هناك فرق كبير بين مبادر ومستثمر، ويبدو أن هذا الفرق لم يكن واضحا بالنسبة لأعضاء مجلس إدارة الصندوق الوطني للمشروعات للصغيرة السابقين والعاملين فيه والجهات التمويلية والمسؤولة الأخرى.
المبادر بطبيعة الحال هو صاحب المشروع، والمحرك الرئيسي والموظف الأهم في المشروع الصغير، أما المستثمر فهو شخص يملك السيولة النقدية، ليستثمرها في مشروع عن طريق تسليم الإدارة لأطراف أخرى.
المفروض، ان الهدف من هذا الصندوق هو تمكين ودعم المبادر حتى يحقق أهدافه، ما يؤدي الى نمو اقتصادي وخلق فرض وظيفية (74% من الاقتصاد الأميركي قائم على مشاريع صغيرة)، وكذلك تحويل المبادر من عضو خامل في القطاع الحكومي، الى مبادر نشط ومفيد للاقتصاد الوطني.
أما ما حصل في السابق، فهو تحويل المواطن من موظف حكومي خامل الى مستثمر عديم الخبرة، يتخذ قرارات استثمارية ارتجالية بسبب توافر المال دون خبرة، ما ادى الى زيادة أسعار الإيجار بالمتر المربع بشكل فلكي (من 18 دينارا الى 42 دينارا في مدينة الكويت)، وزيادة مصاريف التوصيل، وبيع المشروبات الغازية بعشرة أضعاف سعرها الطبيعي، وارتفاع أجور العمالة وغيرها من الأمور، الى ان اصبح منطق العديد من المبادرين عبارة عن اقتراض ثم تأسيس تجارة قابلة للضمان (اتيليه بخياطين أجانب، مطاعم بإدارة أجنبية، مقاهي شيشة بإدارة أجنبية، كراجات بإدارة أجنبية... الخ).
امتلأت بعض القطاعات مثل قطاع التغذية وقطاع اللوجستي (توصيل طلبات استهلاكية)، بمستثمرين عديمي الخبرة، ما خلق قطاعا هشا آيلا للسقوط وإفلاس العديد من المشاركين في القطاع، بسبب انعدام خبرة غالبية اعضاء هذا القطاع، ولك أن تتخيل حجم ضرر الإفلاس إن وقع، على قطاعات أخرى مثل قطاع التجزئة والصناعة.
والغريب في الأمر، أن التاجر العادي يقترض من بنوك تقليدية، بينما المبادر يقترض من بنوك داعمة (البنك الصناعي)، ويستخدمون المبلغ المقترض للاستخدام ذاته، لكن فوائد البنك الصناعي اقل من البنوك الأخرى.
الشق عود، واللخبطة عميقة، وتحتاج الى حل جذري من العمق، فكل التوفيق لأعضاء مجلس الإدارة الجدد كل باسمه، وأعانكم الله على هذه التركة الثقيلة البشعة، وآمالنا كبيرة بكم، وبوزير التجارة.