منذ اندلاع الأزمة الخليجية وتداعيات المواقف المضطربة، وما آلت إليه الانقسامات بين دول المنطقة، وصاحب السمو الأمير حفظه الله لم يدخر غرسا واحدا إلا وغرسه في جبين خليجنا الأزرق، فسموه يدرك ويعي تماما الاستشرافات المستقبلية المصيرية التي قد تودي بهذا النسيج إلى التقهقر والانشقاق إن لم تتوازن أطراف النزاع في كيفية الصياغة السياسية المرنة دون إملاء أو تشنج أو إقصاء.
هذا هو الشيخ صباح الأحمد، رجل المرحلة، أو فلنقل صمام أمان لا يقهر ولا يكل ولا يمل أمام الملفات التي أغلقت إبان أزمة الأشقاء وما لحقها من انعكاسات لم يسبق لها مثيل، وهو من أكد في لقاءات كثر بأهمية الارتقاء بمستوى الطرح الإعلامي والتعاطي بمنطق المسؤولية التي يجب أن تكون بين أبناء البيت الواحد بالرغم من المواقف الحكومية الرسمية.
وعلى هامش هذا التحرك الأصيل من الكويت أميرا وحكومة وشعبا، نرى تقلبات إعلامية ممنهجة في ضرب كل المساعي التي من شأنها ترسيخ الهدوء الإقليمي واحتواء الرأي والرأي الآخر وقبول وجهات النظر والجلوس على طاولة الحوار بشكل حضاري يتسم بالموضوعية واحترام السيادات دون نقصان أو تقسيم ! فلا يمكن أن نستوعب أن هناك أجنحة ترفرف بجانب جناح الكويت في التعاطي مع أزمة الخليج ! فهذا إعلامي مأجور يضرب وذاك صحافي مدفوع يعرقل وهذه مظلة إعلامية توشك أن تكون أقوى من أداة حرب مدمرة ! حتى أصبحت مهنة (الإعلام الهجين) هي من تتسيد المشهد دون حسيب أو رقيب!
نقول وبكل صراحة: إن شريط النفط الملتهب والذي يحتضن الخليج العربي هو من يجب الاهتمام بوجوده وأمنه بدلا من هذا التراشق! فالأوضاع الإقليمية باتت أكبر من قضايا خليجية داخلية تحل بدقائق! فها هي إيران ولبنان والعراق واليمن ومصر وسورية والكثير من البقع المهمة أصبحت قضايا شائكة جدا ولسنا بمعزل عنها، فالأطماع الخارجية أقرب إلينا من أي وقت كان، لأن الخليج هو الشريان الحقيقي الذي تتوازن به الدول سياسيا وعسكريا وإقليميا، ومع ذلك ما زال الحديث مسترسلا دون انقطاع عن ملف الشقيقة قطر التي نجحت في شد حبال ثباتها طوال الشهور الخمسة المنصرمة وها هي تتمحور من جديد في بناء جبهتها الداخلية وانفتاحها للعالم الآخر بكل مرونة ويسر، بالرغم من الخسارة المعنوية التي ألمت بالمنطقة دون استثناء.
يا أحبابنا: ارجعوا إلى حكيم الخليج فبيده مفاتيح كل أزماتنا الداخلية وهو الأجدر بالتعامل معها بحرفية مطلقة، فشعوبنا لا تقوى على شتات اجتماعي يتجدد كل يوم، ويطول أمده المزعج! فالدم والمصير صنوان لا يفترقان.
وللحديث بقية.
m_alenezikw@