أثبتت ثورات الربيع العربي ان الزمن قل ان يجود بمثل بعض الحكام الذين افرزتهم هذه الثورات، صحيح ان المواطن العربي كان يعرف اشياء كثيرة عن حكامه، ولكن المؤكد انه لم يكن يعرفهم على حقيقتهم كما هي فعلا!
الحكام الذين سقطوا، ومثلهم الآيلون للسقوط كانوا يحبون شعوبهم مثل حب قيس لليلى، بل اكثر من ذلك الحب في كثير من الاحيان، وكنت كلما سمعتهم يتحدثون عن شعوبهم اخشى عليهم من عيون الحساد من الغربيين والاميركان وأمثالهم ممن لم يجد عليهم الزمن بمثل حكامنا!
السيد علي عبدالله صالح ـ آخر المخاليع ـ طالما تغنى بحب شعبه له، وطالما اكد انه جاء برغبة من هذا الشعب، وعندما حانت ساعة الجد ورأى كيف خلعه شعبه، وكيف ينظر اليه هذا الشعب تمسك ـ بكل اسنانه ـ بالحصانة التامة التي تضمن له السلامة من ملاحقة شعبه له بجرائمه التي ارتكبها بحقهم!
أقول: لو كان مقتنعا بحب شعبه له، هل كان سيعمل كل شيء في سبيل الحصول على تلك الحصانة؟! ثم الا يعلم صالح ان هذه الحصانة مرفوضة عقلا وشرعا وقانونا وأن شعبه سيلاحقه حتى نهاية المطاف؟ لقد قتل منهم الكثير لكي يبقى جاثما فوق صدورهم، لكنه فشل في ذلك!
ملك ملوك افريقيا وصاحب الالقاب الكثيرة طالما صرخ بأعلى صوته ان معه الملايين، وأن الثوار مجموعة من الجرذان ـ الحقيقة انهم جميعا ينظرون لشعوبهم مثله ـ وعندما وقع في ايدي من وصفهم بـ «الجرذان» لم يطيقوا تحمله وفعلوا ما فعلوا، وهذا يؤكد صدقه.
ابن علي وحسني كانا يرددان نفس المقولات، يحبون شعوبهم بـ «عنف» ولكن قتلهم لمئات من شعوبهم لا يتنافى مع تلك المحبة وسرقة مال الشعب لمصالحهم ومصالح اقاربهم هي ايضا لمصلحة الشعب، ولهذا جاءت ردة الفعل الشعبية متناسبة مع ما كان يفعله اولئك بشعوبهم.
ويبقى الآيل للسقوط «بشار» الذي يحب شعبه بعد حبه لله مباشرة، الحقيقة لست متأكدا من حبه لله، فهذا لجأ الى تفجير شعبه اكثر من مرة، ربما رغبة منه في ارسالهم للآخرة في اسرع وقت ممكن، تفجير الباص في ادلب الذي كان ينقل مجموعة من المساجين كان آخر ابداعاته، وربما يتفتق ذهنه ـ الشريف ـ عن ابداعات اخرى، فشعبه يستحق منه ذلك!
السيد «بشار» قتل اكثر من ستة آلاف، وكان يتفنن مع رجاله في وسائل القتل والتعذيب، ومع كل ذلك مازال يحب شعبه، ولعلنا نرى ـ قريبا ـ كيف سيعبر شعبه عن حبه للرئيس الطيب!
ان ثورات العرب كشفت عن حكام تمرسوا في الكذب والاجرام، حكام اقتاتوا على حياة شعوبهم، ثم اقتاتوا على جثثهم ـ لكي يبقوا ـ ثم عرفوا وعرف العالم كله كم كانوا اغبياء حينما لم يخططوا لساعاتهم الاخيرة.
[email protected]