ناصر الخالدي
اذا كان الطريق مظلما فلا تخف من السير في الظلام، فإنك لو حملت بيدك مصباحا لرأيت نور المصباح ينتصر على عتمة الطريق، ولو أردت السفر الى بلد لا تعرف طريقه ولا تدري شيئا عن اهله وهو بالنسبة لك شيء من المجهول فلا تبتأس ولا تحزن، خذ معك خريطة تستدل بها على الطريق وتعتمد عليها في تحديد وجهتك، وهكذا فأنت قد تحتاج الى اشياء كثيرة مفتاحها شيء واحد والمفتاح لا يفتح الا بابا واحدا، فعليك ان تعرف الباب الذي تريد فتحه وتختار المفتاح المناسب، والمفتاح في حياة الإنسان مثل الهدف او الغاية، فإذا اردت ان تكون مهندسا فعليك ان تهتم بأمور الهندسة والرياضيات، واما ان اردت ان تكون اديبا فعليك بكتب البلاغة والنقد والنحو حتى تصل الى ما تريد، لا تتعب نفسك ولا يضيق صدرك ان اخفقت، فربما تكون انت سبب الاخفاق وربما تدور حول الهدف دون ان تدري فالأديب عليه ان يدرك ان مفتاح الأدب ليس في الجبر والرياضيات انما هو في الشعر والقصائد، والمهندس لابد ان يعلم ان مفتاح الهندسة لا يوجد في قصص الغرام ومجلات التعارف، بل حتما هو في الهندسة والمعادلات.
قبل فترة قرأت على احدى السيارات من الخلف عبارة لفتت انتباهي، وجعلت اقلب فيها طرفي واقرأها اكثر من مرة، اقرأها مرة بصوت عال ومرة بصوت منخفض ومرة اقرأها بلا صوت، ولعلك تسأل عن العبارة التي ادهشتني هذه الدهشة، العبارة تقول «ماشيين ومش عارفين على فين رايحين» في بداية الأمر ضحكت واستغربت وتعجبت وقررت، أتدري ماذا قررت؟ قررت ان اناقش صاحب السيارة في هذه العبارة لعلي ان ناقشته اعرف منه سببا يجعله يكتب هذه العبارة التي لا تدل الا على الضياع والتخبط، المهم تقدم بسيارته فتقدمت وراءه، ثم وقفت الى جانبه ولم اكن وقتها رأيت سائق السيارة ولما نظرت كانت المفاجأة ان السيارة لم يكن بداخلها سائق كما كنت أتصور، وانما كانت بداخلها سائقة الى جانبها فتاة، فتنازلت عن امر النقاش واكملت المسير متعجبا مما رأيت، وليته كان حلما كباقي أحلامي التي سرعان ما تأتي رياح اليقظة فتبعثرها وانساها دون اسف، ولأنه واقع جئت اكتب حلا لهذه العبارة واناقش صاحبها عبر الحروف والكلمات لا عبر الأثير والمنعطفات.
هل الحياة بلا هدف وبلا غاية؟ ان كانت كذلك فإنها ستكون جامدة لا حراك بها، باهتة لا طعم فيها، فمن هذه اللحظة خذ اقصى اليمين واجعل لنفسك هدفا، حتى يكون الهدف خريطة حياتك، فلا تسر الا لتحقيق هدفك، ألا ترى في طريقك الذي تمشيه وانت لا تدري الى اين سينتهي بك مئات من البشر يمشون وهم مهتمون بالوقت، تبدو عليهم ملامح الحرص والاهتمام؟ ولو سألت اي واحد من هؤلاء عن امره فسيقول لك: انه الوقت، فهذا يريد ان يذهب الى عمله مبكرا، وهذا يريد ان يذهب الى زيارة صديقه المريض، وذاك يريد ان يذهب لانجاز مهمة رسمية لأن لهم أهدافا وغايات فالدقيقة عندهم لها الف حساب، إن ضاعت فلن تعود ولو كان الوقت سلعة تباع لما تأخر واحد منهم في شراء ساعة او ساعتين من الزمن يرتاح فيهما من عناء العمل وزحمة التفكير، فما بالنا نجعل الساعات تمر مرور النسيم على الحدائق والورد؟ نتأفف من طول الوقت ونتهم عقارب الساعة بالتحايل والتكاسل والوقت هو الوقت والساعة هي الساعة.
هذه الساعات تمضي من اعمارنا فلنستثمرها كما ينبغي، لتكون اهدافنا رقيقة كالورد عذبة كالفجر، ولتكون من اجل الاصلاح والتطوير والثواب والأجر لا من اجل العرقلة ومصالح النفس والتدمير، وانا بعد كل هذا اسألك: ما هدفك ايها القارئ الكريم؟ ارجو الرد عبر البريد الالكتروني وسأعرض الرسائل التي تصلني في هذا الموضوع مع مناقشتها في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.