كثير من الحكومات احتفلت قبل أيام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، كما احتفلت به هيئات حقوق الإنسان، كل ذلك ليثبت المحتفلون اهتمامهم بهذا اليوم، وحرصهم على تأكيد قيامهم بهذه الحقوق على أحسن حال.
ولكن، هل المهم ان تقوم كل تلك الجهات بمثل ذلك الاحتفال ولمدة يوم واحد في السنة أم الأهم لكل المواطنين أن يروا عملا جادا يجعل هذه الحقوق واقعا حيا في كل شؤون حياتهم؟!
في اعتقادي ان وجود قناعة حقيقية عند كلا الطرفين (الحكومة والهيئات الحقوقية) بأهمية هذه الحقوق لدى كل مواطن وأهمية تنفيذها هو الذي سيجعل المواطن يراها واقعا حيا في حياته، ودون تلك القناعة سيكون الكلام ـ مجرد الكلام ـ هو سيد الموقف في غالب الأحوال.
الهيئات التي تمثل الشعب خاصة إذا كانت منتخبة بشكل صحيح تشكل أقوى دعامة لتحقيق مطالب الناس واستحقاقاتهم المشروعة لأن الشعب انما اختارهم لتحقيق مصالحه، فإذا لم يقم هؤلاء بواجباتهم فكأنهم خانوا الأمانة التي نيطت بهم، ولكن: كيف يمكن لهؤلاء أن يقوموا بهذا الواجب، وهل الظروف المحلية تساعدهم ـ دائما ـ على تحقيق غاياتهم؟!
كنت ـ ومازلت ـ اعتقد ان مجلس الأمة الكويتي يعد أهم مجلس برلماني في عالمنا العربي، فلا أحد يشكك في نزاهة الانتخابات، وإذا حصل ذلك ـ وهو نادرا ما يحصل ـ فإن الجهات القضائية في الكويت تبادر الى حل النزاعات بصورة مرضية، كما ان هذا المجلس يحرص على تحقيق مصالح الشعب الكويتي ما أمكنه الى ذلك سبيلا.
ولكن ـ ومن وجهة نظر محايدة ـ فإن ما يحصل من نزاعات قوية بين وقت وآخر بين المجلس والحكومة قد لا يخدم المواطن في نهاية المطاف!
ومثل غيري ممن يهتمون بالقضايا السياسية والاجتماعية في عالمنا العربي عامة، وفي خليجنا خاصة، فقد تابعت ما جرى بين مجموعة من أعضاء مجلس الأمة والقوات الخاصة، وما دار بعد ذلك الحادث المؤسف من اتهامات متبادلة بين هؤلاء الأعضاء ووزارة الداخلية وبعض الشخصيات الأخرى، ثم الحديث عن مشروع مساءلة رئيس الوزراء.
في ظني ان كثرة الاختلافات بين المجلس والحكومة لا تخدم المواطن في نهاية المطاف ـ لاحظ انني قلت كثرة ـ لأن من طبيعة الأشياء ان تكون هناك اختلافات وإلا لما احتاج الناس الى اي مجلس برلماني مهما كان مسماه، ولكن من مصلحة الناس ان تقل هذه الاختلافات وان يتم احتواؤها ـ إن حصلت ـ بسرعة لكي تمضي القافلة بسلام، ولأنني أحب الكويت وأهلها فإن من حقهم عليّ ان اقول: إن الصور التي تناقلتها مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام أساءت للكويت كثيرا وأملي ألا اراها مرة اخرى.
اخواننا في البحرين لديهم أكثر من سلطة تشريعية يفترض ان تكون متكاملة، ولديهم ايضا اكثر من هيئة تعنى بحقوق الإنسان، وبعضها يتم تعيين اعضائها بأوامر ملكية!، ومع هذا كله فإن الذي يقرأ الصحف البحرينية يلمس مدى الهوة التي تفصل كل تلك الهيئات عن المواطنين وحقوقهم.
أعرف ان هناك مبالغات ـ أحيانا ـ من بعض الجهات الحقوقية الأهلية، فهذه الجهات تحب تحقيق كل شيء للمواطن، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد تكون هناك معوقات بسبب ـ أحيانا ـ ودون سبب أحيانا أخرى! وقد يكون من اللافت للنظر ان المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين ـ وهي رسمية ـ تعتزم إصدار تشريعات لحقوق الإنسان تلائم المتطلبات الدولية التي صادقت عليها البحرين، ولست أدري هل يعني هذا ان البحرين بكل مؤسساتها ليست فيها هيئات حقوقية تتلاءم أنظمتها مع المعايير الدولية؟! ثم ما الدور الذي يجب ان تقوم به الهيئات التشريعية التي جاءت بانتخابات شعبية أو التي تم تعيينها من الدولة؟!
إن مصلحة كل مواطن ان يرى حقوقه كاملة متمثلة في واقع حياته، كما ان من مصلحة كل حكومة إذا أرادت البقاء ان تحقق هذه الحقوق لكل مواطن.
[email protected]