قبل بضعة أيام احتفلت قطر بعيدها الوطني، وقبلها البحرين احتفلت بعيدين، العيد الوطني يوم 16 ديسمبر وبعده بيوم عيد جلوس الملك، وبعيدا عن الأعياد والفرح أقام الشيعة في منطقة الخليج ـ طبعا وغيرها ـ أيام حزن وعزاء بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين ـ رضي الله عنه ـ ولأن هذه مناسبات تهم كل المواطنين في منطقتنا ـ على اختلاف طبيعتها ـ ألا يحق لنا أن نتساءل كيف يمكننا أن نجعل هذه المناسبات وسيلة حقيقية للتقارب بين كل طوائف المجتمع، وبين هذه الطوائف وحكامها؟ أليس هذا سؤالا مشروعا في ظل ما نراه مما لا نحسن ذكره؟ أليست وحدة المجتمع وأمنه من أهم القضايا التي يجب أن يسعى لها كل مواطن وكل حاكم؟ ولكن كيف السبيل؟
لا أدعي أنني سآتي بما لم تستطعه الأوائل ولكني مقتنع بأهمية استغلال كل مناسبة لتحقيق التقارب الوطني لأنه الأهم لحماية الوطن من مختلف أنواع الاعتداءات.
الأعياد الوطنية فرصة لتذكير كل مواطن بما كانت عليه بلده قبل عشرات السنين، وكيف تحقق لها كل هذا التقدم الذي يراه واقعا أمامه.
نتذكر عطاء الآباء والأجداد ونتذكر ـ أيضاـ مسؤوليتنا عن مواصلة هذا العمل، فبلادنا لها حق على كل فرد فينا، يبذل من أجلها كل ما يستطيع.
الاحتفال باليوم الوطني ليس مجرد إظهار شعائر الفرح في ذلك اليوم ثم ينتهي كل شيء، إن الانتماء للوطن يعني ان يتفاعل الإنسان مع كل قضايا وطنه، ابتداء من رفع الأذى عن الطريق إلى الاستشهاد في سبيل الدفاع عنه.
هناك قضايا فساد تنخر في جسد الوطن، يفعلها هذا الصغير وذاك الكبير، ومن حق الوطن أن نحميه من كل قضايا الفساد.
هناك هجمات تغريبية تستهدف ثقافتنا وحضارتنا وعاداتنا الجيدة، ومن واجب كل مواطن يحب وطنه أن يدافع عنه، ويحميه من الانهيار والضياع.
الحفاظ على الهوية المحلية المتفقة مع إسلامنا واجب ديني ووطني ومن حق الوطن أن نحافظ على هويته.
اللغة العربية تلاقي هجوما عنيفا في كل دول الخليج، وكثير من ابنائنا لا يكادون يتحدثون بلغتهم بطلاقة، وهذا يجعلهم يرتبطون عاطفيا بثقافة البلاد التي يجيدون لغتها.. أليس من واجبنا ونحن نحتفل بهذه الأعياد أن نحافظ على لغتنا، لغة القرآن والحضارة؟
وفي هذه الأيام يقيم اخواننا الشيعة مراسم العزاء بمقتل الإمام الحسين ـ رضي الله عنه ـ وبهذه المناسبة تقام المحاضرات والندوات والدروس، وتختلف موضوعاتها ما بين بلد وآخر، بل وما بين محاضر وآخر، وتستقطب هذه الأنشطة معظم أبناء الشيعة كما يتابعها عدد غير قليل من أبناء السنة.. وهنا أسأل: أليس من حق الوطن علينا أن نستفيد من هذه الأنشطة في سبيل وحدة الوطن وأمنه؟ ألا يمكننا تقليص المسافات بين أتباع المذهبين؟ أما أنا فلدي قناعة تامة بأن هذا ممكن، وأن هذه المناسبة فرصة كبيرة يجب استغلالها.
الشعارات التي توحي بمعاداة السنة يجب أن تختفي، وكذلك ما يقوله البعض في محاضراتهم، فأهل السنة لا علاقة لهم بمقتل الإمام الحسين، وعلماؤهم يؤكدون أنه قتل ظلما، وأهل السنة يحبون أهل البيت ويترضون عنهم في كل صلاة يصلونها.
العداوة المصطنعة التي فعلها بعض القدامى ويفعلها بعض الموجودين يجب أن تزول، وفي ذكرى الإمام الحسين يجب أن نصنع الوحدة والتقارب والتفاهم.. ولو كان حيا لوجد ان من أهم الأعمال قربة إلى الله أن يبدأ بذلك.
حب الله، وحب الوطن من أهم الدوافع للعمل على تقوية الأمة المسلمة ووحدتها.. هناك قضية لابد من الإشارة إليها ونحن نتحدث عن الانتماء للوطن بمناسبة الأيام الوطنية، والذي ذكرني بها تصريح منسوب لملك البحرين «الوطن القطرية 9 محرم 1432»، حيث طالب المجنسين بالالتزام بالانتماء والروح الوطنية، ولست أدري كيف سيشعر هؤلاء بذلك الانتماء وهم إنما أخذوا هذه الجنسية لمصالح وقتية فإذا زالت المصالح ربما يعودون لبلادهم. الانتماء شعور داخلي يتنفسه الانسان في الهواء، ومن المستحيل المطالبة به إذا لم يكن هناك ما يدفع إليه ذاتيا.
وفي الكويت مجموعة كبيرة ممن يعيشون في الكويت أبا عن جد وهم لا يحملون الجنسية الكويتية، ولا يستطيعون العيش مثل غيرهم.
كثيرة هي الدعوات التي قيلت من أجل إنصافهم، ومن حقهم ذلك، وإذا أرادت الكويت أن يكونوا جزءا فاعلا فيها فعليها أن تفعل شيئا من أجلهم.
الأيام الوطنية، وكل المناسبات فرصة ليعيد كلٌّ منا حساباته من أجل وطنه، فكل يوم يضيع نفقد فيه الكثير، حكومات وشعوبا.
[email protected]