الأمن الاجتماعي ركيزة أساسية لأي تنمية حقيقية في أي مجتمع، وفي المقابل فإن البطالة تتسبب في تقويض الخطط التنموية، وتهدد استقرار المجتمع، بما تخلقه من مشكلات متعددة لسنا بصدد تناولها في هذا المقال.
وكدولة مؤسسات أنشأت الكويت ديوان الخدمة المدنية لخدمة المدنيين والموظفين عبر توفير الفرص الوظيفية التي تناسب إمكانات وتخصص كل منهم، وفي الوقت ذاته تراعي احتياجات جهات العمل المختلفة، وبالطبع كان من المهام الرئيسية للديوان وضع اللوائح والقوانين التي تحفظ حقوق الموظفين، وتمكنهم من الارتقاء الوظيفي بحسب خبراتهم ومهاراتهم، وهو أمر جيد سار عليه الديوان لسنوات طويلة، فكسب ثقة المواطنين من مختلف شرائح المجتمع.
وعلى مدى السنوات الماضية كان الديوان يطور من أدواته ولوائحه بما يخدم جمهور المتعاملين معه ويحقق العدالة بينهم، وليس الانتقام منهم، لكنه في الفترة الأخيرة يعيش حالة من التخبط، تتسع وتتشعب حتى أفقدته دوره الرئيسي في تحقيق الأمن الاجتماعي.
وهذا التخبط يتضح في كثير من الأمور، بداية بقرار تقييم الموظفين، الذي أعتقد أن هدفه الرئيسي كان تقنين وتقليل الأعمال الممتازة، ثم عاد الديوان ليتراجع عنه بعد تأخر نتائج التقييم بسبب تعثر النظام الجديد وفشل تطبيقه.
وعاد الديوان ليثير حالة من اللغط بربط البصمة في كل الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهو القرار الذي أدى إلى تعطل موقع الديوان لأكثر من 4 شهور، ما أدخل كثيرا من الموظفين في حالة من الفوضى في ظل عدم تمكنهم من معرفة مرضياتهم وإجازاتهم أو حتى الحصول على تفصيل رواتبهم، ومع هذه الحالة الضبابية، ترددت إشاعة بأن «مصمم البرنامج الجديد لم يكمله، وهرب بعد أن استولى على مبلغ كبير يقدر بمئات الآلاف من الدنانير».
آخر القرارات التي تدعو للاستغراب والدهشة، أن يتم ربط جهاز حساس في الداخلية يختص بحركة دخول وخروج جميع المسافرين بيد موظف عادي تحت ذريعة «منع المرضيات الوهمية!»، ألا نتخوف من أن يمس هذا الإجراء أمن الدولة بأكملها؟!
أصبحنا كل فترة قصيرة على موعد متجدد مع قرارات متخبطة تصدر عن الديوان دون دراسة متأنية ومتكاملة لظروف كل مؤسسة وطبيعة كل مهنة، ما يفتح مجالا واسعا لظلم الكثير من فئات الموظفين!
هذه الصورة الضبابية تجعلنا نتساءل: ألا يعلم الديوان أن هناك بطالة مقنعة في كل وزارات ومؤسسات الدولة؟!
أليست لديه إحصائيات دقيقة بعدد طوابير انتظار التوظيف؟! ألم يكن الأجدى والأنفع أن يبذل مسؤولوه جهودا لحل هذه المشاكل ووضع الأسس التي تضمن عدم تكرارها؟!
إذا لم تكن قراراته تتم وفق دراسة وتخطيط، فلماذا الاستعجال في إصدارها؟! وإلى متى يدفع كل بيت كويتي ضريبة القرارات المتخبطة؟!
إلى متى تخرج قرارات تمس قضايا حيوية ثم يتم التراجع عنها بعد فشل تطبيقها؟!
والأهم من ذلك كله: لماذا سكوت أعضاء مجلس الأمة والناشطين السياسيين والمدونين عن هذا التخبط؟ هل ديوان الخدمة المدنية خارج دائرة المحاسبة؟ ألا يضر جميع المواطنين والمقيمين بهذا التخبط؟!
@mmaldgaini
[email protected]