء الطاعنين وعلى رأسهم كثير من أعضاء مجلس الأمة من استخدام دستور الديموقراطية كحائط مبكى وذريعة لهم بمجرد أن يظهر مواطن كويتي عقلاني ومجرب، مطالبا بتعديل بعض مواد الدستور، حتى لا يتمادى المتاجرون بالديموقراطية وبدستورها في سلوكهم الخطر والمشين المستمر باستخدام هذه المواد الدستورية لتخريب الديموقراطية ولعدم احترام ما يقرره وينظمه الدستور للمجتمع.
بكل اختصار إن مشكلة الديموقراطية في مجتمع الكويت ومن يشابهه من المجتمعات التي لديها نفس التركيبة الاجتماعية الحالية لمجتمع الكويت، هي انه مجتمع غير مهيأ اليوم سلوكيا «وجينيا» للديموقراطية، فنحن ومن يشابهوننا من الفوضويين نستخدم الديموقراطية ودستورها في ترسيخ الفوضى والانقسام والظلم الاجتماعي، وليس لتطوير المجتمع أو انصهاره أو على الأقل لإيجاد السبل والطرق التي تؤمن استقرار المجتمع واستمراره.
[email protected]