حشد قبلي، تجمهر، شحذ الهمم ورفع شعارات إقصائية، توسع فئوي منقطع النظير، الخ.. سؤالي: منذ متى تخرج هذه الظواهر خارج نطاق الأعراس والمناسبات السعيدة؟ منذ متى وأبناء الوطن الواحد يتمترسون على بعضهم البعض في ظل نفوذ القرار السياسي الصارم الذي ينظم العلاقة بين الدولة وأفراد المجتمع؟، منذ متى والقبيلة أو الفصيلة أو العائلة يعلو صوتها وتتمدد أذرعتها الفضفاضة دون سقف يحدد مرونتها وطبيعة غلبتها؟ وعلى أي بند أو قانون أو دستور تتعالى أصوات العنصرية والتبعية والكراهية والجاهلية الأولى أمام هامة الدول ذات السيادة والحكم الثابت؟.. عجبي! ما بالنا نزج بالنسل الاجتماعي الأصيل هكذا دون هوادة! أوليست القبيلة حضنا وغطاء وأمنا للاستقرار الذي ينعكس على مناحي الدولة بكل مفاصلها؟! أو ليست القبيلة جامعة للأفراد والجماعات؟ أو ليست القبيلة مكونا مهما من مكونات المجتمع المتماسك الذي يسعى لمزيد من الترابط والوئام والتعارف والمصاهرة بين الشمال والجنوب والغرب والشرق؟ أو ليست القبيلة الصف الأول والنسيج الأوفر حظا لغرس ما جاز من العادات والتقاليد على جبين هذا الجيل والجيل القادم؟ ما بال قومي يتأرجحون من هنا وهناك؟ ما بال قومي لا يتحسسون انعكاسات هذه الإفرازات التي دخلت بين ثنايا الأسرة الواحدة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بسياسات الانتماء والولاء والبراء! ما بال قومي هكذا؟ والحوادث متسارعة، وتتقارب كل يوم من صحرائنا الملساء ذات العذرية والجمال! ما بال قومي يتصارعون ويتقاذفون ويتناحرون! وما علموا أنهم بين شظايا الهجاء والحداء والغناء والتفاخر والاعتداد والاصطفاف القبلي الحاد دون نذير يوقظهم بهول الاضطرابات التي تتأرجح نحو الانفجار الاجتماعي المزهق لا قدر الله!، ما جدوى من حديث الرجعية (هذا طويل وذاك قصير وهذا أصيل وذاك دخيل وهذا من علية القوم وذاك من أسفل القوم ! وهذا يشق عصا الطاعة وذاك لا سمع له ولا طاعة! ومصطلحات وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان ؟!).
يا قومنا: لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث أنكر أشد الإنكار على المهاجري والأنصاري، عندما قال المهاجري: «يا للمهاجرين، وقال الأنصاري يا للأنصار، فخرج عليهم، وقال لهم: «ما بال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم قال: «شأنهم» فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإنها منتنة»
(متفق عليه).
وللحديث بقية.
m_alenezikw@